ولد دهاه: على المغرب أن لا يأخذ الشعب الموريتاني بجريرة عسكري أرعن
عندما انقلب ولد عبد العزيز على المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله حط رجل الأعمال التونسي إلياس بن شاذلي الذي تطلق عليه الصحافة الفرنسية لقب “The Golden Boy “ رحاله في أمريكا، طالباً الدعم و المؤازرة ل”ضباط شباب، قادتهم حميّتهم الوطنية للانقلاب على شيخ سبعيني، لم يحسن إدارة دفة الحكم، فضعُف عن مناجزة الإرهاب”. و كان السفير المغربي في واشنطون من يرتّب في منزله اللقاءات بين “سفير الانقلاب” و الشخصيات الأمريكية، التي كان يستجديها لدعم قادة نواكشوط الجدد.
و قد كان لتحركات بن الشاذلى الذي يفتخر ب”علاقته القوية مع كبار هذا العالم” ظهيراً، هو المغرب و محمد ولد بوعماتو، اللذين دارت على علاقتهما بولد عبد العزيز الدوائر.. فلا أمان لانقلابي.
احتضنت المغرب الإنقلابي عزيز، و تحدثت صحافتها عن أصوله المغربية و عن منزل جده في “شيشاوة” الذي ولد فيه أبوه دُنيَةً (عبد العزيز) الذي فتك الطاعون بأهله، فأبادهم عن بكرة أبيهم، ليجلبه جد الرئيس الأسبق اعل ولد محمد فال للعيش معه في السنغال، حيث وُلد ابنه الذي سيتربع يوماً على كرسي الحكم في موريتانيا.
أتذكر أن الصحفي المغربي أحمد نجيم قال لي، و قد اكتشف علاقات عزيز و تكيبر بالمغرب “عذراً صديقي، و لكننا نحن من يحكم بلادكم”.
و تقول بعض الروايات إن ولد عبد العزيز قرّر أن يولي و جهه شطر الجزائر بعد الانفجار الإرهابي الذي استهدف الثكنة العسكرية بالنعمة، و العملية الانتحارية التي طالت السفارة الفرنسية في نواكشوط، و محاولة عناصر من تنظيم “القاعدة” قتله غيلة. فأسرّ لبعض خلصائه أن “الجزائر تحرك ذيولها في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الذي تسيطر عليه استخباراتها لمعاقبته على علاقاته بالمغرب” و أنه “لن يتوقف استهداف الإرهابيين لموريتانيا ما لم تتقرّب للجزائر”. و “أن الجزائر لا تنفع و إنما تضرّ، عكس المغرب التي تنفع و لا تضر..”.
فكّر الجنرال ملياً في أنه لا يريد البَخورَ إن كان يُثير رَبْوَه، فألقى بنفسه في أحضان الجزائر، و أشاح بوجهه عن “المغرب”:
طرد ولد عبد العزيز عبد الحفيظ البقالي، مدير وكالة أنباء المغرب العربي في نواكشوط، بسبب برقية في نشرتها الخاصة عن حركة الأموال التي تقوم عائلة ولد عبد العزيز بتهريبها إليها، و نصح أحمدُ ولد عبد العزيز أباه بنقل أموالهم (و الإضافة تتم بأدنى سبب) من المغرب و فرنسا إلى بريطانيا و سويسرا، فأُوكلت إليه تلك المهمة التي فتحت باب الحظ للغانية السلوفاكية ماغدلينا كرالوفيكوفا.. ثم تواصلت الثقوب في المُرقّعة، فتجرأ القُرَاد على الحجامة نكايةً بالمغرب التي اعتذرت عن استضافة القمة العربية، و حضر وفد موريتاني مراسيم تشييع زعيم جبهة البوليساريو، و رفض ولد عبد العزيز استقبال الوزير المغربي ناصر بو ريطة و رئيس استخباراتها ياسين المنصوري، و عند مقابلتهما للجنرال غزواني الذي يعتبر صديقاً للمغرب أوعز ولد عبد العزيز للجنرال ولد مكت بالحضور، حتى لا يخلو جوٌ ينفرد فيه قائد أركان الجيوش الموريتانية بأصدقائه.
و هكذا قام الحرس الرئاسي بالاعتداء في القصر الرئاسي على عمال مغاربة، و تجويعهم و حبسهم ثلاثة أيام، بإيعاز من سيدة القصر التي تحمل و أبناءها جوازات سفر مغربية، و حين نما الخبر، الذي كانت تقدمي من نشره فأثار زنابير التكذيب من أعشاشها، إلى سمع ولد عبد العزيز كان رده “أنهم يستحقون”.. ثم أوعزوا لصحافتهم الاستخباراتية بأن تتهم عمال سكينة بنت أزكان بالسعي للتشويش على قمة نواكشوط.
لا يمتلك ولد عبد العزيز لطفاً دبلوماسيا يُؤلف به بين الماء و النار، فهو إن تقرّب للجزائر أغضب المغرب، و إن غازل أردوغان هجر السيسي، و إن عانق يحي جامى صفع ماكي سال، و إن مدح السعودية هجا قطراً، فلم يستطيع أن يأخذ العصى من وسطها، فيتبنى مقاربة يحتفظ فيها بعلاقة طيبة من الشقيقتين المغرب و الجزائر.
على ولد عبد العزيز حين يسعى لتوتير العلاقات الموريتانية المغربية أن يفكر في طلابنا بجامعاتها و مرضانا بمستشفياتها، و في حي “الزرقطوني” الذي يغص بالعائلات الموريتانية، التي لا يتقيّد أغلبها بقوانين الإقامة في المغرب، فلا ينالهم منها غير التسامح و الإغضاء.. ليفكر في جيوش البطالة التي ما كان لها أن تسد رمقاً لولا ما تجلبه من سيارات خريبكه.. و فيمن لا يجدون غير المغرب ملائما لسياحتهم و استجمامهم.
ثم إنه على المغرب أن لا يأخذ الشعب الموريتاني الشقيق بجريرة عسكري أرعن استولى على الحكم فيها بالقهر و الغلبة، و أن توليه الصماء من آذانها.. فولد عبد العزيز لا يسأل نفسه و هو يتخذ قراراً ما عن انعكاساته على البلاد و مواطنيها. و إنما سيفكر فقط في حكمه و أسرته و جيوبه و نظامه.. ثم يكسع قفا التاريخ بقرار مرتجل.!
إقرأ الموضوع من المصدر:
عزيز “المغربي” و المغرب/ حنفي ولد دهاه