من هي بنت اطويلب: بطلة قصة “إبنة الصياد”؟
يبدو أن كتاب “إبنة الصياد” (المعروض في الصورة) لم يثر اهتمام الموريتانيين إلا قبل أسابيع رغم أنه صدر سنة 2011 وأن الكثير من البرامج الثقافية والصحف تناولته بإسهاب. والحقيقة أن القارئ لفرانكوفوني وحده تابع فصول هذا الكتاب المميز وردود الفعل التي أحدثها، فيما غاب عنه القارئ العربي لانعدام الترجمة لدى الوسائط الإعلامية العربفونية في موريتانيا.
وبسبب قلة المعلومات حول هذا الكتاب وبطلته المثيرة، ارتأينا، في صحيفة نواكشوط، إتحاف قرائنا بمعلومات عامة عنه. قصة “إبنة الصياد”، التي تتحدث بأسلوب بالغ الصراحة والخفة عن حياة مريم بنت اطويلب، كتبتها المؤرخة الآنتروبولوجية الشهيرة سوفي كاراتيني، المديرة السابقة للمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية، ونشرتها مطابع اتييري مارشيس سنة 2011. أما بطلة القصة، مريم بنت اطويلب، فهي موريتانية تعيش في باريس منذ عقود، تبلغ الآن من العمر 76 سنة، وهي متزوجة من فرنسي. وقد ولدت بنت اطويلب في حدود سنة 1940 من أب من قبيلة انمادي (المتخصصين، حينها على الأقل، في صيد الوحوش البرية، وهو ما استوحت منه الكاتبة عنوان القصة) ومن أم من قبيلة لادم الذين تصفهم البطلة نفسها بأنهم “محاربون منمـُّون”. وقد ترعرعت بنت اطويلب، في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، داخل تجمع من “كوميات” المجندين في حامية عسكرية بمدينة أطار حيث تعرفت على الفرنسيين وعلى الثقافة الفرنسية. وتقول الكاتبة سوفي كاراتيني في مقابلة لها عن الموضوع: “مريم بنت اطويلب سيدة موريتانية، أعطاني أحمد بابه مسكه، المشرف على أطروحتي سنة 1973، عنوان منزلها في باريس ونصحني بالاتصال بها على اعتبار أنه بإمكاني أن أجد معها بعض الموريتانيين لأنني كنت أعد مشروعا حول الاقتصاديات الرعوية لدى أهل الإبل. وبسرعة أصبحت صديقتي، لكن ظروف الحياة أبعدت بعضنا عن بعض لفترة من الزمن. وذات يوم وجدتها صدفة، في أوائل التسيعنات، وسط حشد كبير متجمهر في شوارع باريس احتجاجا على مشاركة فرنسا في حرب الخليج الأولى. خلال تلك الاحتجاجات تعانقنا من جديد. وبعد نقاش متشعب طلبتْ مني أن أكتب قصة حياتها. فقبلتُ بكل بساطة”. وتقول مريم بنت اطويلب نفسها، في لقاء بثته إذاعة فرنسا الدولية سنة 2011 حول الكتاب المذكور، ان والدها هامَ بأمها وأحبها كثيرا وأن أمها عشقت والدها، لكن والدها لما طلب يد أمها رفض أهلها تزويجها به، فاختطفها وزوجها لنفسه. وتحكي مريم في بعض فصول الكتاب عن المعاناة التي سببها لها “لبلوح” وعن زواجها القسري (الأول) وهي بعد في التاسعة من عمرها، وعن أشياء أخرى من ضمن “المسكوت عنه” عادة في مجتمعها الأصلي. مريم بنت اطويلب باتت اليوم تمثل، بالنسبة للنقاد الفرنسيين، حلقة الوصل ومثال الاندماج الناجح بين العالمين البدوي والعصري وبين الحضارتين العربية والغربية، لذلك يولون كتابها قدرا كبيرا من الاهتمام.
خاص/ صحيفة نواكشوط