لم يبق غير حل المولوتوف / سيدي علي بلعمش
ـ كان تقرير فيليب آلستون (المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الفقر المدقع و حقوق الإنسان) محرجا نعم.. كان خطيرا نعم.. كان مؤسفا نعم، لكنه كان بالغ الدقة والمهنية و الموضوعية و في صلب مهمة الرجل.
و ما تجاوزه الجميع في انتقاد التقرير من مطبلي النظام، لا يقل إحراجا و خطورة من محتوى التقرير في صلب اختصاصه و هو أن الرجل لم يستطع أن يجد إطارا واحدا في هذا النظام كله يستطيع الرد على أي من أسئلته أو تفسير أي إشكال من استشكالاته. لقد تم تدمير الإدارة و إخلاؤها من كل الخبرات، فماذا تنتظرون بعد تحكم الجهلاء في كل شيء في البد؟
ـ كان تقرير المخابرات الأمريكية الذي توقع قيام انقلاب في موريتانيا بسبب فوضوية التسيير و تراكم ثروات البلد في دائرة ضيقة من مقربي ولد عبد العزيز، رسائل أمريكية واضحة إلى ثلاث جهات :
ـ الرسالة الأوى، إلى الجيش الموريتاني بأن أمريكا ستتفهم أي انقلاب يقوم به و لن تقف في وجهه باعتباره انقلابا مبررا بما تعيشه البلاد من فساد و حيف و عدم عدالة في توزيع الثروة.
ـ الرسالة الثانية إلى ولد عبد العزيز و مقتضاها أن أمريكا لن تقبل مهما فعل، ترشحه لمأمورية ثالثة..
ـ الرسالة الثالثة إلى حاشية ولد عبد العزيز الانتهازية بأن عليهم أن ينجوا بأنفسهم قبل أن تدركهم لعنته..
بعد الهجمة الإعلامية الفرنسية الشرسة على أيادي كبار خبرائها في القارة ، التي أظهرت ولد عبد العزيز على حقيقته :
ـ آلين أنتيل : “النجم الباهت للرئيس ولد عبد العزيز” (4)
ـ نيكولا بو ” الأرقام السرية للفشل الاقتصادي الموريتاني” (5)
و التقارير العديدة التي أشرف عليها فريق تحرير “موند آفريك” و “جين أفريك” و ما تلاها من تقارير إيطالية ، ازدادت شراسة بعد اكتشاف خطف النظام الموريتاني لمواطن إيطالي على أثر اشتراء أجهزة تجسس على المواطنين، خسرت العصابة بموجبها مليون و خمسمائة ألف أورو من أموال هذا الشعب البائس.
بعد هذه الهزة العنيفة الكاشفة عن أبعادها الأخطر، قام محامي الشيطان جمال ولد محمد بتقديم رشاوى سخية وصل إجمالها 400 ألف أورو (حوالي 200 مليون أوقية) حسب الصحف المحلية، لبشمركة الصحافة الفرنسية (3) لتنظيم قافلة إلى موريتانيا في محاولة يائسة لتجميل وجه نظام سيكتشفون أنه لم يكن غير عصابة أشرار. و قد تم تحذير الجهات التي أوفدت هذه القافلة التائهة، من تجاوز الحقائق و تم وضعها أمام مسؤولياتها في كل ما ستنقله عن بلد أصبح الجميع يعرف حقيقة نظامه الفاسد، و دوافع المحامي الذي جندهم للمهمة ، الشريك في هذا الفساد من أكثر من زاوية مع الأدلة المادية الدامغة (6) ـ الحوار :
الحوار سيكون مصيدة النظام الأخيرة التي لن يستطيع الخروج مها:
ـ ما يريده ولد عبد العزيز من الحوار هو أن يقترح هو نفسه حل الدستور و يفتح باب الاقتراحات للآخرين و من بينهم من يكلفهم بالمطالبة بتغيير المواد المتعلقة بفتح المأموريات و إلغاء اليمين. و هذا بالضبط هو ما ينتظره صيادو الفرص ممن قرروا المشاركة معه في الحوار من جهات يسميها معارضة :
ـ لن يقبل صار و جناحه بأقل من مطالب “إعادة التأسيس” : تغيير العلم ، تغيير النشيد الوطني، تغيير التسمية لتكون الجمهورية الموريتانية فقط، تغيير الشعار، و مع النزول إلى التفاصيل سيطالبون بإلغاء كل ما يفهم منه أن الدولة دولة البيظان كما يدعون. ـ لحراطين يروجون منذ فترة بأنهم أصبحوا يمثلون أغلبية في هذا البلد و ستتمحور مطالبهم حول تغييرات تقر هذه النتيجة زيادة على مطالبهم الحقوقية التقليدية.
إذا أدرجت هذه المطالب في الدستور و مرره البرلمان و مجلس الشيوخ ، لن تلقى أي قبول من الشعب ليعود ولد عبد العزيز إلى النقطة صفر، مطالبا بتعديلات جديدة تحوله إلى سخرية ، لن تلقى من يشارك في حوارها من خارج أسرته و المكتب التنفيذي لحزب الاتحاد من أجل نهب الجمهورية و ولد الطيب و ولد محم.
و إذا لم يدرج ولد عبد العزيز هذه المطالب في التعديل الدستوري المقترح، لن يقبل المشاركون تعديل المواد المتعلقة بفتح المأموريات و لن يستطيع جناحه صياغة التقرير الختامي للحوار (المخرجات) و سيفتح على نفسه جحيما لن يعرف كيف يغلق بابه..
ـ القمة العربية:
ـ ليس للقمة العربية في نواكشوط أي أهمية على الإطلاق من ناحية رمزيتها كما يكرر المتزلفون لأنها لا تمثل أي رمزية، فاختيار نواكشوط تم بعد رفض كل البلدان العربية لاستضافتها و لا أفهم أي فائدة أو قيمة معنوية يمكن أن تكسبها نواكشوط من استلام جيفة الجامعة العربية التي لم تكن في يوم من الأيام عربية و لم تجتمع في يوم من الأيام إلا على جريمة بالأحرى اليوم.
ـ إذا حصلت كل المعجزات و صارت كل الأمور على ما يرام و القت الجزائر بكل ثقلها لإنجاح هذه القمة التي تبدو مهمة لها (لأمر ما زال في نفس يعقوب) لن يحضرها زعيم عربي واحد و قليل منهم من سيرسل وفدا من الصف الأول من نظامه إلى قمة لا يرجى منها ـ بعد تجميد عضوية سوريا و اعتبار حزب الله منظمة إرهابية ـ سوى أن تكون نواكشوط غرفة إنعاش لبقاء الجامعة على قيد الحياة.
ـ كل التقارير الدولية تؤكد عدم أهلية نواكشوط لاستضافة أي قمة لأسباب أمنية ليست سرية و لا خافية على أي جهة؛ فالخلايا النائمة و اليقظة للقاعدة و بوكو حرام في البلد موضوع أحاديث الجميع و تصويت أكثر من نصف الجيش للإسلاميين في الانتخابات الأخيرة موضع غلق و حذر آخر، لا يمكن تجاهله.
ـ ترمي مصر بكل ثقلها لإنجاح قمة نواكشوط و نجاح القمة عند مصر لا يتجاوز قيامها في حد ذاته، لأنه ليس مطلوب منها اليوم سوى أن تستمر ريثما تسترد مصر موقعها و عافيتها لاستلام زمامها من جديد.
و من ناحيتها ، أعلنت الجزائر بأنها ستقوم بكل ما يساهم في إنجاح هذه القمة.
و لا شك أن عداوات البلدين داخل الدول العربية ستكون كافية لضمان عدم قدوم أي زعيم عربي إليها.
و إذا أصر ولد عبد العزيز كما أعلن في النعمة و كما أعلن في نواذيبو، على انطلاق الحوار “في وقته”، سيكون من الصعب أن يحل موعد انعقاد القمة من دون أن يكون البلد في وضع أمني بين المقلق جدا و الخارج عن السيطرة. باستطاعتنا الآن إذن، أن نؤكد أن القمة العربية لن تكون. و ربما كان هذا الأمر مدبر بإحكام هو الآخر؛ فالمهم عند ولد عبد العزيز من هذه القمة هو المساعدات العربية المتعلقة باستضافتها و قد حصل عليها و لا شك أن انعقادها لا يخدمه اليوم لأنه سيكلفه صرف نصف المبلغ على الأقل..!
تازيازت :
إضراب عمال تازيازت ذاهب إلى الاختلاط بمياه تذمر المنقبين عن الذهب لأن مشكلة الجهتين مرتبطة بجشع النظام و تخطيطه الإجرامي و ازدرائه بردة فعل هذا الشعب الذي يصفه في كل مناسبة بالحقير و غير الجدير بأي احترام.
حل هو المولوتوف :
ـ حالة الاحتقان الحاصلة في البلد اليوم غير مسبوقة و غير قابلة للاستمرار. و لأن العصابة لا تملك حلا فنحن في انتظار حل الشارع و كل المؤشرات تؤكد أن الشارع لا يملك غير خيار الصدام و حل المولوتوف.