ولد إدومو يغرد في ذكرى رحيل سميدع

الزمان أنفو – غرد الشاعر محمد ولد إدمو بنص شعري جميل في ذكري رحيل المناضل الموريتاني الكادح يميدع..المناضل الذي رحل عن عالمنا منذ أربعة عقود من الزمن..

 

إلى سميدع
#هذا_من_الصمت_يكفي

أخطأتَ يَوْمَ وشوشتَ في أذنِ الممرضةِ:
“ربعُ قرنٍ من الصراخِ كانَ يكفي..
سأجرِّبُ الصمتَ”

لماذا لمْ تنتظرْني؟
أدْري أنني تأخرتُ لأسباب تافهةٍ؛
تأخرتُ فقط عقداً وعاماً وبضعَةَ شهورٍ وساعتينِ وصيحةَ مظلومٍ وُلدَ للتوْ.
ثم جئتُ على موعدي صامتاً في حضرتكَ،
حاسراً قبعتي،
عاريا إلا من غصَّة.

كنتُ كلمةً على هامش صفحةٍ ما تزالُ خضراءَ في الأمازون؛
وكنتَ مَتْناً لا أحدَ يجرؤُ على قراءته حتى الصفحةِ الأخيرة.
اكتفوا منكَ بالصفحةِ الأولى،
ثم وضعوكَ على رفِّ الغموضِ… واختفوا!
الآن فهمتُ لماذا لم تنتظرني.

لم تنتظر.. ولَم أغضبْ
فقط هناكَ سيدةٌ سِتِّينيةٌ قالت إنها أرسلتْ صوتَها في البريدِ منذُ..
السيدةُ كانتْ في العشرين من وجعِها يَوْمَ شيَّعتْ صوتَها..
بالأمسِ سألتُها: ألم يصل بعدُ؟
فأشارتْ: ولم أسْتعِدْه!

يا صوتَها كلُّنا خائفون؛
أنا خائفٌ جدا كطفل يغرقُ،
قلِقٌ جدا كطفلةٍ تعبرُ للأنوثة فجأةً، دونَ سابقِ تطْبيعٍ مع اللونِ الأحمر!
كحاكمٍ يعرفُ أنَّ في المدينةِ صوتاً قادراً على الصراخ، جسماً قادرا على الإحساسِ بالألمْ!

معي سِرْبٌ من القصائدِ لم يتركوني أعلمه كيفَ يطيرُ،
وحنجرتانِ عتيقتانِ بِيعَتا بسوقِ “التبتابه” ذاتَ تصحيحٍ،
فلماذا لم تنتظرني؟
على الأقل حتى أحلَّ لغزَ الغيابِ،
وأكتشفَ عشرةَ فُروقٍ بين الأحبال الصوتية التي لم تصرخْ يوما،
وحبالٍ رمادية تشبهُ أربطةَ الأحذية العسكرية.

سميدعُ طال الغيابُ؛
ويوسفُ، ابني الذي جاءَ بعدكَ مثلي، يسألني:
لماذا لم ينتظرْكَ؟
فلماذا لم تنتظرني؟!

6 يناير 2020
نيو أولينز
الآن يوما واحدا قبل اكتمال الخمسين في الغياب !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى