إلى الغزواني من مريض بالسرطان

الزمان انفو – كتب محمدالأمين محمودي: من كوتي الصغيرة لاحظت منذ يومين ان اشخاصا يتحركون بسرعة، جيئة وذهابا، ويجلبون معدات اعتقدت للمرة الأولى انها اجهزة طبية متطورة من التي يعدنا بها الساسة منذ اعوام كمخلصة لنا من معاناتنا مع هذا المرض اللعين،لكن الليلة اكتشفت انهم يقيمون منصة ويمدون اسلاكا كهربائية ليظهروك للأحياء مشعا ناصع البياض، وليسمعوا صوتك لنا معشر الراحلين،حقا لم افهم لماذا نحن بالذات، فلا اصواتنا تتعدى حناجرنا لتنفعك في الاقتراع ولا احداليوم يأتمر بأمرنا لأننا راحلون ولأننا صرفنا كل اموالنا لنحصل على غرفة بائسة في هذا المركز البائس، مركز الانكلوجيا،لماذا تصر ومتملقوك على ازعاجنا في نوم لانناله الا بالمورفين؟

ادرك انك عدو لنا من الآن، إذ انك ببساطة ستكون رئيسا والرؤساء هم السبب في مانحن فيه من الم وصداع ودوار وهزال وتساقط شعر..طالما كذبوا علينا وطالما وعدوا بتخفيف تكاليف العلاج الكيميائي، وصرنا نعرف بأن الكذب علينا لايحرج صاحبه، ففي النهاية ستتولى القبيلة تخفيف آلامنا حتى نرحل ان كنا اقوياء فيها وإن كنا ضعفاء فلن تكترث لأمرنا وسنرحل ببؤس وعذاب لامحالة.

رفاقك من سياسيين كانوا يكذبون علينا، بعيدا عنا ولم يجرؤ اي منهم على الاقتراب لمسافة مائة متر على الأقل اذ يعتبروننا مقبرة، على المار من امامها الترحم علينا لاغير.

ايها الرجل،رفاقي في الرحلة الأخيرة يسخرون الآن منك ويقولون إنك حلقت شعرك بهذه الطريقة تعاطفا مع مرضى السرطان،أرأيت كم هي بائسة نكات الميتين!
ارجوك ابتعد عنا،لقد ازعجني الصوت والصورة والأنذال الذين تتحرك ظلالهم تحت نافذتي ليتملقوك.

ارحل ففي اليوم الذي تصرخ فيه فرحا بأنهم سمحوا لك بنهبي ونهب البلاد سأمر جنازا في حوض سيارة-ان وجدت- من امام صورتك الكبيرة وسأنظر اليها هازئا وساخرا منك ومن السائرين في فلكك،لأن المصير عندكم هو من يحدد مصيركم ومواقفكم وليس الضمير،وكأنكم لاتعلمون ان المصير او المصران بلغتكم قد ينتفخ بالحرام فيتحول صاحبه الى نزيل في مركزنا،آه نسيت، فأنتم تمرضون وتموتون في الخارج فقط وتمرون -ان رحلتم- عبر ساحة ابن عباس،انتم لستم ثانويين في هذه الحياة مثلي ومثل القطب صاحب سرير الاحتضار رقم خمسة.بالمناسبة انه غاضب الآن منك، ولولا ربطه بجهاز تصفية ومصل وريدي ومنظم نبض لخرج مسرعا ومزق صورك.

ايها الراقص على رفاتنا،عالم كل واحد منا يختلف عن عالم الأخر،تعد الأسبوعين لتحيا واعدهما لأموت فابعد مسارك عن مساري..وتذكر ان الرقص لايمتع في المقابر تماما كما لايمتعنا الموت والاحتضار في المراقص.

صوت المكبر القادم من عندكم فظيع وازيزه يصم الآذان خاصة اذا كنتم تتحدثون عبره عن ان سلفكم انقذني وانه وفر العلاج لي بتكاليف رمزية وبأنكم ستدعمون جهد سلفكم هذا.

لن تفعلوا طبعا، لأنه لم يفعل قبلكم..حين يتم اعلانكم كسارق شرعي وتدبج القصائد وتنحر النحائر ويستنسر بغاثك اكون قد رحلت وتنفست الصعداء وذهبت الى رب رحيم علم مابي وبه ابتلاني حتى يرفعني اليه ويبعدني عنكم وعن عالمكم المتملق.
يوم انتخاب قومك وانصارك -بحسب الأطباء- هو يوم انتحاب سبدة وطفلين هم وحدهم من سيحس برحيلي وهم وحدهم من سيبكي ضحى ذلك اليوم.لكنني سأسعد حيث سأبتعد عن عالمكم القذر ايها الأحياء.

تبا لكم بكل لغات العالم.
ملاحظة: السرطان مرض ككل الأمراض يحتاج التشخيص الجيد والعلاج الفعال ويعود صاحبه كما كان قبل المرض

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى