ذ. إشدو يتحدث عن: انقلاب السادس من أغسطس
هنا تحرك بعض قوى التغيير، وهنا تحرك بعض النواب، وهنا تحرك بعض قادة 3 أغسطس الموجودين في الجيش، وهم من غذى تمرد النواب وتمرد القوى الأخرى، وهم الذين انقلبوا على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله حينما انقلب عليهم.
مرة سئلت عن رأيي في انقلاب 6 أغسطس 2008 فتساءلت: أي الانقلابين تعنون؟ انقلاب الليل أم انقلاب النهار؟ فما حدث في 6 أغسطس كان انقلابين لا انقلابا واحدا. فالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله انقلب على الجيش ليلا، والجيش انقلب على انقلاب الرئيس نهارا جهارا. لحسن: أنت لا ترى لرئيس الجمهورية الحق في اتخاذ القرار الذي يرتئيه؟ : هناك خرافات لدى المعارضة لم أومن بها أبدا. لحسن: مثل ما ذا؟ ذ. إشدو: كخرافة الرئيس المنتخب ديمقراطيا. هذه لا وجود لها! هذا الرئيس لم ينتخب ديمقراطيا قط، وإنما فرضه الجيش. أنا كتبت أثناء وجود الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله مقالا بعنوان “ما هكذا يا قوم تورد الإبل” أوضحت فيه أنه لم يكن مهتما بهذا الشأن، وإنما فرض عليه دون أن تترك له حرية الإرادة التي لو تركت له لربما لم يستطع فعل شيء. لحسن: استحوذت عليه قوى الظلام.. ذ. إشدو: تماما. وأقنعوه بالباطل أيضا. قالوا له: أنت رئيس فاستخدم صلاحياتك، فانطلق من لا شيء وأبعد الذين جاؤوا به. وهكذا قام بانقلاب محكوم عليه بالفشل لعدم اعتماده على أية قوة. اتصل بي أحدهم صباحا فأبلغني بأن الرئيس عزل جماعة الضباط واعتقلهم. فقلت له: هذا جزاؤهم! فمن كان في مواجهة العدو طيلة هذه الفترة، ويقود جيشا، فإذا تمكن مدني أعزل من الإطاحة به وأسره فسحقا له، لأنه لا يمكن لأحد أن يتكل عليه، أحرى أن يتولى مهمة إنقاذ وقيادة شعب! وبعد ساعة اتصل بي نفس الشخص قائلا: ما أخبرتك به غير صحيح؛ فيبدو أن رد فعل قد حدث.. قلت له: هذا هو المنطقي. كيف يقوم شخص أعزل باعتقال قوممنذ شهور وإصبع كل منهم على الزناد؟! لا أستسيغ هذا. لحسن: إذن كان الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله مفعولا به، ولم يكن فاعلا في نظركم؟ ذ. إشدو: انقلاب 3 أغسطس حقق الكثير؛ فقد أفرج عن السجناء وسن الإصلاحات الدستورية التي نعيش في ظلها، فألغى المادة 104 وما إليها وأضيفت المادة 26 المتعلقة بتحديد مأموريتين رئاسيتين.. إلى غير ذلك. لحسن: هي مجموعة من الإصلاحات، أنتم كتبتم عنها قبل أن يقام بها.. ذ. إشدو: بالطبع. جميع هذه الإصلاحات سبق أن طرحتها وكنت أود أن ينفذها الرئيس معاوية بعد فشل انقلاب 8 يونيو 2003. لحسن: أنا قرأتها وأعتقد أن جلها تم تنفيذه اليوم، لأنها تضمنت تعديل الدستور بحيث يقتصر حكم الرئيس على فترتين. ذ. إشدو (يقرأ): – تحرير كافة سجناء الرأي والقرابة بدءا بفلان الفلاني وفلان الفلاني. – فتح حوار عاجل – تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية. ـ تصفية بقايا الرق. ـ تقديم الاعتذار كذلك باسم كافة المجتمع إلى ضحايا العهد الاستثنائي؛ خاصة ضحايا 1990. ـ إصدار عفو شامل. ـ منح حصانة، من الأمة المتصالحة، للمسؤولين عن تلك الأحداث بمنع متابعتهم مدى الحياة! (لأني لا أريد الثأر). – إرساء الديمقراطية ودولة القانون. – بناء اقتصاد وطني – إصلاح المجتمع .. إلخ. هذه الإصلاحات استغرقت الفترة الانتقالية الأولى، لكن وقع الانحراف الذي سبق ذكره. وهو الانحراف الذي صححه بالطبع انقلاب 6 أغسطس 2008. لحسن: ووصل الرئيس ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم فكتبتم مقالا عن ذلك تحت عنوان “محمد ولد عبد العزيز ظاهرة لا يمكن تجاهلها”. ذ. إشدو: نعم. أود أن أضيف أنه بعد انقلاب 6 أغسطس 2008 صار من السهل جدا أن لا يهتدي المرء، فلديك رئيس منتخب ديمقراطيا كما قيل وسبقته فترة انتقالية من سنتين.. إلخ؛ وفجأة يحدث انقلاب جديد، وهذا ما لا نريده. مؤشرات واعدة
إذن فالذين أحاطوا بالرئيس وعملية النكوص التي حدثت والتنكر لشرعية 3 أغسطس، كل ذلك حملني على الوقوف بحزم ضد ما جرى خلال حكم الرئيس وفي صف المتمردين على الرئيس. كما أني التقطت الإشارة التي أعطاها الرئيس محمد ولد عبد العزيز عند ما جاء إلى السلطة. ما هي تلك الإشارة التي قمت برصدها؟ – أولا كانت الشخصيات التي صنعت 3 أغسطسهي نفسها التي صنعت 6 أغسطس. وكان هذا مطمئنا لي. – المحافظة على المؤسسات الأخرى. هم غيروا مؤسسة الرئاسة لكنهم حافظوا على جميع المؤسسات الأخرى. وكان هذا مطمئنا لي. – إطلاق الحريات؛ من قاموا للتو بانقلاب عسكري أطلقوا جميع الحريات! لم تنتهك أية حرية. وكان هذا مطمئنا لي. – الاعتناء بالشعب. هل تدري ما هو أول عمل قام به الرئيس محمد ولد عبد العزيز؟ إنه التوجه إلى الحي الساكن، والأمر بأن يكون المبنى المعد لإسكان الوزير الأول مستشفى للأمومة والطفولة. عندما وقع هذا قلت في المقابلة التي ربما كنت قد اطلعت عليها إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز ظاهرة لا يمكن تجاهلها. ليس هذا فقط؛ بل تنبغي مراقبتها عن كثب. ما الذي أقصده بهذا؟ أعني أن على قوى التغيير أن ترى ما رأيته حتى لا تبقى في الأطلال، وأن تسعى للسير في هذا الاتجاه والتحالف مع هؤلاء الذين يريدون صالح موريتانيا. ولم يقع هذا للأسف. لحسن: قوى التغيير الآن ممثلة في الأحزاب السياسية المعارضة وما إليها. هل تعتقد أنها تلام في مواقفها من النظام الحالي وعدم الدخول معه في الحوار؟ ذ. إشدو: من وجهة نظري فهي تلام؛ وما وقع لها هو ما سبق أن قلت إنه وقع للنهضة وللكادحين. فعندما يتغير الوضع السياسي ينبغي للسياسي أن يرصد ذلك التغير ويعمل على إدماجه في سياسته ويتخذ الإجراءات الملائمة لمعالجته. وأنا أرى أن الرئيس أحمد ولد داداه كان سباقا في هذا المجال عند ما اعترف بالانقلاب وقال إنه حركة تصحيحية، لكن – للأسف- غلب عليه الذين تنقصهم التجربة السياسية وحسن النية، وقبل ذلك الاختراق من قبل قوى النكوص الساعية للرجوع إلى الوراء. مشكلة المعارضة أنها تتألف من قوى التغيير الساعية إلى التقدم وقوى النكوص الساعية إلى التقهقر في آن واحد! وأضيف أن من أخطاء النظام ومشكلاته أنه اليوم بعاني نفس الشيء أيضا! ففي الموالاة من يسعى إلى التقدم ويعمل لإنجاز برنامج الرئيس، وفيها من هو مع الرئيس ومن ضمن الموالاة من أجل تخريب برنامج الرئيس! لحسن: وفيها من لا يعرف غير التصفيق! ذ. إشدو: أولئك هم الانتهازيون عبدة السلطة.. أيّ سلطة، من أجل الحصول على المنافع والفُتات. “إذا الريح مالت مال حيث تميل”!