لا تتأدبوا، أراحنا الله من كل أمثالكم/ سيدي علي بلعمش

 كل ثورات العالم قادها الشعراء و الأدباء و الفلاسفة:


ـ مفدي زكرياء ، محمد الشبوكي… (الجزائر) 


ـ محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد… (فلسطين) 
و ما زال أبو القاسم الشابي ظاهرة تونسية تكبر مع الزمن، ليقول رابين ـ حين رأى شبانا فلسطينيين يحملون لافتة كتب عليها “إذا الشعب يوما أراد الحياة…”

ـ (ما معناه) هذه أول مرة يرتعش فيها جسمي خوفا من العرب. 
إن تاريخ أمة لا يكتبه الشعراء لا يخلق وجدانا  وطنيا تتربى عليه أجيال المستقبل . و الآباء الذين لم يسلموا شعلة مجد لأبنائهم، تركوا جيلا معقدا بلا أوطان و لا هوية من أمثال ولد عبد العزيز، يعادي  الشعر و الأدب و يسخر من أروع أبعاد الإنسان. 


كل التحولات النوعية التي شهدها العالم، أطرها و صممها الفلاسفة و الأدباء و أشعلتها و خلدتها قصائد الشعراء.  
فولتير ، ديدرو، هيغو، أناتول فرانس، الكونت دي شاتو بريان، لامارتين، هؤلاء هم فخر فرنسا اليوم رغم أنها لم تعطيهم إلا السجون و النفي و التهميش و الحرمان.. 
لا شيء يسيء إلى الشعر أكثر من امتهان الدراويش له، كما صار اليوم في موريتانيا، حيث يداس الشعر و كرامة إنسان 
لا شيء يخجل الشعر أكثر من البرودة العاطفية.. لا شيء يهين الشعر أكثر من البرودة الوطنية..  
ما هو الشعر إذا فقد الفحولة و الفروسية .. إذا تنازل عن القيادة و الريادة و الكبرياء ؟؟؟ 
الشعراء الدراويش جنس ثالث، مثل اتحاد الأدباء الموريتانيين، يسيء إلى سمعة المجتمع و تاريخ البلاد..    
شكرا للشاعر و الأديب الدي ولد آدبه على مقاله الرائع “وظائف جديدة” و على نهايته الموباسانية “تأدبوا يرحمكم الله”، القاتلة. 


ـ شكرا له على الانتماء لموريتانيا المهانة .. على إعلان التمرد و العصيان، حين استسلم الجميع لمنطق “لماذا أقاوم و أصمد ما دام الاستسلام أقرب طريق إلى النجدة؟” :

لئِـنْ فــــاضَتْ بنـا كـلُّ المَنـــافي / سَيَنْهـارُ الجدارُ.. حِمَـى الـذئـــابِ 


شكرا له على الدفاع عن الشعر حين ترنمت بحاله حرقة السؤال : مِنْ أينَ يَنْبِجِسُ الشِّعْـرُ الجميلُ..وفي  / عيــوننا.. يَكتبُ القبحُ الــــدواويــنــــــا؟ 


لقد كنت أديبا حين صرخت في وجه هذا الخراب و الابتذال و كنت مؤدبا حين أوصيت بوداع الأبطال “عليكم بالأدب يرحمكم الله” 
ـ شكرا لصديقي الصعلوك أبو شجة على التنفس في بؤره حين ظلمه زمن شعراء المناسبات .. على التمسك بدم ياقوته ، حين أصبحت الصورة الأدبية طفرة مزاج ناقد تعني الشيء و عكسه، طوعَ المصالح و المقام.. شكرا لشموخه المغضب لكل لجان النقد المخضب بدماء الانتقاد.. شكرا لترفع نفسه الأبية عن كل ما يمس من مقام الشاعر .. من هيبة الشاعر .. من تمرد الشعر . فليكن عزاؤك في قول امرئ القيس “و من يحرث حرثي و حرثك يُهزل” ؛ لقد أفسدت الجوائز الشعراء و أفسدت شروطها الشعر.


شكرا يا شاتوبريان موريتانيا و آخر عروة كبرياء. 
ـ من “قلة الأدب” أن يكون وطننا على هذا الحال و تكون كل ملاحم شعرائه في تأبين منحرف أو تهجين غرض شعري لتحويله إلى منحدر حماس مدر للدخل. 
ـ من “قلة الأدب” حقا يا ولد آدبه أن تكون بلادنا مستباحة إلى هذا الحد من قبل عصابات أجنبية ، تنهب خيراته و تذل أكارمه و يكون كل شعرائنا طابورا ثانيا كزوجات قادة حزب الحاكم، أو طابورا ثالثا كقادة أحزاب الأغلبية الكرتونية أو رابعا كمعشوقات محسن أو خامسا كروابط الصحافة و مواقع التزلف، في صراع مستميت على زعامة جثة اتحاد كل تاريخه عار و مذلة و ابتذال..


ـ من “قلة الأدب” و قلة التأدب مع حضرة الشعر، أن يصبح التزلف رجولة و النفاق فضيلة و صالونات تجار المخدرات و أكلة المال العام عكاظهم الأوحد و مربدهم الدائم.. 
من العار المخزي أن ينصب اهتمام أدباء بلد كامل حول تولي قيادة “اتحاد” بائس، يطالب انصفهم بتحويله إلى مكتب مخابرات و يطالب الآخر بتحويله إلى مفوضية شرطة.. 
تأكدوا يا جوقة التهريج و التزلف أن لموريتانيا حراس ذاكرة لا يتجاوزون كبيرة و لا صغيرة.. 
تأكدوا و أنتم تدفنون رؤوسكم في الرمل حين اغتصب الوطن، أن عاركم محفوظ و جبنكم  محفوظ و طمعكم محفوظ .. 
تذكروا ـ حين وقعت موريتانيا ـ أن خناجركم جميعا اتجهت إلى نهب جيوبها .. إلى منادمة قاتليها.. إلى التغني بأمجاد ناهبيها .. 
تذكروا أن مواضيع و شروط جوائز مسابقاتكم، ظلت منهجا متقن التفاصيل لتهجين الشباب و سجن أفكارهم و توجيه إبداعاتهم من خلال انطباعاتكم الفاسدة التي تسمونها نقدا ، إلى كل ما يقتل الشعر و يحول الشاعر إلى مهرج بلا رسالة و لا وطن و لا رأي و لا مسؤولية .. 
ليس في تذاكيكم ما يخفى على أغبى الناس.. ليس في تمصلحكم و تموقعكم و ارتزاقكم ما يستطيع أي جبل إخفاء أدخنة نيرانه  و لا أكوام رماده.. 
كيف يكون الشعر حين لا يتمرد ..؟ 
كيف يكون الشعر حين لا يغاير .. حين لا يخالف .. حين لا يتفرد بالقرار الوجداني؟؟ 
كيف يكون الشعر حين يصبح مصلحة إدارية ملزمة بقواعد الحضور الصباحي و شروط الانضباط الوظيفي؟ 
كيف يكون الشعر حين تحدد إمارته إمارة لم تلد شاعرا على امتداد التاريخ؟ 
كيف يكون الشعر حين يحاكِم الأعمى من أسمعت كلماته من به صمم ؟ 
ما أنتم إلا مأساة الشعر على أرضنا .. 
ما أنتم إلا خجل شعب فاضت كأس كبريائه بذل أنفسكم و غصت حناجره بانحطاط همومكم و ارتخاء عضلات فحولتكم..  
ما أنتم إلا عار هذا البلد الصامد تحت طعنات ممدوحيكم .. تحت طعنات غدر مضيفيكم.. تحت طعنات حقد مذليكم .. 
ـ ما أسهل الشعر حين يصبح “جاء الزعيم” شطر بيت يكفي النقد “نصب” حال طلته البهية. 
ـ ما أسهل الشعر حين يصبح الجبن صمودا و السكوت على الظلم فروسية و الوقوف عند إشارات المرور الحمراء، سلوكا إبداعيا متحضرا لا تخضر له طرفة إشارة..  
كل قبعات أحرار موريتانيا اليوم للشاعر المبدع ولد أمصيدف، فبأي مجد يتغنى “اتحاد الأدباء الموريتانيين”؟ 


أين اتحدتم ؟  
أين تأدبتم ؟ 
 أين تمرتنتم؟ 
كيف يتغزل الحقير؟ كيف يفتخر الضعيف المذل؟ كيف يهجو الطامع الجبان ؟  
تفننوا في صناعة أغراض على مقاساتكم و حسب حاجاتكم و على قدر طموحاتكم الصغيرة؛ فأنتم مبدعو تطعيم المناسبات و ملء الفراغات و صناعة غرائب زخرف ملابس البهلوانات : 
 امدحوا كل حقير عفه الهجاء ،  
تعاوروا كل غانية يروض عاشقَها خببُ الشعراء،  
أمزجوا الشعر بالغناء و الغنى كي تركبوا هوادج كل الشواعر و مطي كل الشعراء ؛ 
 القائد الملهم أمد الله في عمره و أطال بقاءه، وفر المنابر و الأبواق و أحل الخمور و الفجور و البغاء و البقية عليكم معشر الشعراء.

  
تكاثروا فإنه مفاخر بكم المعارضة “يوم الحشر” 
تنازعوا فإنه مناطح بكم المعارضة يوم الزحف  
ـ ما كان ينبغي للشعراء أن يكون لهم رأي في الحوار لأنه خدمة وطنية مجانية  لا تغري الديوث المكفهر..

  
ـ ما كان ينبغي للشعراء أن يكون لهم رأي في الدستور لأنهم مخصيون حتى الخنوثة .. 


ـ ما كان ينبغي للشعراء أن يكون لهم رأي في الحكامة لأنهم ورثة  الدراويش و الخمول..


ـ ما كان ينبغي للشعراء أن يكون لهم موقف من أي جد لأنهم حراس العبث و المجون ..


ـ ما كان ينبغي للشعراء أن يكون لهم موقف معلن من أي هم وطني لأن الحمائم لا تقارع الصقور 
متى تتحرك مشاعركم المصفحة أو تصمت قصائدكم المبلدة؟ 
نهبت خيرات البلد .. أذلت أحراره .. اضطهدت ضعافه.. احتقرت أمجاده، ألا تستحق موريتانيا بكائية تأبينية من طوفان دموع بكائياتكم الجنائزية؟

هل امتصت “الرحمة” ما تبقى في خوائكم من رحمة؟ 
ماذا يصبح الشاعر حين يلبس جلد الحرباء و يذرف دموع التماسيح؟  
ترنحوا على كل منابر الخيانة و الارتزاق .. 


تزاحموا عند شباك لوائح مهرجانات سباق الحمير و مسرح بنه و خطابات عزيز في المدن القديمة .. تراكلوا عند بوابة كل فاسد حقير ..  
تنابزوا فكل الألقاب القبيحة صممت على مقاسات أمثالكم..  
 أنتم وحدكم في حل من دين الوطن  
أنتم وحدكم في حل من واجب الوطن 
أنتم وحدكم في حل من عار الخيانة و الجبن  
فلا تتأدبوا، أراحنا الله من كل أمثالكم  


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى