ولد محفوظ يدعو لقبول توبة ولد امخيطير
لي بشأن ولد امخيطير ملاحظتان ، أولاهما أنّه ما من ذنب وإن عظم تاب عنه صاحبه توبة نصوحا، إلاّ تاب الله عليه، بدليل قوله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إنّ الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم” {الزمر 53}، وقوله صلى الله عليه وسلّم:
“إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتّى تطلع الشمس من مغربها” رواه مسلم، والرجل أعلن توبته وكتبها بُعَيْدَ إساءته بقليل، أما كون هذه التوبة تدرأ عنه الحدّ أم لا، فالعلم عند الله، لكنّ ما أعرفه هو أنّ هذا الموضوع محلّ خلاف قديم جديد بين العلماء وحتى فقهاء القانون، وهو الآن معروض على القضاء، وسيقول كلمته النهائية وعلى الجميع أن يتقبلها كيفما كانت، إذا أريد بها وجه الله، ونتمنّى أن تكون كذلك، ولكنّني قبل ذلك أريد أن أقول للمتعطّشين للدم ـ بصرف النظر عن كونهم محقّين أو مخطئين، صادقين أو مُرَائين ـ خذوا راحتكم، فلو تعزّز عليه الحكم بالإعدام، فلن يكون إلا واحدا من بين عشراتٍ حُكِمَ عليهم بالإعدام وحُفِظَ الملف في الرفوف، وها هم اليوم ينعمون بالحياة في السجون الموريتانية، أمّا خطأ من ذاك؟ فتلك “كِتْبَةٌ أُخرى” أمّا الثانية فهي أنّه لو حصحص الحقّ وخَلُصَت المواقف والنيات لكان معه الآن في السجن آخرون، ينتظرون من البراءة أو الإعدام ما ينتظر، خصوصا أنّ منهم ولد محمد المامي، وجرمه أعظم من جرم ولد امخيطير، لأن إساءته مزدوجة، فهي إساءة إلى الرسول الكريم وإلى ربّ العالمين، ودعونا من تلك الأسطوانة المشروخة (المغرّر به، المسكين، أوراق الإقامة، الوجود في دولة أجنبية) فرُبّ عذرٍ أقبحُ من ذنب، فهل يَقْبَلُ عاقل أن الدولة حين أرادت أن تسترجع ضابطا ساميا من وراء الحصون المنيعة للسجون الفرنسية فَعَلَتْ، ولكنّها لا تستطيع أن تسترجع متشرّدا مسيئا إلى الله ورسوله ليلقى جزاءه، وهو يتسوّل في شوارع انيويورك أو واشنطون أو غيرها من المدن الأمريكية، هذا إن لم يكن يتجوّل الآن بكلّ راحة واطمئنان في شوارع انواكشوط، فأيّ منطق هذا؟! فيا من تناصرون حقّا النبيّ صلّى الله عليه وسلم وتدافعون عنه، اتّبعوا هديه، وتمسّكوا بمنهجه، فذلك أصدق دفاع وأقوى مناصرة، وما عداه نفاق، وتذكّروا قوله صلّى الله عليه وسلّم: “إنّما أهلك الذين من قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم “الشريف” تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” رواه الشيخان. فأين عدل محمد صلى الله عليه وسلّم ومساواته بين الجميع مما هو حاصل عندنا من جاهلية وعنصرية وطبقية؟!
الدكتور محمد ولد محفوظ