أحمد ولد سيدباب بين ألق الثقافة والانتهازية عبر استغلال النفوذ /عبدالفتاح ولد اعبيدن
أمس – الأحد الموافق 04دجمبر 2016 – بمنزل إبن خالي إثر وفاة أخيه رحمه الله، دخل علينا أحمد ولد سيدباب، الذي يروَج أنه زعيم قبيلتنا الشريفة”اسماسيد”، وبدل التركيز على التعزية، خاطبني لست مهنيا، قلت عنَي في المقال الفلاني كذا وكذا، واعتبر ما ذكرت في هذا المقال الآتي مسيئا:
“
تعليق على اجتماع لدى منزل محمد ولد نويكظ في لكصر
اجتمع ليلة الأربعاء الموافق 16 نوفمبر2016، جمع غفير من أبناء شمس الدين، من مختلف المشارب المؤيدة والمعارضة لولد عبد العزيز، لكنهم أجمعوا على استقبال صهرهم محمد ولد عبد العزيز، رغم كل ما سبق من إساءة وسجون وتنكيل وغدر بالرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، وقد استطاع اشريف ولد عبد الله بذكائه وخلقه الجم ومكانته الكبيرة لدى الجميع، إلى جانب جهد منظم اللقاء ومستضيفه الملياردير الشهير محمد ولد نويكظ أن يستميلا زعيم القبيلة التقليدي المعارض، لحضور هذا اللقاء، احمد ولد سيدي ولد سيدي بابه، المعارض العنيد الصلب، إلا أن خلق الحلم واستضافة الصهر والمتغلب، دفعه لحضورهذا العشاء السياسي بامتياز، الذي مازالت أصداءه تتردد في سائر أوساط القبيلة، من أطار إلى أوجفت إلى اركيز، إلى نواكشوط ونواذيبو، وغيرها من نقاط الوطن ،الذي يتواجد فيها بصورة متفاوتة بعض أبناء شمس الدين، الحلماء الأذكياء المسالمين الشرفاء، والذين كرسوا على رأي البعض، عبر هذا الإجتماع التاريخي، بعض معنى قوله تعالى: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”.
فهل هو العفو بعد المقدرة، المكتمل شروط العفو اللائق، أم الإستسلام تحت الضغط فحسب.
اللهم سلم….سلم…
ما من صواب فمن الله، وما من خطأ فمني وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه. “. – انتهى الإستشهاد –
وسألته : هل قرأ المقال، فقال مغاضبا، مفاخرا، لم أقرأه، وإنما نقل لي بعض ما ورد فيه، وأكد أنه لا يطالع صحافة موريتانيا ولا إعلامها السمعي والبصري، وتأكدت أن ابن عمي الغالي غضب وتكبَر إلى حدَ الطيش،وخرج من المنزل قبل أداء التعازي بصورة لائفة.
ألم يقل ربَنا جلَ شأنه في محكم تنزيله:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”
تاريخيا كان محمد ولد الطيب، شقيق عبدالفتاح الملقب اعبيدن، وشقيق سيدباب الأصغر من أبناء الطيب، هو المكلف بشؤون القبيلة، في القرن الثاني عشر الهجري،الموافق للقرن الثامن عشر الميلادي، ونتيجة للظروف المادية القاسية وكثرة تكاليف المسؤولية أخبر محمد ولد الطيب شقيقه اعبيدن بعدم قدرته على مواصلة مهام “اشياخة”، وعبدالفتاح الملقب اعبيدن، معروف بكثرة واحاته، خصوصا في وادي تيارت الواقع قرابة 7كلم غرب مدينة أطار، وكان كل ليلة يبيَت يديه من كثرة مشقَة العمل في الواحات، مضمَختين ب ” ادباغ”، وكان كل ليلة يخرج “صاير” وأجرة مائة عامل، ما بين تابع له ومؤجر، وكان صالحا صاحب كشف، غني واسع العيَال والمريدين، لكن اعبيدن اعتذر عن الزعامة المباشرة، وفي المقابل اقترح على أخيه الأكبر محمد، بعد تعبه من تكاليف المسؤولية الجسيمة، وللتذكير المسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريفا، تقليد أخيهم الأصغر الفقير حسن الطبع، سيدباب، المسؤولية، ليفرض الحال على “اسماسيد” التعاون على مؤونتها وما يترتب عليها، ومن جهة أخري يصلح لها سيدباب،لأدبه الجم وحكمته الفطرية، لكن العرق دسَاس، فمن حين لآخر يتولى الزعامة من هذه الأسرة من تثبت الأيام، في بعض الهنات، ولكل جواد كبوة، عدم صلاحيته لهذا التكليف، فيبدَل مثل ما حصل سابقا ذات مرة، فترة الإستعمار.
واليوم أقول حان الوقت بامتياز، بسبب الخرف وعدم خفض الجناح لمن يستحق ذلك، عرفا وتاريخا ورحما ومصلحة، لقد تجاوز ولد سيدباب كل الحدود للأسف البالغ، وأيام كان وزيرا والبعض يتفهم ذلك أيام ولد داداه رحمه الله، كان منزله مغلقا شديد الحراسة، ويقول لهم عند إلحاحهم على الدخول، اذهبوا إلى منازل اسماسيد بلكَصر، وكأنه ليس منهم، وهو “يا برَ” “شيخ اسماسيد”، وقد منع مرَة شقيق حرمه من الدخول بالمنزل وقت القيلولة.
وأقول هنا: الزعامة الأسرية لكثرة المنافع والمصالح المترتبة عليها أحيانا، تقتضي في معظم الملفات الحياد بدل التموقع، وإن لزمت المواجهة، فلابد أن يكون ذلك بعد درس وتمحيص وحساب دقيق، يمليه الشرع والواقع المفحم، المحرج في أحيان كثيرة.
جرَنا للصَدام مع معاوية1992، عبر إصراره على الترشح باسم حزبه،ضدَ سيد محمد ولد عمار، المقرب عائليا من ولد الطايع، العسكري الصارم، ومعاوية والدته زينب بنت عمار، وجرَنا ولد سيدباب أيضا للصدام مع المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، الحاكم وقتها، والصدام مع أهل عبدالله وأغلب “أولاد مون”، نيابيات 2006 في أطار، لصالح شاب مغمور، المحام سيد محمد ولد محم المولود بأبي تلميت في أحواش أهل الشيخ سيديا.
وكان ولد سيدباب انتهازيا عندما وزَر ابن شقيقته رحمها الله، محمد ولد اسماعيل ولد اعبيدن، حيث أبرم اتفاقا مع جماعة ” شيشاوة واللوكَة”، الذين أحكموا قبضتهم على الحكم إبان انقلاب الأربعاء3 أغشت 2005، وجاء هذا التفاهم النفعي، بعد أن أصدر ولد سيدباب بيانا هشَا باسم حزبه يرفض فيه انقلاب 3اغشت المذكور، وتغيَر مزاج الزعيم بمجرد الوعد، وبعد أيام قليلة ظهر اسم ابن أخته المذكور آنفا، على لائحة حكومة ما بعد الإنقلاب.
ولا داعي لشرح أكثر، فرغم ثقافته وتفوقه في الأدب الفرنسي، وحصوله على شهادة عليا من جامعات فرنسا، إلا أن التعالي أحيانا والغرور بالألق الإجتماعي والثقافي وعدم الواقعية البراغماتية الموزونة، هذه الواقعية التي يقتضيها مقامه الاجتماعي في نظر البعض، أقول بعض هذه الملامح غير المناسبة في نظر البعض أودت به في تصوري الخاص إلى الفشل الاجتماعي غالبا والسياسي أحيانا، وللتذكير تولى أحمد ولد سيدباب زعامة الأسرة إثر وفاة أخيه لأب، سعدبوه ولد سيدي ولد سيدباب على طريق روصو بحادث سير سنة1973، وهو – أي سعدبوه رحمه الله – المعروف بالتواضع وسعة الناس جميعا والحذاقة الكاملة.
وستبقى أسرة أهل سيدباب أبدا بإذن الله أسرة حكمة فطرية وتواضع نموذجي، والعصمة للأنبياء والرسل فحسب عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فهل سيراجع الزعيم الفذَ المثير والمثقف والسياسي الشهير، زعيم قبيلة “اسماسيد” الشرفاء بعض أوجه مساره المثير في نظر البعض، قبل فوات الأوان.
وأعبر عن تقديري لشخص زعيمنا أحمد ولد سيدباب حفظه الله وأطال عمره في طاعته، وهداه الله وهدانا للأقوم الأصوب، اللهم آمين.
ما من صواب فمن الله وما من خطإ فمني ومن الشيطان، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وأستغفر الله وأتوب إليه.
وأختم بالتذكير بقوله تعالى: ” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا “.