لقد أصبحت مهمتنا ممكنة / سيدي علي بلعمش

ولد عبد العزيز، فاله بنت ميني، زيدان، ولد محم خيره، محمد فال ولد يوسف ، محسن ولد الحاج ، ولد حدمين، منت لمعيبس ، ولد الشدو ، ولد أبوه ، ولد الطيب ، الطرطور أحمد سالم ولدهيبه… ؛ هذه هي الدولة العميقة.. الدولة العظيمة التي يلهث ولد مولود و جميل منصور و صالح ولد حننا لإقامة “حوار وطني” معها، باسم “منتدى” لا أدري بأي شرعية استباحوه هو الآخر!؟

لقد تعب الشعب الموريتاني و أدرك كل شيء بنفسه و عليكم الآن أن تبحثوا عن طرق أخرى تعيشون عليها غير المتاجرة بمصيره.
و رغم أنني ما زلت أشك في دخول ولد عبد العزيز في حوار لا يشارك فيه المنتدى المعارض.. الملتزم.. الصامد، الذي لا تعترف السفارات الغربية بجدية أي حوار لا يشارك فيه، و لا قيمة و لا ضمانات لأي مخرجات تنتج عنه ، إلا أنني أتمنى اليوم أن يدخل ولد مولود و جميل منصور مع هذه العصابة في أي حوار أو أي طبخة أخرى حتى نرى ماذا سيستفيدون منها ؟ هذا ما يحتاجه الشعب الموريتاني اليوم ليفهم من هم بكل تفاصيل حقيقتهم.

لقد حاول الإسلاميون بكل الطرق تفكيك المنتدى لأنهم لا يستطيعون أن يظهروا كأهم قوة داخله مع وجود التكتل و هذا هو الغباء الذي وقع فيه ولد مولود ليكتشف اليوم أنه لم يعد يملك ما يخسره ؛ فلا عودته إلى المنتدى المعارض ممكنة بما كان يحظى به من تقدير هو كل رصيده السياسي : قوى التقدم ليس حزبا بجماهيره و لا بوسائله و إنما كان حزبا بمبادئه و مواقفه و وقوفه اليوم في “معارضة الشعارات الكاذبة” بقيادة تواصل و في وقت وصل فيه الاستياء العام أعلى درجات الاحتقان ، يكشف بوضوح لكل من كان يعتبر قوى التقدم حزب طلائعي ، أنه لا يختلف في شيء عن أي من أحزاب الشنطة الوليدة. و لا يختلف حزب تواصل في سوء تقديراته و قصور فهمه السياسي عن قوى التقدم في شيء : لقد خير ولد عبد العزيز نائب الطينطان بين دعم عصابته أو الاستعداد للمواجهة فأعلن له الولاء و كلفه بجر كل أصحاب الثروة في تواصل لتأييد و تمويل حزب الاتحاد من أجل نهب الجمهورية و هي مهمة مؤجلة إلى أن يجد ولد عبد العزيز الوقت لترتيب أوضاع حزب العصابة بعد حذف قيادته الصورية الحالية.

لقد أصبح وصف هؤلاء بالغباء السياسي تواطؤا معلنا مع الخيانة ..

أصبح نعتهم بغير السماسرة، مساهمة واعية في تدمير البلد و استغفال أهله..

“حوار” مع ولد عبد العزيز !؟

نريد السيد جميل منصور أن يحدثنا عن أهم إنجاز تاريخي في حياته: هل هذا هو زعيم المعارضة المظفر الذي قاتلت تواصل على كل الجبهات من أجل الفوز بمقعده؟

منذ متى كان ولد عبد العزيز يعطي ما يمكن لأي أحد أن يحتاجه؟

ماذا غنمت تواصل من زعيم المعارضة غير الحرج؟

أتمنى من كل قلبي أن تتفقوا مع عزيز أو محسن على إقامة هذا “الحوار الوطني” التاريخي لتخرجوا موريتانيا من مأزقها الكبير الذي سيتضح للجميع أنه ليس سوى وجود أمثالكم على واجهة أنتم آخر من يستحقها في هذا البلد.

