بوب دينار جديد في مهمة إجرامية بموريتانيا/ سيدي علي بلعمش
اختطاف أربع موريتانيين قرب “انبيكة لحواش” و نقلهم إلى خيمة عروة في كبد الصحراء المالية. (يشتهر عروة بصلاته الوثيقة بنظام ولد عبد العزيز!؟)
ـ يحي أبو الهمام قائد عملية اختطاف الموريتانيين الأربعة يعلن : “كفرنا بموريتانيا وبولد عبد العزيز والعمدة والنائب والوزير دماؤهم مهدورة.. و لا نعترف بأي اتفاق يرعاه بلدكم و رئيسه العميل للنصاري” (و يبدو أن أبو الهمام هنا يرد على من ذكروه بالاتفاق الذي يربطهم بالنظام الموريتاني!؟)
ـ اتهامات صريحة لعدد من تجار النعمة (الحوض الشرقي) بتعاونهم التام مع منظمات سلفية إرهابية كتنظيم القاعدة والجماعات المسلحة المرتبطة به. (و تأتي هذه الاتهامات من عدة جهات قبلية في المنطقة على دراية واسعة بأدق ما يحدث فيها و من دون أن يحرك النظام ساكنا أو يفتح تحقيقا في الموضوع !؟) ..
ـ قبيلة المختطفين (بفتح الطاء) ترفض الإذعان لتهديدات أبو الهمام و مهلته (20 يوم) و تقول إنها لن تسمح أبدا باستلاب أراضيها مهما كلف الأمر من ثمن. (أين الدولة الموريتانية!؟)
ـ موريتانيا عاجزة عن التدخل في نزاع الحدود و قبائل المنطقة تستعد بوسائلها الخاصة لمواجهة تنظيم القاعدة و أتباعه في المنطقة (ماذا بعد!؟)
هذه الخميرة الخطيرة و العناوين المرعبة التي ظهرت في الأسابيع الماضية و التي تجاهلتها بالكامل وسائل الإعلام الرسمية و شبه الرسمية التابعة لمخابرات الدولة، أصبحت تطرح أسئلة كاشفة تحتاج إلى وقفة تأمل و إثارة:
ـ ما هي علاقة “عروة” بالنظام الموريتاني؟
ـ ما هو الاتفاق الذي أعلن أبو الهمام عن فسخه و التنكر له ؟
ـ ما سبب انفجار هذا الوضع؟
ـ لماذا انفجار الوضع في هذا الوقت بالذات؟
ـ لماذا يتجاهل الإعلام الرسمي و المخابراتي، مواضيع بهذه الخطورة ، كأن شيئا لم يكن؟
ـ بماذا يمكن تفسير سكوت النظام عن هذا الوضع؟
ـ إلى ماذا كان ولد عبد العزيز يلمح ، حين قال في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ” لم تعد الحلول الوطنية قادرة على مواجهة الأخطار الأمنية المعقدة بطبيعتها والعابرة للحدود في بنيتها وأهدافها”؟
ـ ما معني أن “يشتكي” ولد عبد العزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأخطار الأمنية و عدم قدرة الحلول الوطنية على مواجهتها و يتبجح في مقابلته مع قناة “روسيا اليوم” بأن موريتانيا استطاعت منذ 2009 القضاء على الإرهاب و تأمين كل أراضيها؟
ـ هل أمنت موريتانيا أراضيها بقوة لا أحد يراها على الأرض أو باتفاقيات مشبوهة مع جماعات مشبوهة، بدأت أسرارها تنفلت بعد رضوخه للضغوط الغربية المطالبة بالدخول في حرب مع “الإرهاب” أو الكف عن ادعائها بالحيل الكاذبة؟
ـ كيف أصبح ولد عبد العزيز فجأة “عميلا للنصارى” عند يحيى أبو الهمام العارف بكل تاريخه في المجال؟
ـ هل تم تفجير الوضع على الحدود مع مالي في هذا الوقت لتبرير ما جاء في خطاب ولد عبد العزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
لقد كان خطاب ولد عبد العزيز أمام الجمعية العامة الذي ألقاه ولد أميمو نيابة عنه، زيادة على كونه أكذب خطاب عبر التاريخ على منبر المنظمة، إعلان حرب على الحركات الإرهابية ، كانت موريتانيا في غنى عنه، يتضح من خلاله أن ولد عبد العزيز يتجه إلى التصادم معها و هي خطوة لا يمكن أن يتخذها إلا تنفيذا لأجندة خارجية، يعتقد أنها ستخدم بقاءه في السلطة : إعلان حالة الطوارئ و إدخال البلاد في حرب بالوكالة ، تقف الأنظمة الغربية فيها وراء النظام و تجميد كذبة المسلسل الديمقراطي بعد تعذر مسرحيتها، إلى أجل غير مسمى : هذا التفكير الانتحاري الذي سيجر البلاد إلى دمار لا أحد يستطيع تصور نهايته ـ إن نجح فيه ولد عبد العزيز ـ يظهر بوضوح من خلال ترتيبات ما زالت سرية، بدأت أطرافها تتحرك باتجاه الهدف، من أكثر من جهة:
ـ لقد غسل الجهاز السياسي الفرنسي أياديه من ولد عبد العزيز و ظهر ذلك بوضوح من خلال التقارير السلبية لأجهزته المحترفة ؛ “لموند”، “جين آفريك” ، “آفريكوم” و هي صحف محترفة لها علاقات واسعة بالأجهزة السياسية و الاستخباراتية الفرنسية، لا يمكن أن تصدر تقارير بهذه السلبية عن رئيس إفريقي إلا بأوامر واضحة بالعمل على إنها حياته السياسية.
و يحاول ولد عبد العزيز الآن العودة إلى الأحضان الفرنسية عن طريق الجيش و الأمن الفرنسيين:
ـ بمبادرة من المحامي جمال طالب (مستشار عزيز) سيتم عقد اجتماع سياسي (محاضرة) في 19 من أكتوبر الجاري في مقر الجمعية الوطنية الفرنسية، تحت عنوان “موريتانيا أمام التحديات الإرهابية في الساحل” من قبل مجموعة مشبوهة بقيادة بوب دينار جديد (الكولونيل الفرنسي المتقاعد “بير دي جونغ” (Peer de Jong) الحاضر بقوة في كل مكان إفريقي تمس فيه المصالح الفرنسي أو تدار فيه معارك لصالح فرنسا . و قد أطلقت هذه الخلية على نفسها في البداية اسم “جمعية أصدقاء موريتانياّ” ثم تحولت بعد ذلك إلى “جمعية أوروبا موريتانيا” (AEM : Association Europe Mauritanie ) و التي أعلن عن انطلاقها في 16 سبتمبر الماضي و تضم كل من النائب الجمهوري الفرنسي جان لوي كوست (Jean Louis Costes) و محامي ولد عبد العزيز في قضية اتهامات مامير له برعاية المخدرات “إيريك ديامانتيس” (Eric Diamantis) و القاضي المتخصص في محاربة الإرهاب “جان لوي بريغيير” (Jean Louis Bruguiére)؛ هولاء هم من قالوا لولد عبد العزيز لا يمكن أن تقنع الأوروبيين إلا بعد حل البرلمان و إعلان الحرب على “الإسلاميين” . و كان قائد هذه الخلية الشريرة العقيد (بير دي جونغ) هو من أقنع فرنسا بولد عبد العزيز أيام انقلابه و هو من حدد للأخير ما يجب أن يفعله لإقناع بقية الاوروبيين من إعلان الحرب على الإرهاب و تحديد مفاهيمه وفق قاموس “إبادة المسلمين” (من تواصل إلى “داعش” مرورا بالمحاظر العتيقة و الحجاب و اللحية و محاربة الزواج المبكر و غض البصر عن زواج المثليين و أصحاب الشذوذ الجنسي و فرض مدونة الأحوال الخاصة بما تحمله من عداء للتعاليم الإسلامية و ترك الحبل على القارب للمنظمات التنصيرية في البلد…) . و قد بدأت مهمة “بير دي جونغ” في موريتانيا منذ كان ملازما سنة 1978 (تاريخ أول انقلاب في البلد !!؟) و يقوم الآن بتدريب “وحدات خاصة” في ضواحي آكجوجت ، بعض المنتسبين إليها من الأعجام و الطوارق، في مهمة سرية، تقول السفارة الفرنسية أن لا علم لها بها و تنحصر علاقاته بولد عبد العزيز و ولد احريطاني دون وزارة الدفاع و القيادة العامة للجيوش تماما كما كان يفعل في مالي . و قد تم تكليفه من قبل ولد عبد العزيز بإنشاء هذه الجمعية و تولي رئاستها في يوليو الماضي، أي منذ قرر الأخير الدخول في مواجهة مع الحركات الإسلامية كما توعد الفرنسيين في بداية مشواره باستشارة منه. و يبدو أن فرنسا التي لم تعد تصدق وعود ولد عبد العزيز هي من كلفت بوب دينارها الجديد بالأخذ بيد ولد عبد العزيز إلى حيث تريد و هذا يعني بما لا يدع مجالا للشك بأن عصابة ولد عبد العزيز بدأت تستعد لمواجهة حزب “تواصل” بصفة خاصة الذي تجد فرنسا أنه يشكل أكبر خطر على مصالحها المستقبلية في البلد. و كان سفير فرنسا السابق قد ذكر في تقريره المشهور بأن من التقاهم من حزب “تواصل” لا يحملون مشروعا فكريا و وصفهم بأنهم أخطر ممن يحملون السلاح في الصحراء. ـ لقد اتضح الآن أن الهدف من إعداد انتخابات نيابية في بداية 2016 (في حدود مارس) هو إخراج “تواصل” من قبة البرلمان : يجب أن تقاطع تواصل هذه الانتخابات و إذا لم تقاطعها بقرار من الحزب يجب خلق مشكلة لحرمانها من المشاركة فيها بأي ذريعة أمنية أو سياسية. هذه الرؤية هي التي جعلت ولد عبد العزيز يقدم رجلا و يؤخر أخرى في التعاطي مع الطيف السياسي المعارض ؛ فقد كان يحاول خلق مشكلة داخل صفوف المعارضة يتم من خلالها عزل “تواصل”. و كانت فرق مهامه الخاصة من الصحافة المرتزقة في الأشهر الماضية ، تحرض المعارضة على قطع صلاتها بحزب تواصل “الانتهازي الذي ضربها في الظهر أكثر من مرة” . و قد وعى حزب “تواصل” هذا الخطر مؤخرا و بدأ يفكر بشكل إيجابي لا تنقصه الحنكة و المهارة. و من واجب المعارضة اليوم أن تعي هي الأخرى خطورة هذه المؤامرة و أن ترفض بقرار لا لبس فيه أي استهداف لحزب “تواصل”. يجب أن تعي المعارضة أن دخول موريتانيا في حرب ضد الإرهاب ـ لا ناقة لها فيها و لا جمل ـ أمر لا يمكن قبوله لأي سبب : ليست لموريتانيا أي مشكلة مع الجماعات المسلحة في الصحراء غير ما تختلقه العصابات التي تحكمنا من ذرائع، خدمة لسياسات هيمنة خارجية، مقابل تمكين هذه العصابات من الاستمرارية في الحكم.
إن مهمة هذه العصابة الفرنسية المحترفة اليوم هي العمل على إقناع النظام الفرنسي بضرورة الوقوف مع ولد عبد العزيز من منظور أمني فرنسي بحت و اختيارهم للقيام بنشاطهم في إحدى غرف الجمعية العامة يراد منه إيهام الشعب الموريتاني بأنه عمل تقف وراءه فرنسا في حين أنها قاعة مستأجرة كما تستأجر أي قاعة في أي فندق بفرنسا ، ليس إلا.
يجب على المعارضة الموريتانية لا حزب تواصل، أن تعد نشاطا كبيرا في نفس اليوم تعلن فيه رفضها لمتاجرة عصابات الارتزاق الدولية بمصير موريتانيا : لقد أصبحت موريتانيا اليوم على كف عفريت؛
ـ ولد بايه يدرب جيشا من ألفي عنصر
ـ ولد احريطاني يدرب جيشا سريا لا أحد يعرف مهمته و لا قوامه
ـ ولد عبد العزيز يقود عصابة بازيب و يحفر نفقا أرضيا بين مكتبه و قيادتها
ـ و أخيرا جيش مرتزقة يقوده مرتزق فرنسي حتى قيادة الأركان لا تعرف عنه أي شيء، يدرب ضباطا و ضباط صف على أرضنا ، لا نعرف من أين يأتون و لا لأي مهمة يتم إعدادهم (Africa intelligence /Mauritanie / lettre du continent No 713 du 16/09/2015)
و يبدو أن الجيش الموريتاني أصبح يعي خطورة الوضع و أن محاولة انقلاب جديدة ظهرت بعض ملامحها في الأيام الماضية من دون كشف أصحابها، هي التي جعلت ولد عبد العزيز يعود مسرعا إلى نواكشوط قبل نهاية القمة في أمريكا و هو كان السبب الحقيقي في هذه الإقالات و التغييرات المتزامنة و غير المسبوقة في مناصب أصحاب الرتب العالية في الجيش و الدرك و الحرس و الأمن و يبدو حتى أن فرنسا لم تكن بعيدة من هذا الانقلاب (حسب تقديرات ولد عبد العزيز) لأن إحالة افيليكس نغري إلى التقاعد بهذه السرعة لا يمكن أن تكون إلا رسالة استياء إلى فرنسا.
و كانت منظمة “أفلام” قد اشترطت على ولد عبد العزيز تسليمها رؤوس كل المطلوبين في لوائحها لتكون حليفا لنظامه بلا شروط و هي إحدى القنابل الموقوتة التي يحتفظ بها ولد عبد العزيز لتفجيرها متى تطلب وضعه ذلك و للتحضير لذلك ينبغي التخلص من كل القيادات السامية في الجيش و الأمن المتهمة في الملف و هو ما بدأ العمل عليه بوضوح من خلال لوائح التقاعد الأخيرة و تغيير مواقع الضباط و مهامهم في الداخل و الخارج.
ولد عبد العزيز اليوم يعيش حصارا عالميا لا لبس فيه ؛ فمن بين ستة لقاءات ـ على الأقل ـ طالب بهم على هامش قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة مع زعماء عالميين من بينهم الرئيس الروسي و الإيراني، لم تتم الاستجابة لأي من هذه الطلبات من طرف الآخرين . وحده الرئيس السنغالي ماكي سال هو من قبل أن يلتقيه على هامش القمة، نظرا للعلاقة التاريخية للبلدين رغم استياء الأخير من تخبطه و رعونة أساليبه و لم يكن لأي منهما ما يقوله للآخر فكان مجرد لقاء مجاملة بامتياز؛ لهذه الأسباب كان أهم سؤال طرح عليه في مقابلته مع قناة “روسيا اليوم” عن لقاءات القمة الهامشية و أهميتها (الدقيقة 2.43)، و كان رده بالتهرب من الجواب كعادته في كلا أقرب إلى الهذيان ، لا يخفى حرج صاحبه. و لا بد أن تكونوا قد لاحظتم تغطية وسائل الإعلام الرسمية و الاستخباراتية على هذا الجانب من خلال الترويج للقاءاته مع مدراء مؤسسات مثل “كوسموس” و التطبيل لأهميتها على هامش قمة حضرها 191 زعيم عالمي لم يقبل أي منهم الالتقاء به…؟
لقد انسدت كل الأبواب على ولد عبد العزيز فلا تستغربوا أن يلجأ إلى أي حل مجنون في أي وقت :
ـ الجيش البوركينابي ينزع سلاح الحرس الرئاسي و سيقدم جميع قادته للمحاكمة في وقت لاحق، بتأييد كامل من مختلف هيئات المجتمع الدولي الرسمية و غير الرسمية..
ـ محاكمة 4 من مفسدي بوروندي و حجز كل ممتلكاتهم ..
ـ الرئيس الأمريكي يؤكد في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أيام: “على كل من يجلسون على سدة الحكم والسلطة أن يُعدوا أنفسهم لترك السلطة في موعد محدد” ، مؤكدا رفضه تعديل أي دستور في العالم، معتبرا أن تعديل الدساتير لا يصبّ في صالح الشعوب، بل في صالح الرؤساء، وتشبثهم بكراسي الحكم والسلطة.
ـ الحزب الاشتراكي الفرنسي يحذر في بيان له الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو من محاولة المساس بالدستور عن طريق استفتاء شعبي للبقاء في الحكم:
لم يبق أمام ولد عبد العزيز إلا تفجير الوضع الداخلي و البحث إما عن حالة طوارئ تبرر بقاءه لوقت أطول مثل السيسي أو حالة فوضى داخلية تمكنه من الهرب من دون متابعة و يجب أن تسد عليه هذه الأبواب بإحكام.
على شعبنا أن يستعد لانتزاع حريته بدل أن يظل ينتظر من يفعلها بدلا منه لأن هذا الغائب الوهمي لن يأتي أبدا لو انتظرناه ألف عام أخرى .. سيقف معكم العالم إذا انتفضتم دفاعا عن كرامتكم كما فعل مع الجميع، لكنه لن ينتفض بدلا منكم و إذا فعلها لن يكون من أجل سواد عيونكم، بل من أجل مصلحته الخاصة لتنخدعوا بكذبة جديدة أخرى ، تعودون بعد تلاشي وعودها إلى الشارع في دوامة بلا نهاية .. دين علينا أمام الله و أمام شعبنا المذل و أرضنا المستباحة، أن لا نسمح ببقاء ولد عبد العزيز في السلطة و لا بتخليف غيره، حتى لو تطلب منا الأمر دخول معركة عصيان مدني مفتوح ..
لقد أهين شعبنا بما فيه الكفاية و استنزفت خيرات بلدنا في جيوب العصابات المنظمة و علينا اليوم أن نوقف هذا النزيف القاتل، دفاعا عن كرامتنا المداسة و استنزاف خيرات بلدنا المهدورة.