محمد فال ولد بلال ::معاوية جزء من تاريخ الأمة
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيّه الكريم إلى الإخوة الشباب في جمعيّة ” جيل معاوية “,الأعزّاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته, وبعد/ الموضوع : تلبيّة دعوتكم الكريمة في أوّل إطلالة أطلّ بها على وسائل الإعلام بعيد انقلاب الثّالث من أغشت 2005, كنت في حوار ودّي و أخوي مع النّائب المحترم محمد محمود ولد أمّات على شاشة التلفزيون الموريتاني, وقلت يومها :
“إن الرّئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطّائع صار جزءا من تاريخ الأمّة…و إن التاريخ لا يكتب فوريّا , بل يحتاج إلى عامل الزّمن في صناعته و كتابته. و من هذا المنظور , يكون الشّعب بحاجة إلى مسافّة زمنيّة تفصل بينه وبين حكم الرّئيس معاوية حتّى تتكشّف له الحقائق , و تبدي الأيّام أسرارها , و ينجلي الغبار…حينها, يمكن كتابة التاريخ بهدوء و اعتدال و موضوعيّة…”
اليوم , وبعد سبع سنوات , ها أنتم الشباب “جيل معاوية ” تودّون قراءة تاريخ حكم الرّئيس معاوية و استذكار إنجازاته و أخطائه … قد لا أوافقكم الرّأي في تقدير المرحلة و التّوقيت, لأن موضوع الرّئيس معاوية لا يزال موضوعا راهنا , ولأنّه هو الغائب – الحاضر في الأذهان وفي الوجدان …كأنّ عقارب الساعة لم تتحرّك من بعده…و كأنّ البلد يراوح مكانه منذ غيبته. لهذا السّبب, أخشى أن لا يكون سعيكم مفهوما و أن لا يكون مشكورا… وأنّه ربّما يثير في البلد زوابع فضوليّة و مساجلات عبثيّة تصمّ الآذان من جديد و تحجب البصائر و الأبصار… و مع ذلك , لا يسعني إلاّ أن أستجيب لدعوتكم بكل سرور و محبّة و اعتزاز…و أجعل نفسي و ما بيدي من مذكّرات و مستندات و مراجع تحت تصرّفكم…و في هذا الصّدد, يؤسفني فقط أنّني لم أتعرّف على الرّجل إلاّ في حملة رئاسيّات 2003 حين شرّفني بأن أكون ناطقا باسمه…قبل ذلك التاريخ – و على عكس ما يتصوره الكثير من الناس – لم أحظ بمقابلة الرّئيس معاوية طيلة فترة حكمه…إلاّ مرّة واحدة …و لذلك , لن يكون بوسعي مساعدتكم على معرفة معظم مسار تاريخه و مراحله … لكن في البلد كوادر و شخصيّات بارزة تعرّفوا عليه , و رافقوه , و واكبوا حكمه لمدة أطول …استعينوا بهم لفهم المرحلة كلّها…. أيّها الإخوة و الأخوات, يوم الثّاني عشر من ديسمبر, هو يوم استفاقة الذّاكرة على تدخّل المؤسّسة العسكريّة بكامل أركانها و قيّاداتها لترفع إلى الحكم رجل من أخلص أبناء الوطن…يوم يعيد للذاكرة جملة التّأمل و التّزمل بأحلام تساوت مع الواقع … يوم تلتقي فيه القلوب عند دروب التّذكر لأن الرئيس معاوية الذي أطيح به بعد اعتقال جميع القادة العسكريين في القوّات المسلّحة النّظاميّة كافّة – أركان الجيش والدرك و الحرس- و هو غائب , سيبقى عمله , وتبقى همّته و منجزاته في الوجدان الموريتاني باقيّة مستقاة من أنهار الحب و جداول العرفان. يوم الثّاني عشر من ديسمبر , يوم استدعاء الذاكرة لإعادة قراءة المسار و استرجاع مفاصل التاريخ لقائد بذل النّفس و النّفيس من أجل تأسيس دولة موريتانيّة عصريّة تقف عند هامات السحاب , معلنة هطول الخير من مزْن العطاء…يوم إنعاش الذّاكرة بما يختلج في ثناياها من حبّ و وفاء لرجل أحبّ وطنه و شعبه …و جاهد بنفسه و عرضه لإرساء هويّته وتأكيد شخصيّته و فرض احترامه . يوم الثّاني عشر من ديسمبر يفتح نافذة الذّاكرة لإطلالة واعيّة على مكاسب تحقّقت للوطن بفكر رجل شجاع حاول أن يجعل بلدنا العزيز بلدا راقيّا , متألّقا ,باسما ,متلازما مع قضايا المواطن, إيمانا منه بأن الإنسان هو أعظم رصيد و أغلى ثروة يجب الاهتمام بها و الاعتناء بشؤونها… كما أنّه يوم يعيد إلى الأذهان أخطاء نظام الرئيس معاوية و مناقشتها و تشخيصها لتكون عبرة و درسا لكلّ القادة و الرّؤساء و الفاعلين الوطنييّن المحترمين من بعده…نعم , لقد أخطأ الرّئيس معاويّة في مقاربة بعض الملفّات , وما ذاك إلاّ تأكيدا لمقولة ” أن لكلّ جواد كوبة…و لكلّ عاقل هفوة “… و في الختام , هنيئا لكم و بارك الله فيكم و هداكم إلى مزيد من الابتعاد عن السياسة و عن صراعاتها العقيمة … ليبقى اسم الرّئيس معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطّائع ” و من خلال جمعيّتكم مقترنا بالثّقافة و الفكر و البحث في التاريخ و التّراث… و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أخوكم , محمد فال ولد بلاّل