غامبيا على مفترق طرق .. الخيارات المتاحة / إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا
الزمان ـ أحد عشر ألف كيلومتر مربع هي مساحة آخر مستعمرة بريطانية تتسلم استقلالها؛ غامبيا حديث الساعة في غرب إفريقيا؛ التي استمرت مستقلة (وتحت العرش الملكي البريطاني وحاكم عام معين) حتى عام 1970؛ حيث أعلنها رئيس حكومتها آنذاك داوودا كايرابا جاوارا جمهورية وأعلن نفسه رئيسا لها حتى أطاح به الملازم يحيى جامي عام 1994.
تعرض حكم السير داوودا جاوارا لنكبات ونكسات منها ماهو قسري ومنها ماهو مفتعل؛ فقد كان بيطري التكوين تعلم السياسة وطب الحيوان في اسكتلندا؛ واعتنق الكاثوليكية عند عودته للبلاد سنة 1953متخليا عن الإسلام ليبوء بقلب “أوگيستا ماهوني” وهي فتاة من أقلية الأكي المسيحية(1%من سكان غامبيا) الهجينة بين العرق الأوروبي والعبيد المحررين من قبل الحكومة البريطانية في بداية القرن التاسع عشر. وبعد أن استتب الاستقلال وصار وزيرا للتعليم؛ كفر بالكاثوليكية وعاد إلى الإسلام عام 1965 ليتزوج ابنة مومودو موسى انجاي أحد غرماءه السياسيين من قبيلة الفلان؛ وأحد أثرياء وممولي الحزب الموحد في حين كان الزعيم جاوارا رئيس (حزب الشعب الشعبيPPP) أراد تحالف الشيوعيين وميليشيات البدو إسقاط جاوارا عام 19811فاستنجد بالسنغال فتدخلت قواته ب3000 رجل ومات 700 فرد من الانقلابيين؛ فتزوج السنغال قسرا بغامبيا في اتحاد دام سبع سنوات سمي “سنغامبيا” وكان مرفوضا جماهيريا وانتهى عام 1989. وفي عام 1994 نجح انقلاب يحيى جامي على داوودا جاوارا فلجأ الأخير إلى داكار حتى عام 2010 حيث وافق على العودة للوطن وهو ابن ست وثمانين ربيعا؛ ولكي يطمئنه يحيى جامي على سلامته زوجه “قسرا” بأمه السيدة الستينية الحاجة أسومبي بوجانه. وفي هذه الأيام يلجأ الرئيس المنتخب الثالث لغامبيا آداما بارو إلى السنغال ليورط غريمه الناكر لنتائج الانتخابات وينصب نفسه وفقا للدستور الغامبي في أرض غامبية أغلب الظن أنها سفارة غامبيا في داكار وأمام قاض من المحكمة العليا وهو ما يتوفر عمليا للي عنق الدستور. يعلن جامي حالة الطوارئ لتسعين يوما وبانجول تعج بالوسطاء؛ ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب المنتدب منذ أيام هناك رفقة كبير جهاز الاستخبارات المغربي يحملان مقترحا بملجئ آمن لجامي؛ رغم الصمت المغربي الرسمي؛ كما يتواجد في بانجول تيبو كامارا المستشار المقرب للرئيس الغيني آلفا كوندي الرافض للعمل العسكري لاقتلاع جامي؛ والذي يعتبر صديقا شخصيا ليحيى جامي. وفرقاطة مدمرة نيجيرية تمخر منذ الأمس عباب الأطلسي باتجاه بانجول. دبلوماسيون في بانجول شاهدوا سيارات رئاسية مصفحة وقد وضعت في حاويات؛ وحديث عن اختيار جامي لموريتانيا إذا ضاقت به الواسعات وهي تزداد ضيقا إذ خسر المعركة السياسية والانتخابية والقضائية؛ وتتفاقم مفردات الرحيل والبقاء في فسيفساء سيريالية غامبية بامتياز. عقارب الزمن تسابق النوايا في إحدى أصغر الدول الإفريقية من حيث المساحة (غامبيا) فإما المغرب أو موريتانيا وقد تزوج جامي من كليهما امرأة؛ وإما أن يبقى في بلده أو يحاول البقاء؛ وقد يعيد التاريخ نفسه فيتزوج جامي أخت بارو فتحتال المصاهرة على المسامرة؛ ويضعف نفس البند السابع أمام مخرجات “شجرة العجائز الإفريقية” وقد تخسر تباكيات الملازم الذي أصبح جنرالا في جلبابه التقليدي؛ ودكتورطب بشري في محراب متبتل إسلامي بعصى معكوفة ووقار متكلف فيما يبدو أنه لم يقنع أكثرية شعبه.أمام ترسانة الإيكواس التي تجيد اقتلاع الرؤساء.
نقلا عن صفحة الخبير في الشؤون الإفريقية / إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا .