بطاطس وابلاستيك…في الدرجة الأولى!/عبدالله محمدي
تعودت النصح من صاحب وكالة الأسفار التي اعتمدها منذ أكثر من عقد من الزمن في أسفاري ورحلاتي المختلفة، فقد كان دقيقاً، مفضلا مصلحة الزبون قبل مصلحته الشخصية. إلا أنه في المرة الأخيرة جانب المصلحة؛ ـ من حيث لا يدري بلا شك ـ حين اقترح علي الدرجة الأولى في الخطوط الموريتانية الجديدة (الموريتانية الدولية للطيران).
كانت الرحلة باتجاه العاصمة الايفوارية آبيدجان؛ مرورا بباماكو، أي ثلاث ساعات، يتخللها الانتظار في محبس الدرجة الأولى.
قالت المضيفة الشابة إننا سنتناول طعام العشاء، ودون أن تكمل الجملة باغتني زميلها بصحن بلاستيكي فوق الطاولة. لا بأس.. قلت في سري، ولو أن في طريقة التقديم بعض الجفاء، إلا أن ما أثارني حقاً هو وجود البلاستيك بين مكونات الطعام، أو هكذا خلت على الأقل..! كنت قد علمت للتو أننا في الجمهورية التي تنتمي إليها شركة الطيران؛ منعنا استعمال البلاستيك، وعوضناه بالورق، خدمة للبيئة، وحَـداً من الاحتباس الحراري. فلماذا نمنعه في الأرض ونبيحه في الجو؟!. تفرست الصحن الموضوع أمامي فوجدته باردا، قلت لعل تلك طريقة جديدة في تفضيل الطعام البارد على الساخن؛ في الدرجة الأولي في شركة الطيران الوطنية، لكن قطعة اللحم المدورة كانت عصية على الإمساك. لم تساعد الأدوات البلاستيكية من السكين التي لا تقطع، إلى المغلف البلاستيكي الذي يمنع القطعة من أن تتزحزح، في مهمتي المستحيلة.. اعتذرت للمضيف، لأن المعركة غير متكافئة، وبالتالي يمكنه المساعدة في عدم توتير الجو. رحت في غفوة؛ قبل أن يوقظني المضيف مجددا، وقد بدأت طائرتنا مبارحة مطار باماكو، وضع أمامي صحناً جديداً، لم يتغير الوضع إلا ببعض الرتوش القليلة قطعة اللحم التي كانت باردة وعصية على الإمساك، أصبحت ساخنة، ربما غيرت هويتها في مالي التي تخوض حرباً ساخنة. قلت له ـ دون أن أعكر صفو خاطره ـ إننا في موريتانيا لا نحب الحروب، ونحبذ السلامة على الدخول في متاهات لا نتحكم في نهايتها. نظرت من خلف السواتر التي تفرق بين الدرجتين الأولي والسياحية، فإذا بعشرات المسافرين يلتهمون ما في الصحون دون أدني احتجاج وكأنهم يقولون لي : “لماذا تجعل من الأمر قضية؟!”. لكل شركة طيران شعارها، وطريقتها المميزة في جلب الزبائن، ربما سنقول لهم “إن البلاستيك؛ الممنوع أرضاً، يصبح له في الجو طعم مميز…!”. جربوا الدرجة الأولى في شركة طيراننا الوطنية، قد يكون ذلك شعار المرحلة.