المؤتمر الدولي الثاني.. نجاح التنظيم و ضعف المخرج المحلي

  صحيح أن المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمته نقابة الصحفيين الموريتانيين في نواكشوط حول “الحريات الإعلامية في موريتانيا” يومي 3 و 4 ابريل 2016 كان ناجحا بالمقاييس المعتادة للتظاهرات ذات الطابع الدولي من حيث التخطيط الإعداد والتنظيم والإدارة و عدد و نوعية الضيوف المشاركين من الخارج و من حيث كذلك الحضور الرسمي برغم ما اعترى لحظات الافتتاح الأخيرة من ارتباك حول مسألة تمثيل الجهة الوصية على انطلاقة المؤتمر علما بما أحدثه التعديل الوزاري الأخير من خلط الأوراق على الصحفيين في أمر الوصاية. و لكن المخرج النهائي للجلسات “العلمية” ـ و إن لم تبد كذلك و بالنتيجة في الطرح و المنهج و التناول ـ في شقه المحلي لم يحظ بقدر نجاح التنظيم حيث غابت الرصانة في أغلب المداخلات و بدا ضعف الجودة دامغا في محتوى بعض المداخلات و في ما صبغها من تدني الأداء و حضور الارتجالية الغير خافية اللذين طبعا المواضيع التي كان تم اختيارها مع ذلك و انتقاؤها بعناية فائقة بناء على أهميتها و علاقتها الوطيدة بموضوع المؤتمر. و لقد كان التعاطي مع المحاور باستثناء القليل منها باهتا و بمستوى دون المرضي من حيث التناول اللغوي الذي هجر “الفصحى” في الأغلب الأعم و التجأ، إنشادا للسهولة و نأيا عن عناء الجهد، إلى “الحسانية” التي لم تحمل إلى المشاركين متن المصطلحات و لا منهجية التناول في الدائرة العلمية التي اختيرت و تسمى بها الإطار في قالب “الجلسات العلمية”. و هو المُخرج كذلك الذي كانت صعوبة ترجمته للضيوف و كلهم بمن فيهم ممثل نقابات الشقيقة تونس ناطقين بالفرنسية دليلا آخر على ضعف متنه و خلو جله من مكامن الإثارة و الفائدة. ثم إنه الأداء الذي لم يطفئ أيضا ظمأ عديد الحاضرين من المشاركين و لا شفى غليل الكثير من المدعوين في مواضيع بدت أهميتها غير خافية من خلال عناوينها و في ما كان لتثري به من معلومات و توجيهات تزيد إلماما بجوانب موضوعاتها و إدراكا و انتفاعا بمحتوياتها. و قد بدا جليا عدم التحضير و استئثار السهل المرتجل و الاختزال و الاجتزاء و التلخيص و إيثار التعبير بـ”الحسانية” دون الفصحى و استبدال بعض المصطلحات العلمية المتعارف عليها اصطلاحا و مهنيا و علميا بأخرى لا تحمل المعنى و لا الدلالة و لا تؤكد أدوارها المرتبطة ارتباطا وثيقا في نقل التناول من القاعات الحديثة و هدوئها الملهم و ما تشترطه من انضباط و “كرتيزية” إلى أجواء حميمية البيوت و تحررها من قواعد الضبط و إسقاطها لوجوب العلمية و افتراض الأداء المحسوب.    و هو الوضع الذي يستدعي ـ بهذه “الميوعة” التي أصبحت بالغة الانتشار و الانسحاب على معظم التظاهرات التي تشهدها ساحة عطاء البلاد العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية ـ في المستقبل مراجعة معايير اختيار المختصين و الخبراء و المحللين المطلوبين إلى منصة الأداء المتقن و الإفادة المستوجبة بعيدا عن الحسابات التقليدية التي فرضت كل سلبياتها و أسقطت وجوب الجدية و الإتقان من خلال المُحاصَصَة المقيتة المزمنة المبنية على اعتبارات ذات صلة بدوائر النفوذ الموصومة بالصبغة “اللوبية” بكل أوجهها المعيقة لسبل العطاء البناء من ناحية، و لا تُعِير أيضا الجدارة و الكفاءة و الموضوعية و الرصانة العلمية أي اهتمام أو اعتبار من جهة أخرى.   الولي ولد سيدي هيبه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى