وثيقة ‘‘القاعدة‘‘ المثيرة ورد ‘‘حنفي‘‘ علي ‘‘أبوالمعالي‘‘
الزمان ـ كتبت القدس العربي : لقد‘‘ أثارت وثيقة سربها تنظيم القاعدة قبل يومين عبر صحيفة «تقدمي» الآنية الموريتانية ذات الخط المعارض، أمس جدلاً بين خبير موريتاني مشهور في قضايا التنظيمات الجهادية بالساحل، والمدير الناشر للصحيفة التي ترى أن الوثيقة سربت عبرها بصورة حصرية ومؤكدة.
وأكد محمد محمود أبو المعالي الإعلامي الخبير في قضايا الساحل في قراءة للوثيقة نشرها أول أمس «أن الوضعية الحالية بين موريتانيا والقاعدة تقوم حالياً على استراتيجية «المحايدة» أو «المتاركة»، أي أن كل طرف حيد الطرف الآخر عن قائمة أهدافه، أما ما سوى ذلك من دفع للأموال أو إفراج عن السجناء، فلا توجد أدلة أو إشارات تعزز فرضيته، وما نشر من وثائق سواء تعلق الأمر بوثيقة المخابرات الأمريكية التي ضبطت في المنزل الذي قتل فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في «آبوت آباد»، أو الوثيقة الحالية موضوع النقاش، فإنها لا تقدم إجابات متماسكة، تصمد أمام أول محاولة للقراءة والتحليل». وأزعجت تحليلات الخبير النافية للوثيقة صحيفة «تقدمي» فخصص مديرها الناشر حنفي ولد دهاه مقالاً افتتاحياً للرد على الخبير أبي المعالي تحت عنوان «ولا ينبئك مثل خبير»، أوضح فيه أنه «بعد نشر تقدمي لوثيقة هدنة موريتانيا مع القاعدة ثارت يعاسيب الاستخبارات من أوكارها، وجن جنون ولد عبد العزيز، وحرك ولد مگت (مدير الأمن) بيادقه الصحافية للتشكيك في صحتها والطعن في مصداقيتها، وتم الضغط من جهات عليا على أعيان ووجهاء قبيلة مدير «الجزيرة نت» ليضغطوا بدورهم عليه لطيّها بعد نشرها، رغم أن قد تناقلها الركبان، و طارت بها في الجو عنقاء مغرب». «وحين بلغت الحلقوم» ، يضيف الكاتب، انبرى «الخبير» أبو المعالي لينتشل النظام من ورطته، وإنها لشنشنة نعرفها من «مفوضية أخبار نواكشوط»، فقد بنى «الخبير» ما ساقه في تفنيد الوثيقة على أنها حديثة، رغم أنها غير مؤرخة، مما يجعل من الراجح أنها إحدى الرسائل الداخلية التي تداولها قياديو تنظيم القاعدة في إطار نقاشهم للعرض الذي قدمته السلطات الموريتانية لمهادنة تنظيم القاعدة، وهو ما تؤكده تسريبات المخابرات الأمريكية للوثائق التي وجدت بحوزة بن لادن، والتي نحت نحوها تسريبات من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون». وقال «الواضح أن الرسالة تمت كتابتها في إطار نقاش وتشاور داخلي إرسالها لقائدين من قادة التنظيم، هما: أبو الهمام عدو موريتانيا الأول في تنظيم القاعدة، الذي كانت عملية «لمغيطي» في 28 حزيران/يونيو 2005، من تخطيطه ومشاركته، كما كانت عملية «الغلاوية» (في كانون الأول/ديسمبر 2007) بقيادته واستشهد فيها 3 من الجيش الموريتاني»، وفي 23 يونيو 2009 كانت عملية لكصر التي استهدفت الأمريكي «كريستوف لكيت»، بتخطيط يحيى أبي الهمام (حسب منتديات مقربة من القاعدة) وتنفيذ (محمد عبد الله ولد احمدناه، الملقب «أبو أنس») و هو أحد الموريتانيين الذين شاركوا في عملية ذبح الجنود في تورين (ما زال يقبع في السجن)». وخلص حنفي دهاه إلى تأكيد «أن الخبير أبا المعالي ذو معلومات قديمة، لم يتم تحديثها منذ أن مات مصدره الحسن ولد الجيّد «جليبيب»، الذي استهدفته القوات الفرنسية بعد رصدها لمكالماته معه، وفي النهاية لا يمكنني إلا أن أوكد الصحة الوثيقة لهذه الوثيقة، التي أثق تماما في مصدرها.. وأقول للخبير أبي المعالي: علمت شيئا وغابت عنك أشياء». وكان الإعلامي البارز أبو المعالي قد تحدث عن جملة ملاحظات في قراءته المطولة للوثيقة أولها أن الرأسية التي تصدرتها كتبت عليها عبارة «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وهو اسم قديم للتنظيم، تغير منذ فترة طويلة، حيث أصبح الاسم الرسمي للتنظيم هو «تنظيم قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلامي»، ويكتب بخط مميز ومعروف، على شكل رأسية رسمية للتنظيم». وكان الدليل الثاني الذي شكك به أبو المعالي في الوثيقة هو أن الرسالة موجهة لشخصين هما «أبو الهمام» والواضح أن المقصود «يحيى أبو الهمام» (أمير منطقة الصحراء الكبرى منذ أكتوبر عام 2012 حتى الآن) أما الثاني فيدعى « أبو مسلم بلال»، وهي كنية لشاب جزائري يدعى، «سلام عميروش» وشهرته «بلال الجزائري»، فإن كانت الرسالة كتبت خلال فترة حياة «أبو مسلم» (قبل شهر تموز/يوليو عام 2010) كان من اللازم أن توجه للقائم بأعمال أمير الصحراء حينها «نبيل أبو علقمة»، والذي يتبع له أمراء السرايا وعناصرها بمن فيهم يحيى أبو الهمام وأبو مسلم بلال، وليس من المعهود أو الوارد أن تخاطب قيادة التنظيم، قادة من الصف الثاني أو الثالث، دون المرور بقيادتهم المباشرة، بل من المعروف عن التنظيم صرامته في الوقوف عند تلك الشكليات التنظيمية التراتبية، أما إن كانت الرسالة موجهة إلى «يحيى أبو الهمام» بوصفه أميراً للصحراء (أي بعد شهر أكتوبر عام 2012) فإن «بلال» قد مضى على موته ـ ساعتها ـ أكثر من عامين وثلاثة أشهر». «كما تضمنت الوثيقة، يضيف أبو المعالي، استشكالاً لعبارة «المحايدة» وهو أمر مستغرب جداً، إذ من المعلوم أن عبارات من قيل المتاركة (يترك كل طرف الطرف الآخر) والمحايدة (يحيد كل طرف الطرف الآخر) والمفاصلة (ينفصل كل طرف عن الطرف الآخر) هي عبارات كثيرة التداول في قاموس الحركات الجهادية، بل تكاد تكون من نحتها، وبالتالي فإن استفسار قيادة التنظيم عن معناها وإلحاحها في ذلك أمر مثير للاستغراب». وبخصوص ما تضمنته الوثيقة من عرض قدمه النظام الموريتاني بالإفراج عن جميع سجاء التنظيم مقابل المحايدة، أي تحييد التنظيم لموريتانيا عن قائمة أهدافه، أكد أبو المعالي «أن موريتانيا منذ نهاية عام 2011 باتت خارج أهداف التنظيم، إذ لم يسجل أي هجوم أو نشاط مسلح للتنظيم على أراضيها، لكن أياً من السجناء لم يفرج عنه، باستثناء اثنين يحملان الجنسية المالية هما: عمر الصحراوي الذي أفرج عنه بعد تسلميه لمالي، في عملية تبادل الرهائن الإسبان الذين اختطفوا نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2009 على طريق نواكشوط/نواذيبو، وعبد الرحمن ولد مدو الذي أفرج عنه كذلك بداية عام 2012 مقابل إخلاء التنظيم سبيل الدركي الموريتاني اعل ولد المختار الذي اختطف من مدينة «عدل بكرو» نهاية عام 2011». «ومن هنا يمكن القول، يضيف أبو المعالي، إن توصية مجلس الشورى بعدم استهداف الجيش الموريتاني ليست بالجديدة، لكن الجديد هو توقف كل العمليات والاستهدافات داخل الأراضي الموريتانية منذ بداية عام 2012، بما في ذلك استهداف الأجانب والمصالح الغربية في البلد، ومرد ذلك أن التنظيم في تلك الفترة دخل في تحالف مع جماعتي «أنصار الدين» و»التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا» وشرعوا في التخطيط للاستيلاء على شمال مالي، وهو ما تحقق لهم في نهاية شهر آذار/مارس وبداية شهر نيسان/ إبريل عام 2012، ثم انشغلوا بعد ذلك بتسيير الشؤون اليومية للسكان الذين باتوا تحت سيطرة حكمهم في المدن والقرى، وتوقفت خلال تلك الفترة كل عمليات التنظيم خارج منطقة أزواد». وعلى أساس هذه الملاحظات جزم الإعلامي أبو المعالي بأنه «لا توجد أدلة أو إشارات تعزز فرضيته، وما نشر من وثائق سواء تعلق الأمر بوثيقة المخابرات الأمريكية التي ضبطت في المنزل الذي قتل فيه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أو الوثيقة الحالية موضوع النقاش، فإنها لا تقدم إجابات متماسكة، تصمد أمام أول محاولة للقراءة والتحليل». يذكر أن الحكومة الموريتانية قد نفت بشدة إبرامها لأي هدنة مع تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، حيث أكد محمد الأمين ولد الشيخ الوزير الناطق باسمها في تصريحات له حول هذا الموضوع «أن سنة 2010 التي حددتها الوثائق المسربة تاريخا للهدنة، شهدت مواجهات مشهورة بين موريتانيا وتنظيم القاعدة، بينها إرسال تنظيم القاعدة سيارات محملة بالمتفجرات إلى نواكشوط فجرت إحداها على مشارف العاصمة».