الگابون، الحمض النووي والحمض السياسي/ إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا
لاشيء يعلو فوق العائلة ولا حقائق أكبر منها في إفريقيا حين الحديث عن السلطة. رئيسة المحكمة الدستورية الغابونية ماري مادلين امبرانتسو(61عاما) امرأة تحمل على كتفيها للأيام القادمة مصير بلد بكامله.
لجأ إليها المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية چان بينگ خمسا وأربعين دقيقة قبل انقضاء الأجل القانوني للطعون، وتنظر إليه بوقار أكثر من الحنان الذي يربطها بهازمه المزعوم علي بونگو.
لكن السيدة القاضية تتربع على رأس المؤسسة منذ عشرين سنة وهي المرأة المثقفة خصيصة المالية العمومية والقانون، تحمل أثقالا أخرى قد تساعد على فهم اللغز.
حيث أنها أم لثلاثة أحدهم مجروح النسب لدى الأصوليين هناك، أبناء من الرئيس السابق عمر بونگو، وأخوهم الأكبر غير الشقيق علي بونگو خصم أمامها.
وحيث أنها صديقة شخصية لمديرة ديوان الرئيس عمر بونگو، ووزيرة الخارجية السابقة، البنت الكبرى للرئيس الأسبق عمر بونگو (باسكالين بونگو) وتلك أم لابني چان بينگ الأكبرين.
الغريمان الماثلان أمام ماري مادلين نسيب وابن، ووراءهما إيذان بانفجار في عائلة كبيرة تحكم جمهورية صغيرة؛ وتضم عشرات الأفراد وكلاهما نسيب للآخر وكلاهما كان وزيرا للخارجية إضافة إلى باسكالين أيضا التي ليست سوى أخت للآخر وأم لأبناء الآخر ووزيرة سابقة للخارجية هي الأخرى، بل هي وزيرة الخارجية الوحيدة في الكون التي تزوجت من وزيري خارجية.
حكم عمر بونگو الغابون لأربعة عقود، ويقال إن المطربة الشابة “باسيانس داباني” الأم المزعومة لعلي بونگو كانت تتعالج من العقم لدى طبيب إسرائيلي في بداية السبعينيات في تل أبيب وأنها يوم ولدت علي بونگو 1959 كانت ذات أربعة عشر ربيعا.
“دخل” عمر بونگو بمائة امرأة في حياته مما علم من أمره وقلائل منهن من لم تنجب له أو به، وقد لاتكون المدارس الفقهية ومسالكها في حفظ النسب حاضرة في ذهن حاكم مطلق في بلد صغير يسع ثمانين عقيدة وعشرات اللغات ولم يطأه الدعاة إلا بعد الغزاة.
ثم إن من أهم مرتكزات عقود الزواج في حضارة الساحل الغربي للقارة الإفريقي للأطلنطي؛ المساكنة والتراضي واستهلال المواليد صارخين.
ماري مادلين بهذا المنطق وجدت نفسها على مفترق طرق؛ أن تكون بشير خير على عائلة أبنائها فتدرأ الذي هو أدنى بالذي هو خير في حكمها على طعون چان بينگ؛ أو نذير شؤم عليهم فتسكت عن ال174 محضرا لمكاتب الاقتراع التي تزيد على ال 200 والتي تقدم چان بينگ بها، وتحتفظ بها النائبة البلغارية المفوهة بالبرلمان الأوروبي “ماريا گابرييل” قائدة أول بعثة أوروبية إلى الغابون في تاريخ العلاقة بين البلد والاتحاد الأوروبي.
وضع ماري مادلين النفسي والكيميائي في ليبريفيل هو تنازع بين حمضين نووي وسياسي فأي الحمضين سيرعوي ؟