صحف موريتانيا الساخرة تحظى بشعبية رغم حداثة التجربة

نواكشوط – سكينة اصنيب

altتحظى الصحف الساخرة بشعبية كبيرة في موريتانيا بفضل أسلوبها الساخر والمنتقد للقضايا الاجتماعية والسياسية، ورغم حداثة عهدها، إلا أنها استطاعت منافسة الصحف التقليدية وبث تجربة جديدة ومتميزة في الصحافة الموريتانية وهي اليوم ذات شعبية كبيرة في البلاد. 

وتتفوق الصحف الساخرة على التقليدية بفضل أسلوبها الساخر والظريف ولهجتها الشعبية وألغازها وقصصها، حيث استطاعت مغافلة الرقيب وتحقيق مبيعات أعلى من الصحف الأخرى. وتمزج هذه الصحف بين اللغة العربية واللهجة الحسانية المعروفة في موريتانيا، وتهتم بالشؤون الداخلية، خاصة السياسية منها، كما تخصص صفحات ثابتة للشأن السياسي الإقليمي والعربي.

توظف رموز التراث

وإلى جانب تعاطيها الساخر مع الحدث، تعتمد على مصادر غير تقليدية في أخبارها، كما توظف رموز التراث الأسطوري لتوصيل رسالتها ومغافلة الرقيب. ورغم تجربتها الفريدة، فقد توقف الكثير من تلك الصحف عن الصدور نتيجة انقطاع التمويل أو عدم رغبة أصحابها في مواصلة الكتابة، كما تحول بعضها إلى مواقع الكترونية، ولا تزال الصحف الساخرة تعاني من نقص في مواكبة التطور الإعلامي ودخول المتطفلين إلى ميدانها. وتعد صحيفة “أشطاري” “وتعني بالعربية “ماذا طرأ” أشهر صحيفة ساخرة في موريتانيا وتستخدم اللهجة الحسانية، مما جعلها تكتسب شعبية واسعة بين الموريتانيين، واستطاعت صحيفة “شي إلوح أف ش” بفضل أخبارها وحكاياتها السياسية الساخرة أن تسرق الأضواء في ظرف وجيز.

سوء الفهم

وفي هذا السياق، يقول حبيب الله ولد أحمدو رئيس تحرير جريدة “أشطاري” إن “فكرة الصحافة الساخرة في بدايتها كانت تعتمد على تبسيط المادة الإعلامية وإعادة تكريرها لتصبح في متناول عامة الناس حتى لا تظل حكرا على نخبة المثقفين في بلد تنتشر فيه الأمية، وذلك عن طريق تعليبها في لغة تجمع بين الفصحى والعامية، لكن بحيث لا تعمل على تعريب العامية ولا على تعميم الفصحى، فالقناعة لدينا راسخة بأن الحسانية فرع مورق من شجرة اللغة العربية الخضلة”. أماعن القصص والمواضيع التي تتناولها فيؤكد ولد أحمدو أنها “تتناول مختلف المواضيع المطروحة محليا سواء تعلق الأمر بما هو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ثقافي وتركز على النقد الملفوف بين السطور وخلف فكرة الخبر أو الموضوع مهما كانت طبيعته. ولإيصال الفكرة أيا كانت نستخدم مختلف القوالب المتاحة نثراً وشعراً فما لم يتسع له المقال النثري تخصص له قصة أو منظومة أو قصيدة أو عمود. ولذلك فصفحات أشطاري تحمل كلها طابعا إنشائيا لأن ما يهمنا من الأخبار هو موقع السخرية الناقدة دون إسفاف”. ويضيف ولد أحمدو أن ما يميز الصحافة الساخرة هو قربها من الناس، حيث ما يجده المواطن البسيط غير المثقف فيها هو نفسه ما يجده الأكاديمي، فاللغة جامعة تعطي لكل ذي مستوى حقه وهذا نعتبره عدالة في إشاعة الخبر والمعلومة بين الناس في بلد يفتقر للعدالة في مجالات أخرى. وعن المشاكل التي تتعرض لها الصحافة الساخرة، يقول ولد أحمدو “تعاني الصحف الساخرة مثل غيرها من أشكال الصحافة في البلاد معوقات جوهرية من أهمها انتشار الأمية وضعف التوزيع وضعف القوة الشرائية للناس واقتصار الخدمات الصحفية على العاصمتين نواكشوط ونواذيبو وسوء الفهم الذي يبديه البعض اتجاه رسالة الصحافة الساخرة التي رماها البعض زورا بأنها محاولة لتمييع اللغة العربية مع أن أشهر الكتاب الساخرين عندنا ذاع صيت أقلامهم عبر مقالات جادة فصحى حتى قبل ظهور الصحافة الساخرة، كما تواجه مشكلة أخرى وهي الفقر من حيث المشتغلين بها، حيث لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ولم يحدث أي تجديد أو تطور يجعل هذه الصحافة تستقطب أقلاما جديدة. ويعود ذلك لصعوبتها فهي تعتمد الموهبة وسعة الثقافة التقليدية والمعاصرة قبل الاعتماد مثلا على الشهادات والتجارب الإعلامية. ويشير إلى أن جريدته حققت تطوراً هاماً وانفتحت على باقي شرائح المجتمع، ويضيف “حاولنا في “أشطاري” إصدار جريدتنا باللغات الوطنية الشعبية، وفعلا استطعنا إصدار أعداد تمزج بين الحسانية والبولارية والصوننكية والولفية والعربية والفرنسية، ولكن ظهرت مشكلة كبرى أوقفت المشروع الطموح وهي عزوف الناطقين بهذه اللغات الشعبية عن التعاطي مع الصحافة فهم غير مبالين بما يجري وغالبيتهم تفضل الصحف الفرنسية كمصادر للأخبار”.

العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى