النحوي: نستنكر استهداف حرم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
الزمان ـ تابع التجمع الثقافي الإسلامي، باهتمام وقلق بالغين، ما تناقلته وسائل الإعلام من أنباء عن حادث تفجير انتحاري جمع بين انتهاك حرمة الإنسان وحرمة الزمان وحرمة المكان، مستهدفا حرم الحبيب المصطفى صلى اللـه عليه وسلم، إراقة للدماء الزكية البريئة، وترويعا للآمنين من جيران نبي الرحمة وزواره وضيوفه والساهرين على أمنهم.
وإن التجمع الثقافي الإسلامي ليستنكر بشدة هذا الفعل الأثيم، من الأوجه التالية:
الوجه الأول هو الإيمان بعصمة دماء المسلمين، فلا يجوز البتة أن تراق الدماء المعصومة بغير حق أيا كان الإنسان والزمان والمكان، واللـه سبحانه يقول من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، والنبي صلى اللـه عليه وسلم يقول في خطبته الجامعة في حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”، والنصوص في ذلك متواترة متضافرة، فحرمة إزهاق النفس البشرية أيا كانت بغير حق، أحرى النفس المؤمنة، هي مما علم من الدين بالضرورة.
الوجه الثاني وهو وجه أخص ألا وهو استحضار حرمة الزمان، شهر رمضان الذي هو موسم لتلاوة القرآن والعمل به، والعشر الأواخر ذوات الفضل المخصوص.
وقد جاء في الحديث الصحيح “إذا كان يوم صَوْمِ أَحدكمْ فَلا يرْفثْ وَلا يصخبْ فإِنْ سابهُ أحدٌ أوْ قاتله فَليقلْ إِني امْرُؤٌ صَائم”.
الوجه الثالث، وهو أعظم شأنا وأعلى خطرا، ألا وهو حرمة المكان، طيبة الطيبة مدينة الرسول صلى اللـه عليه وسلم، فإن من الأفعال الجائزة في غيرها ما يحرم فيها تأكيدا لعظم حرمتها، فكيف إذا كان الفعل هو أعظم الكبائر بعد الشرك باللـه.
وحسب المدينة شرفا وحرمة أن الأمين المأمون، نبي الرحمة، صلى اللـه عليه وسلم، حرمها، فقال في الحديث الصحيح المتفق عليه: ” إنَّ إِبراهيمَ حرمَ مكةَ، وَإِني حرمتُ الْمدِينةَ كما حرمَ إِبْرَاهِيمُ مكةَ”، وقد نهى صلى اللـه عليه وسلم أن يراق فيها دم أو يحمل فيها سلاح لقتال، أو يخبط فيها شجر لغير علف، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها. وقال عليه الصلاة والسلام “من أخاف أهل المدينة ظالما لهم أخافه اللـه وكانت عليه لعنة اللـه والملائكة والناس أجمعين”، فانتهاك حرمة المدينة، وإن بإمساك عصفور أو ترويع حيوان، أحرى بما هو فوق ذلك مخالفة صريحة لرسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم ومحادة للـه ورسوله وتحد لمشاعر جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وهكذا فأيما حادث توفر فيه وجه واحد من الأوجه الثلاثة كان حريا بالمؤمنين إنكاره، فأحرى إذا اجتمعت الأوجه الثلاثة معا في حادث واحد، فكان ذلك إيغالا ما وراءه وراء في انتهاك الحرمات والاستهتار بالمقدسات.
وإن التجمع الثقافي الإسلامي إذ ينكر هذا المنكر العظيم، من المنطلقات المذكورة، ليدعو جماهير الأمة إلى مواجهة منتهكي الحرمات والمستهزئين باللـه ورسوله بالمزيد من التعلق بالجناب النبوي والدفاع عنه، وبالاعتصام بحبل اللـه الجامع. كما يدعو علماء الأمة وأولياء أمورها إلى مضاعفة الجهد من أجل بيان حرمة مدينة الرسول صلى اللـه عليه وسلم، وعصمة دماء المسلمين فيها وفي غيرها، ومن أجل تحصين شباب المسلمين من مخاطر الغلو والتطرف، ومن أجل غرس محبة النبي صلى اللـه عليه وسلم والتعلق به وبمتابعته في نفوس الناشئة، والعمل على جمع كلمة المسلمين حول ثوابت تجمع ولا تفرق، وفقا لقوله تعالى ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهبوا ريحكم ولقوله جل من قائل وأن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه، ولقوله عز وجل واعتصموا بحبل اللـه جميعا ولا تفرقوا.
ومن نفس المنطلق، فإن التجمع يستنكر الأحداث المزامنة التي وقعت في بعض مناطق المملكة العربية السعودية الشقيقة، كما يستنكر كل الأحداث التي أزهقت فيها أرواح بريئة في بقية بلاد الأمة وفي سائر بلدان العالم.
واللـه نسأل أن يتقبل ضحايا حادث طيبة الطيبة والحوادث المماثلة في الشهداء، وأن يلهم ذويهم الصبر ويعظم لهم الأجر، وأن يشفي الجرحى والمصابين، وأن يهدي من ضل من أبناء الأمة سواء السبيل، وأن يحفظ من كل سوء وكل مكروه حرم الرسول صلى اللـه عليه وسلم، وبلاد الحرمين الشريفين عامة، وبلادنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يصلح حال الأمة ويفرج كربها ويلم شملها ويرفع رايتها ويوحد صفها ويجمع كلمتها على ما يرضيه ويرضي رسوله صلى اللـه عليه وسلم.
واللـه ولي التوفيق،،،
الشيخ محمد الحافظ النحوي