لا شيء في الوجود أدعى إلى الحيرة من تلاعب غبي مثل ولد عبد العزيز برجال تقدموا في العمر و نالوا نصيبا معتبرا من التعليم و احتكوا بتجارب عديدة و وقعوا في حبائل مغالطاته مرات عديدة؟

لا شك أنكم جميعا تابعتم هذه الأيام الفيلم الذي أعدته تلفزة خيرة ، يتحدث فيه جنرالات باكوتي عن مبررات انقلاب”هم” على نظام مدني منتخب .. و لا شك أنكم لاحظتم أن كل جنرالات باكوتي شاركوا في هذا الفيلم إلا ولد عبد العزيز و ولد الغزواني؟

لقد فهم ولد عبد العزيز أنه لا بد أن يقدم للمحاكمة فأمر خيرة بإعداد هذا الفيلم ليقول إن المؤسسة العسكرية هي التي أطاحت بنظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله لا هو؛ فأي شيء أدعى إلى الشفقة و الخجل من مشاركة هؤلاء الضباط في إدانتهم بالمشاركة في جريمة يعرفون جميعا أنها لم تصنع بهم و لا لهم و لم يكن لأي منهم رأي فيها؟ 
لقد تم توريط هؤلاء الضباط بهذه الاعترافات لسببين الأول هو ما ذكرته اعلاه أي أن ولد عبد العزيز أراد أن يحضر مبررا لجريمته أمام محاكمته الحتمية (حتى لو كان يعتبرها محتملة فقط) . و الثاني ـ و هو ما يهمنا هنا في موضوع الحوارـ هو جر هؤلاء الضباط بعد توريطهم المسجل، في المغامرة التي يفكر فيها من خلال هذا الحوار و التي لا يشركهم فيها بأكثر من هذا التوريط المسجل.

على الموريتانيين أن يفهموا أن ولد عبد العزيز أمام خيارين لا ثالث لهما :

1 ـ أن يبقى في الحكم (بطريقة مباشرة لن يثنيه عن التفكير فيها إلا الاستحالة.. أو غير مباشرة و طرقها عديدة و نهايتها واحدة)

2 ـ أن يذهب إلى السجن (لم يترك ولد عبد العزيز أي نوع من الجرائم لم يرتكب أبشعه محليا و دوليا و هو مدرك تماما لعاقبتها و مدرك أكثر أنه يستطيع تأخيرها لكنه لا يستطيع تغييرها) و ما ستسمعونه حين يسقط ولد عبد العزيز و تنكشف الحقائق ، سيفرض حتما مراجعة دولية لمفاهيم و مقتضيات الحكم في العالم المعاصر.

الحوار الذي يطلب ولد عبد العزيز اليوم من أصدقائه في المنتدى أن يساعدوه لجر ما يسمونه “المعارضة الراديكالية” إليه ، لا علاقة للوطن به لأن ولد عبد العزيز لا يريد منه سوى ما يمكن أن يساهم في تأجيل مصيره الحتمي. و يعرف جميل منصور و ولد مولود أنهما يكذبان على الشعب حين يتحدثان عن “حوار وطني” بأي معنى إلا إذا كانا يعتبران عزيز وطنا و هو أمر لم نعد نستبعده ..

و “المعارضة الراديكالية” ليست راديكالية بتشددها في الحقيقة و إنما راديكالية ببعدها من المعارضة الداعمة. لو كانت في موريتانيا معارضة راديكالية من 50 رجل لما بات ولد عبد العزيز ليلة واحدة في الحكم. للكننا لا يمكن أن نشكك في صدق معارضة من يصفونهم اليوم بالراديكالية و هي مرحلة غير كافية لكنها لبنة صحيحة يمكن البناء عليها . و قد تتسارع الأحداث في أي لحظة لصالح تحولها إلى حالة صحية مفصلية . و هذا هو معنى راديكاليتها المحسوس أمنيا و المسكوت عنه سياسيا.

أما معارضة “المنتدى” و “المعاهدة” و نقابة الصحافة فهي مثل استقلال القضاء و حماية المستهلك و لجنة حقوق الإنسان و قمة الأمل و رئاسة الاتحاد الإفريقي، مجرد خلفيات ملونة لعرض الأكاذيب الدعائية.

لقد أصبحنا اليوم نتكلم إلى مواطن يتألم .. مواطن يدرك أن هذه العصابة الحاكمة هي سبب بؤسه و شقائه .. مواطن لم يعد يصدق غير ما يراه .. مواطن أصبح يشفق عليكم حين تتشدقون بالنضال و القيم و الفضيلة..

الجوع اليوم هو أعظم مناضل موريتاني .. الظلم اليوم هو أفصح خطيب موريتاني : نعم لقد أصبحت مهمتنا ممكنة.   


 



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى