التعري يكشف المرأة / تارا غزال
تختلف المرأة عن غيرها من النساء في طريقة لباسها، فهي في المجتمعات الغربية اكثر تحررا اذ تولد في بيئةٍ تمنحها كل حقوقها، وتساويها بالرجل ولا تملي عليها لباس محتشم او مستور كونها تعيش في دولة علمانية لا حكم للدين الذي يملي بالسترة والحشمة للنساء.
لا تخضع المرأة لقوانين وعقائد تجبرها على شراء ثياب معيّنة، فهي سلطانة حياتها وتنمو منذ طفولتها على حريّة الفكر والإنفتاح.
يقول البعض بأنّ الغرب يبالغ في التعري لكن إن نظرتم قليلاً وجدتم النساء تتعرى عندنا اكثر من الخارج. صحيح ان لديهم هناك يوم عالمي يحتفل فيه بالتعري، بالإضافة إلى فئة كبيرة من (التوبليس) وشاطئ العرات وما إلى ذلك… ولكن أولئك فئة لا تمثل كل المجتمع.
ففي تلك البلاد المنفتحة النساء تحتشم اكثر منّا فقد سافرت إلى بلادٍ أجنبية كثيرة منها الولايات المتحدّة وفرنسا والدانمارك وبلجيكا… فلم أجد نساء تعرض نهديها او مؤخرتها بطريقةٍ سوقيّة ومبتذلة كبعضهن عندنا. كما انّ النساء عندنا يتعرين للفت النظر وللإثارة امّا عندهم فالتعري امرٌ طبيعي ولا يثير غرائز احد.
عندنا اذا ما لبست الفتاة تنورة قصيرة تُلام كلما نظر إليها رجل نظرة جنس او حتى اذا تعرّضت للإغتصاب فالخطيئة الأصلية تلبسها هي، وتتم تبرئة الرجل من أفعاله الدنيئة. فهي إن احتشمت أصبحت طاهرة واحترموها وإن لبست ما تريده جعلوها تعاني من الألسنة، والقال والقيل والشتائم لأنها بنظرهم إن خلعت عنها الحشمة اشتعلت غرائزهم المكبوتة.
عندهم إذا تعرّت المرأة كليّاً على شاطئ العرات مثلا، لا يبالون لأنهم لا يعانون من الكبت ومن انعدام التربية والثقافة الجنسية ومن المحرمّات ومن الأحكام… التعري عند الغرب ليس ايقاظاً للمشاعر الجنسية المكبوتة.
نحن في مجتمعٍ منذ معرفة جنس الطفل يحدّد مصيره، فإن كانت فتاةً عاشت مضطهدةً في مجتمعٍ ذكوري حيث الأب والأخ والزوج ثم الإبن يمارس عليها الضغوطات والسلطة وينفذّ فيها الثواب والعقاب.
التعري او الإحتشام حريّة شخصية كممارسة الدين لا يحق لأحدٍ ان يفرض على الآخر طريقة لباسه، فإذا أرادت المرأة ان تجاري الموضة في شبابها لا يعني ذلك بأنّ تسمح للرجل بأن يلمسها… كون المرأة عصريّة وتشير إلى العلمانية بمظهرها لا يعطي الحقّ للذكور باغتصابها، وكون المرأة اختارت الحشمة لا يعني شيئاً ايضاً. وفي تلك الحالتين لا يحقّ لنا ان نحاكم احدهما لأّن كل شخص حرّ فهو لا يمثّل شرف أباه ولا أخاه بل يمثّل احترام نفسه لنفسه وطريقة تفكيره وتعامله مع حميمية جسده.
قد تتعرى بعض النسوة لتسويق بعض المنتجات كما يفعل الرجل في عرض الأزياء، فتختار ان تجعل من جسدها ممّراً وسلعةً للمنتوجات، لترخّص من جسدها وتحوّله إلى محطةٍ وسلعة.
قد يلجأ بعض النسوة إلى التعري احتجاجاً على موضوعٍ ما فتخلع عنها الثياب لتشكلّ صدمةً في المجتمع في إحدى المظاهرات معترضة على قانون او حكم معيّن او مطالبةً بحقوقٍ. وهنا لم يعد جسدها يؤدي دور الإغراء بل الصدمة ولفت النظر، وهنا أعارض هذا الموقف الذي للأسف تلجأ اليه بعض النساء، لكن المهمّ انّه في الخارج هذه الامور عاديّة اما عندنا فإن وقعت ستُحدث بلبلة.
في نهاية الأمر يبقى التعري حريّة شخصية وعلى المرء احترام قدسية جسده وحميميته وان لم يشأ ذلك فهذا يعود إليه وحده.