كل شيء يحدث، يا سيدي العزيز…/ أحمد ولد الشيخ
تنتهي سنة وتبدأ أخرى. لقد كان عام 2016، باتفاق الجميع، عاما صعبا. على الصعيد السياسي، لا يزال كل من النظام والمعارضة ينظر إلى الآخر بغضب ويتساءل المرء تماما ما الذي يمكن أن يكسر الجليد الذي يمنعهما من اللقاء حول طاولة للاهتمام بمصيرنا أخيرا.
وهيهات للوضع الاقتصادي هو الأخر أن يكون ورديا. قدروا ذلك بأنفسكم! كيف نصف بلدا تتكون أكثر من 60% من ميزانيته من الضرائب التي تثقل كاهل المواطنين الفقراء؟ بلاد يفتخر وزير اقتصادها بامتلاك أكثر من 30 مليار أوقية في النقد ولكنها لا تزال غير قادرة على سداد أذون الخزانة التي حل أجل قضائها. بلاد وصلت فيها نسبة تنفيذ الميزانية 22% عام 2016 بتاريخ 31 يوليو الماضي، الشيء الذي يوضح تماما الوضع الحقيقي للمالية العامة. بلاد توزع فيها الصفقات العمومية والقطع الأرضية على شكل مكافآت على الولاء، مما يسكت في الحقيبة المعارضين ورجال الحاشية على قدم المساواة. بلاد يعترف رئيسها بمحاولة علنية لرشوته ولم يحرك ساكنا. بلاد قد تفقد تمويلا يتجاوز مائة مليون دولار، وذلك لأن الشركة التي فازت بالصفقة (خط كهرباء نواذيبو-نواكشوط ذو الجهد العالي) لم تختر الممثل “الجيد”. بلاد مصابة بالجنون، وترى كل مشاريعه الكبرى تفلس أو تموت في ملفات الأرشيف. بلاد تحكمها طائفة استولت على كل ما يتحرك وتباع فيها المباني العمومية، بالمليارات، بكل تأكيد، ولكن … دائما لنفس الأشخاص. بلاد لم تعد فيها مدارس ولا صحة عمومية. بلاد يصر نظامها، على الرغم من كل هذه الصعوبات، على تنظيم استفتاء دستوري غير مفيد. بلاد يتبختر رئيسها في قلب الصحراء، مستخدما طائرات من الجيش لحاجياته الشخصية.
في فرنسا، قبل سنتين، اضطر مانويل فالس، رئيس الوزراء آنذاك، اضطر على دفع 5.000 يورو للخزينة العام عن استخدام طائرة حكومية، لنقل ابنيه إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوربا لكرة القدم في ميونيخ. وفي الولايات المتحدة اضطر بوش الأب على دفع 10.000 دولار عن “استعارة” طائرة هليكوبتر في عطلة نهاية الأسبوع. وفي بلادنا، عندما أثار نائب من حزب تواصل استخدام الرئيس لطائرات الجيش، تظاهر نواب الأغلبية بأنهم لم يسمعوا أي شيء. بل إنهم لا يسمعون أي شيء أبدا. وليست القطع الأرضية التي هي على وشك التوزيع عليهم بكرم بالتي تفتح آذانهم! إذا لم تعد السلطة التشريعية تمارس دورها كسلطة موازنة، فإن السلطة التنفيذية تستطيع بسهولة أن تدوس القوانين وتفعل ما تشاء بالأموال العامة. وهذا هو ما نعيشه منذ عام 2008. أقول لكم إن الديمقراطية العسكرية لا تهمها القوانين والنظم. القائد هو القائد! زيد يريد هذه الوظيفة وعمر تلك الصفقة؟ أعطوهما لهما! لئن كان غير الأفضل تكوينا ولا الأقل عرضا، فإنهما يرضياننا. إن النظم الإدارية والإجراءات قد تم وضعها لتنتهك، أليس كذلك؟ إذن ما هي التمنيات لعام 2017؟ لا أعرف… رياح عاصفة جيدة ؟ انعمة إلهية غير متوقعة؟ وعي مفاجئ وميمون؟ كل شيء يحدث يا سيدي العزيز، كل شيء يحدث … حتى العام الجديد!