Biladi: حمى الذهب.. خيبة أمل كبير للمنقبين
عشرات المليارات المستثمرة في البحث المحموم عن المعدن الأصفر قد تتحول ببساطة إلى خسارة قاضية، صدمة للآلاف من الشباب الذين فقدوا كل شيء في هذه الصفقة الخاسرة حتى الآن. ما بين أربعين وخمسين ألف من الشباب الموريتانيين بين العشرين والأربعين عاما، من داخل البلاد وخارجها، اقتحموا منذ أكثر من شهر منطقة تازيازت بحثا عن الذهب. على وقع قصص خيالية تتحدث عن كميات كبيرة من الذهب يمكن جمعها دون بذل جهد كبير، ليصبح كل منقب بين عشية وضحاها من الأثرياء.
وفي مثل هذا الوقت الصعب لم ينتظر الناس للتحقق من الإشاعة، ودون أن يسألوا أسئلة كثيرة جدا، عقدوا العزم على عدم تفويت الفرصة من حياتهم. في نواكشوط كانت هناك طوابير طويلة أمام بعض المحلات التجارية التي فُتحت على عجل لبيع أجهزة الكشف عن المعادن والتي ارتفعت أسعارها بسرعة إلى أكثر من مليون أوقية. كان الضغط قويا إلى حد الخشية من نقص عالمي في مثل هذه الأجهزة. وكانت الطوابير نفسها أمام مكاتب الجمارك في نواكشوط وتلك التابعة لوزارة المعادن. في موقع البحث في تازيازت تكاثرت الخيام مثل الفطر. في كل خيمة أربعة أو خمسة أشخاص اشتروا معا جهاز الكشف عن المعادن، ودفعوا التخليص الجمركي، واستأجرو سيارة رباعية الدفع ووفروا تموينا لأسابيع. في المتوسط، مبالغ الاستثمار الأولية في حدود ستة إلى سبعة ملايين أوقية لكل مجموعة. فمن أين خرجت هذه الأموال الطائلة خلال هذه الفترة الصعبة لتغطية مثل هذا الاستثمار؟ بالتأكيد ليس من البنوك التي يتزايد عددها كل يوم دون أن تساهم في تنمية البلاد. في الغالب تلك المغامرة في البحث عن الذهب يتم الإنفاق عليها من قبل المعنيين أنفسهم. فهناك من باعوا منازلهم لتمويل تكاليف البحث عن الذهب، والبعض الآخر استدانوا. وللأسف، كان الحصاد هزيلا للغاية وبعيدا حقا عن التوقعات، فلم يتجاوز بضع غرامات من الذهب، وهو ما لا يغطي قيمة استثماراتهم. وبالإضافة إلى منطقة البحث المحدد من قبل الوزارة اندفع الباحثون عن الذهب إلى المنطقة المحمية من تازيازت في تحد للحظر على الرغم من وجود قوات الأمن التي أُجبرت على أن تفسح المجال تحت ضغط حشد من عمال مناجم الذهب الذين فقدوا كل شيء في هذه الصفقة. الشباب لا يريدون العودة بخفي حنين من هذه الرحلة غير العقلانية من البداية… البعض منهم يشعرون بأنهم قد تعرضوا للتضليل من طرف الدولة من خلال فرض شراء تراخيص البحث الذهب وجمركة أجهزة الكشف عن المعادن، وهذا يعني أن هناك وجودا لهذا المعدن الثمين. والدولة مثلها مثل كل أصحاب المصلحة الآخرين في مغامرة الذهب، أرادت الاستفادة من هذه الصفقة التي قد أكسبت منها ما بين 6 و7 مليارات أوقية؛ وهو خطأ كبير ففي مالي، على سبيل المثال، لا تأخذ الدولة من المنقبين عن الذهب أي شيء وبالتالي تتجنب أي مسؤولية تجاههم. على أي حال، فقد كلّف التنقيب عن الذهب في بلادنا فقدان عشرات المليارات من الأوقية، وهي خسارة يمكن أن تؤدي بالمنقبين إلى التقدم أكثر نحو المنطقة التي تغطيها رخصة شركة تازيازت. فماذا سيكون إن وقع ذلك؟ وما هي ردة فعل الدولة الموريتانية؟ هل ستعاقب الناس أو تراجع العقد الذي يربطها بهذه الشركات متعددة الجنسيات؟
ترجمة موقع الصحراء