خطاب ولد عبد العزيز في ختام الحوار الوطني الشامل
قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إنه لم يسبق له أن طالب بتعديل الدستور لمصلحته وطالب الشباب الموريتاني بجميع فئاته بالالتزام بتجديد الطبقة السياسية وتبني هذه المقترحات والدفاع عنها والتأسيس لموريتانيا ديمقراطية متصالحة مع ذاتها وتتسع لجميع ابنائها.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية :
“بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
السيد الوزير الاول،
السيد رئيس الجمعية الوطنية،
السادة الوزراء،
السادة رؤساء الهيئات الدستورية
السادة المنتخبون،
السادة ممثلو الأحزاب السياسية الوطنية
السادة والسيدات ممثلو النقابات والروابط المهنية ومنظمات المجتمع المدني،
أيها الحضور الكريم،
أيها المواطنون الذين يتابعوننا عبر الشاشة الصغيرة
،
أود في البداية أن أشكركم على حضوركم في هذاالمكان، وأشكر جميع المشاركين في هذا الحوار الوطني وكذااللجان المكلفة بتنظيمه وجميع المواطنين الذين ساندوه من قريب أو بعيد.
إن الهدف الأساسي لهذا الحوار هو ترسيخ الديموقراطية وتقوية الوحدة الوطنية، ولا يفوتني هنا الا أن أعود قليلا الى الخطاب الافتتاحي لهذا الحوار قبل ثلاثة أسابيع حين قلت لكم وقتهاان الهدف الاساسي من الحوار هو حماية مصالح الشعب الموريتاني والدولة الموريتانية، اذ لا مجال لطرح أمور شخصية لا تمت بصلة الى الشأن العام، ولا مجال لطرح أمر يخص شخصا بعينه، واعود اليوم للتأكيد عليه، فهناك من دأبوا على محاولة التشكيك واثارة الفتن والمشاكل لهذا البلد الغالي، حاولوا ذلك من خلال ركوب موجة الثورات التي كانت نتيجتها هدامة للاسف على بعض البلدان التي اجتاحتها ، ويحاولون اليوم الترويج لاكاذيب وادعاءات لا أساس لها ولم يسبق لاحد أن تبناها، ولا وجود لها الا في خيال أولئك، لا لشيءء الا لخلق مشاكل للبلد وربط مصيره بدول غير مستقرة لا أريد تسميتها.
ان الهدف الاساسي لهذا الحوار هو ترسيخ الديموقراطية لمصلحة من شارك فيه ومن غاب عنه تماما ومن علق مشاركته فيه في آخرالمطاف.
فمخرجات هذا الحوار واضحة لا غبار عليها ولا لبس فيها،وسيتم تطبيقها لكونها لا تصب في مصلحة شخصية وانما تروم مصلحة الشعب الموريتاني برمته ومصلحة أجياله القادمة.
فتقوية الوحدة الوطنية مهمة لتماسك الشعب الموريتاني الذي عانى في الماضي من مشاكل جمة استهدفت كيانه ووحدته، ويوجد بعض المسؤولين عن تلك المشاكل للأسف الشديد ضمن مقاطعي هذا الحوار ومن تقاعسوا عنه لعدم اهمية الشعب الموريتاني ومصلحته العليا وتقدمه وازدهاره في اعتباراتهم الشخصية .
فعندما أدرك هؤلاء أن الباب مسدود أمام تحقيق مآربهم الشخصية انبروا للترويج للأكاذيب، وما جرى الحديث عنه بشأن المادة 26 من الدستور و المادة 28 المرتبطتين في الفحوى مرده، إلى مطالبة البعض بتغيير سن الترشح للرئاسة لمصلحة أكثر من ثلاثين ألف شخص فقط في موريتانيا حسب الإحصائيات البيومترية .
واعتراض البعض على تعديل هذه الحيثيات بدافع الحرص على تجديد الطبقة السياسية أمر وارد اذ لا ينبغي تعديل الدستور لمصلحة شخص أو فئة بعينها لوجود ثوابت في الدستور لا يمكن تجاوزها ترسيخا للديمقراطية كأساس للتقدم والتنمية .
وبخصوص المادة 28 من الدستور فان تعديلها يصب في مصلحة شخص واحد هو رئيس الجمهورية، ورغم أن الكثير من المشاركين طالبوا بتعديلها لكنني أنا لم يسبق لي أن طالبت بذلك تعديلا أو تغييرا تحت أي ظرف كان، ولم يسبق لي كذلك أن تحدثت عن رغبتي في مأمورية ثالثة، وبالتالي فان دستور الجمهورية لا ينبغي ان يكون موضوعا لتلاعب البعض من خلال التعديل لمصلحة شخص او فئة وإنما يجب أن يتم ذلك على أساس المصلحة العامة ، سبيلا لترسيخ الديمقراطية وهذا ما ينبغي أن نسعى اليه ونهدف له.
وأود هنا التأكيد لكم كذلك أنني لا أجد حرجا في المطالبة بتعديل الدستور لصالحي ولا أخاف من ذلك بدليل أنني قمت في السابق بإلغاء الدستور لكنني اعتبر أن ذلك لا يخدم مصلحة الشعب الموريتاني، وانا مقتنع بالمحافظة على الدستور خصوصا المواد المتعلقة بمصلحة أشخاص بعينهم، هذه قناعتي التامة وهذه القضية ينبغي أن تكون محسومة ومتجاوزة ولا يمكن استخدامها لزعزعة أمن البلد واستقراره .
يجب أن نكون واضحين في هذا الشأن ليس خوفا ولا طمعا وإنما حرصا على المصلحة العليا للبلد التي ينبغي أن نضعها نصب أعيننا، وكل من تسول له نفسه زعزعة البلد بهذه الذريعة ستتصدى له الدولة وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتوقيفه عند حده.
وبخصوص المحاور التي تناولها الحوار فقد نص الاتفاق السياسي على حل مجلس الشيوخ ، وهو أمر موضوعي قد لا يكون البعض موافقا عليه ولكن الشعب الموريتاني لا يمكن إن تفرض عليه مجموعة بعينها رأيها ولا حزب ولا رئيس، وسينظم استفتاء في هذا الشأن لا يستطيع أحد منعه ولا الوقوف في وجهه وسيكون الشعب الموريتاني هو الحكم في هذا الشأن باعتبار الدستور مرجعية للاستفتاء .
وقد اقترحنا بديلا عن مجلس الشيوخ إنشاء مجالس جهوية منتخبة لتعزيز الديمقراطية وتوسيع فرص التنمية وتقريبها من المواطنين وتساوي الفرص بين الولايات في تدخلات الدولة ، والحد من الفوارق وسد النواقص في مجال التعليم والصحة والاقتصاد وتعزيز اللامركزية.
ونص الاتفاق السياسي كذلك على تغيير رموز وشعارات الدولة وتحسين العلم الوطني الذي نعتز به لكن لا ضير في إدخال تعديلات عليه بعد استفتاء الشعب الموريتاني على ذلك وهو أمر بسيط ولم يسبق للشعب الموريتاني ان استفتي على العلم الحالي، ووضع تضحيات الشعب الموريتاني في الاعتبار خصوصا أن ذلك العلم تم اختياره على أساس اعتبارات لا تخلو من ارتجالية ولا يعرف أحد سبب اختيار الوانه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”