هل أوقع الرئيس المعارضة في الفخ؟
الزمان ـ التفكير السياسي تختلف معطياته و مؤشراته، عن التفكير المخابراتي والأمني بالمعنى الضيق. ليس مطلوبا من السياسي أن يتجسس ويبحث في تفاصيل التفاصيل، إنما عليه أن يحلل الواقع ويبحث في مؤشراته العامة ويتخذ الموقف انطلاقا من ذلك.
وعليه فإن مؤشرات المشهد واضحة، فالرئيس لم يكن صريحا و واضحا بشأن المأمورية قبل هذا الخطاب فقد طرح عليه السؤال أكثر من مرة و كان جوابه دائما عموميا و غامضا و أحيانا مرجأ لغاية 2019. بعض أعضاء حكومته طالب بالمأمورية من داخل البرلمان، الوزير الناطق باسم الحكومة كررها أكثر من مرة، و ما تصريحاته عنا ببعيدة، و ماكان هؤلاء الوزراء ليفعلوا لو لم يكونوا يظنون أنها تنسجم مع ما يفكر الرئيس فيه ، زد على ذلك ان الرئيس بيده أن يعزل هؤلاء الوزراء لتجاوزهم للدستور و “تناقضهم” مع “توجهات الرئيس و مقاصده”.
زد على ذلك تجييش الموالاة و خصوصا حزب الاتحاد للمطالبة بمأمورية ثالثة، بل مقايضتها بسن الترشح و وسائل الإعلام تبارك الله مليئة بهذه الدعوات الصريحة و الضمنية.
كل هذه الأمور مجتمعة شكلت بالون اختبار لمدى إمكانية مأمورية ثالثة، لكن يقظة أحزاب المعارضة و غيرها من الوطنيين كانت بالمرصاد في كل مرة و هو ما شكل ضغطا قويا للتراجع و أفضى لهذا الخطاب الصريح للرئيس بشأن المأمورية. و أعتقد أن الرئيس بهذا الخطاب و المعارضة و غيرها من القوى الوطنية، أنقذوا البلد من مصير مجهول، كان دعاة العبث بالمواد المحصنة في الدستور، المطالبين بمأمورية ثالثة يحثون بنا الخطى نحوه. على كل نتمنى أن تكون بداية لعمل مسؤول من أجل الوطن و استقراره، و أن تكون بداية لتطبيع المشهد السياسي الوطني و للحياة العامة و أن يكون إيذانا لميلاد جو جديد هادئ تتخذ فيه القرارات و الإجراءات و المواقف المناسبة، من السلطة و موالاتها، و من المعارضة بكل أطيافها و كذا تشكيلات المجتمع المدني و الحقوقي، و التي تتطلبها المرحلة القادمة من أجل ايجاد آليات توافق و إجماع وطني لتسيير المرحلة المقبلة وصولا بالبلد إلى بر الأمان من خلال تناوب سلمي على السلطة في 2019 يقبله و يسلم به الجميع و يحترمه.
اللحظة أبها المريتانيون و الموريتانيات في الداخل و الخارج في الموالاة و المعارضة، و في المؤسسة العسكرية حاسمة في مصير بلدنا و علينا أن نكون على قدر المسؤولية، و يقدم كل منا ما يناسبه من التضحية من أجل وطن يظلنا جميعا و نحس بالأمن و الأمان.