الراعي والفتاة وإبن الرئيس / حنفي دهاه(تدوينه)
كنت أول من نشر خبر إطلاق النار على رجاء بنت اسياديمن فوهة مسدس ابن الرئيس الموريتاني بدر ولد عبد العزيز.. و ذلك بعد الحادثة بأقل من عشر دقائق، و الذي أسعفني بالخبر كان نائبا برلمانيا صديقا، صادف وجوده في المستشفى رفقة زوجته، ورود إبن الرئيس و هو يحمل الفتاة مغمى عليها، ويطلب من الطبيب إسعافها..الطبيب تردد وقال إنه لابد من حضور الشرطة، غير إن بدرا شهر مسدسه و أقسم أن يفرغه في صدره، إذا لم يباشر علاجها فورا.. رضخ الطبيب المسكين لعلاج الفتاة المسكينة.
كنت أيضا السبّاق لنشر علاقة زين العابدين ابن الشافعي و مواطن مغربي بالحادثة، و قد اتيحت لي فرصة التواصل مع ولد الشافعي و هو في محتجزه الإنفرداي، حيث كان أحد أفراد الشرطة يدفع إليه هاتفه ليتصل بي كلما أراد ذلك، على أن يدفع له زيني مقابل ذلك.. و كان الشرطي الجسور يتصل بي أيضا ليزودني بالمستجدات.. كانت ظروف احتجار زين ولد الشافعي و الشاب المغربي بالغة السوء، أما بدر البدور فكان في “جناح ملكي”، ترد عليه جفان كالجوابي تهفق بالثريد و العصيد و العصير.. ضغطوا على الشاب المغربي ليشهد بأن ولد الشافعي هو من أطلق النار على رجاء، فرضخ لذلك مقابل أن يخلى سبيله. غير أن موقف بدر كان شريفا، و لقطاع الطرق معنى آخر للشرف، كما قال الحسن الثاني: رفض أن يلّبس صديقه التهمة.. و في المساء دخلت عليه أمه تكيبر و اخته أسماء، وبعد أن جلسا معه بعض الوقت، خرجت أسماء لتترك بدرا و أمه الحيزبون لوحدهما، غير أنها لم تستطع إقناعه بتلبيس التهمة لصديقه.. قال لها: لماذا لا نلبسها للمغربي؟.. قالت تكيبر: نعم.. ولكن المشكلة أن ولد الشافعي لن يقبل ذلك؟.. فوعدها بدر بأن يقنعه. في المرة الأولى التي يتقابل فيها بدر و زين ولد الشافعي بعد الحادثة، عانق بدر صديقه زين، و قال له: لمخزيّ تعبوك اتبان يصويحبي.. وفي طريقهما لتمثيل الحادثة أخبره بالضغوط التي تمارس عليه لتلبيسه الجريمة، و أكد له رفضه البات لذلك، ثم عرض عليه تلبيسها للمغربي، فرفض زين ذلك، و اختار أن يخلد في السجن على أن يقحم في الأمر بريئا.. عندها تم اللجوء للحل العائلي: تكليف الدي ولد الزين و سيدي ولد الزين بالاتصال بأسرة رجاء التي تمت لهما بأواصر قرابة، و دفع رجل الأعمال ايسلم ولد تاج الدين لوالدها 35 مليون أوقية، ليتنازل عن القضية.. كما وعدته وزارة المالية باستيفائه ديونه على الدولة، حيث أنه كان من بين مزودين تدين لهم الدولة بمبالغ مالية، كان نصيبه منها 11 مليون أوقية.. رفعت رجاء للعلاج في المغرب، و خصص لها آل عبد العزيز راتبا شهريا بـ 600 أف أوقية، ثم قطعوها بعد مرور عام على الحادثة.. أصيبت بالشلل.. و خرج بدر من دون أن يطاله حتى عقوبة الحق العام.. فقط تم تغريمه بـ 50 ألف أوقية، ثم أخلي سبيله. السؤال الذي أود طرحه في ظل الحديث عن إصابة راعي الرئيس بطلق ناري، سُجن صحفيون لأنهم نسبوا لمصادرهم المتطابقة اتهام بدر ولد عبد العزيز بأنه من أطلق النار: – إذا كانت أسرة ولد عبد العزيز قد بيّتت في السابق نيتها إلصاق جريمة إطلاق النار على زين ولد الشافعي، الذي يتمتع بحماية عشيرة ذات شوكة، و أخ معارض جسور، و خال كان يومها مدير أمن الدولة: محمد الأمين ولد أحمد، فهل يُعجِزها ذلك إزاء راع مسكين، مغلوب على أمره ” لايهش و لا ينش “.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك