يوتوب: قصة ولد سعيد ولد عبدالجليل مع “منت البار”
غادر ذلك الرجل الأربعيني خيام الصوف المتناثرة بين التلال تناثر حبات سبحة متقطعة، تاركا وراءه عجوزا وسبع أخوات، كانت رحلة شتوية يريد من ورائها العثور على فتاة كثيرا ما تحدثت عنها الركبان ولهجت ألسنة شعراء الغزل بذكرها، إنها الفتاة بنت البار، ليلى زمانها وشامة عصرها..
لم يلتفت محمد عبد الله ولد سعيد ولد عبد الجليل إلى الوراء رغم معاناة الأهل العائلة الفقيرة التي لا تزيد ثروتها على حمار واحد حاول بيعه أكثر من مرة لكن تلك العجوز رفضت الصفقة لأنها تدرك بجلاء أن الرجل يبيت نية أخرى.. سار الرجل الملثم ثلاثة أيام بلياليها في برد الشتاء القارس حتى حانت لحظات الفرح، تتراءى له على مد البصر خيام من فجوات غابات الطلح والقتاد إنها مرابع بنت البار، الآن يسأل عن منزل بنت البار ويصل إلى خيمة مضروبة تحلق فيها فتية صغار بالنسبة لسنه، قال في سؤال استنكاري: ـ أين هي منت البار؟ ـ وما حاجتك لمنت البار؟ ـ لعله شيخ له حاجة، ربما يسأل عن ضوال إبل!! قالتها بنت البار وقد خرجت من الخيمة وقطعت خطوات نحو الرجل التائه، تسأله والدي ماذا تريد؟ قلب الرجل طرفه ذات اليمين وذات الشمال في جسم الفتاة السمينة ، ونظر نظرة متفحصة في عينيها قبل أن يجيب على السؤال: ـ لدي سبع أخوات وعجوز ولهن حمار واحد ما رأيك هل نبيع الحمار؟ أم نتركه؟!! ضحكت الفتاة من هذه المفاجأة، لكن الرجل كان يتأمل ويتأمل حتى رأى جسدها الناعم، وخرجت من بين يديه وهو يتبعها النظرة النظرة.. خرج ولد سعيد وهو يتمنى لو كان شاعرا فيما مضى من أيامه وسنينه الخوالي، حتى إذا ما نزل عند الأديب محمد ولد هدار ناسيا تلك الأسرة التي تركها قبل أشهر وهو يتعلم الشعر البيظاني عله يتمكن من تدوين كلمات ولو قلية عن تلك الفتاة العالقة في وجدانه.. لقد بلغت نظراته إلى الفتاة مبلغا فرض عليه أن يهجر مرابعه ويترك أهليه و يتعلم الشعر الحساني، وقد قارب الخمسين من العمر كان يتردد بين منزل منت البار ومجلس محمد هدار، وفي يوم ممطر خرج بعد الصحو فإذا الفتاة تسخن ثيابها المبتلة على نار أوقدتها قرب خيمة الصوف فقال في مستهل رحلة الغرام: أمْنادمْ ما شافْ التِنشافْ……. اعل منت البارْ اعلَ نارْ اتنَشّفْ خلِّته ما شافْ……. التنشافْ اعلَ منت البارْ وتمضي الأيام والسنون وهو يتردد قرب ديار منت البار، وتتزوج الفتاة برجل آخر سيسير بها مسيرة زمان إلى بلاد أخرى، فيتمنى الرجل الذي تقدمت به السن أن يراها.. جلس ذات مرة في شهر ذي الحجة يتمنى أن يرى الفتاة قالوا لا تمكن زيارتها قبل شهر جمادي الأول ذرفت دموع الشيخ العاشق وهو يتمنى أن يرى هلال جمادي الأول في الليالي الأولى من شهر ذي الحجة: مِنْ عَاشُورْ اِيلَ الْبِيظْ اُخِيظْ ذَاكْ امْنْ الشِّهْرَ دَهْرْ اغْلِيظْ رَاهْ اطْوِيلْ ازْمَانُ وُاعْرِيظْ مَايِكْصِفْ عَنْ گِدُّ مَحْصُورْ وَاكْتِنْ عَادْ اَلِّ عِطْبْ احْفِيظْ نَفْسِ مِنُّ وُالْعِطْبْ اغْرُورْ فِالْبِيظْ امْنَكْفَرْلِ بِاگْبِيظْ اَلِّ عَيْن ِ فيهْ امْنْ الصُّورْ عِتْ ءانَ مِنْ عِزِّتْ لِگْرِيظْ لِلشَّهْرَ وُاجْبِيرْ الْمَدْيُورْ نِتَّاوُگْ دَايِرْ شَوْفْ الْبِيظْ مَزِلْتْ افْگَمْرَايِتْ عَاشُورْ
وفي يوم آخر من أيام قيس الموريتاني تأتيه الأخبار أن منت البار قد طلّقت من زوجها فيكتب في حروف من الغرام النظيف إلى صديقه الأمير محمد لحبيب:
لَحَّگْ لِلِّ وَاسَ فِالشَّرْ= الْ لاَحِگْ لَخْلاَگْ اُلاَظَرْ مِسْلِمْ عَنِّ نِبْغِ نَجْبَرْ = مَرْكُوبْ اِمَرَّگْنِ لِلدَّارْ اجْمَلْ مَعْلُومْ اِعُودْ اذْكَرْ= نِبْغِيهْ اُخَالِگْ مِنْ لَخْبَارْ اَلِّ مَذْكُورْ الْحَگْهُمْ شَرْگْ = كِيفِتْ تِخْلِيِّتْ مِنْتْ الْبارْ رَاعِ ذِيكْ اِيلَ عَادِتْ حَگْ = كَافِينِ مِنْ مَرْكُوبْ احمارْ
ويمر ذات يوم في قافلة حتى يصل لربوع “امبطارْ” فيتذكر لقاء حصل قبل سنوات مع منت البار فيبكي بكاء شديدا، قالوا وما يبكيك؟ قال:
حد اكصرلِ ذالدهر اكْطارْ = الدّمع ْاعْلَ دارْ امبَطارْ حكْ انْ ذاكْ اعلَ مثلِ عارْ = وسَو يكصر حد اتواسيهْ غيرْ اكطارْ الدّمع اعل دارْ = امبطار ابلا غرظِ فيهْ فالغرظ ان نتفكد ش = فم اعييْت انراهْ ابديهْ ويتم اادمع الا يمشِ = ماه كاع آن لمشيهْ
مختار بابتاح
اضغط هنا لسماع القصة كما يرويها عميد الأدب الشعبي الراحل محمدن ولد سيدابراهيم