هولاند: استعمار الجزائر كان وحشيا وظالما
اعترف رئيس فرنسا فرنسوا هولاند اليوم الخميس من الجزائر بأن استعمار فرنسا للجزائر كان “وحشيا وظالما”، وأقر أيضا “بالمعاناة” التي سببها هذا الاستعمار، لكنه أحجم عن تقديم اعتذار للدولة الغنية بالنفط التي يزورها حاليا وتعتبرها باريس شريكا تجاريا رئيسيا.
وفي خطاب له أمام نواب البرلمان الجزائري، قال رئيس فرنسا في اليوم الثاني من زيارته “طوال 132 سنة تعرضت الجزائر لنظام وحشي وظالم”، وأضاف قائلا “هذا النظام له اسم هو الاستعمار وأنا اعترف هنا بالمعاناة التي سببها الاستعمار الفرنسي للشعب الجزائري”. ما أثار ارتياح نواب الجزائر. وأضاف “من واجبنا أن نقول الحقيقة حول العنف والظلم والمجازر والتعذيب”.
وذكر هولاند أحداث “سطيف وقالمة وخراطة” في عام 1945، وقال إنها تبقى راسخة في ذاكرة الجزائريين وضميرهم، ووسط تصفيق البرلمانيين الجزائريين، قال الرئيس الفرنسي إنه “في الثامن من مايو/آيار 1945 في سطيف (300 كلم شرق الجزائر) عندما كان العالم ينتصر على البربرية تخلت فرنسا عن مبادئها العالمية”.
وخلص الرئيس الفرنسي إلى أنه “مهما كانت الأحداث مؤلمة لا بد أن نفصح عنها ولا يجب أن نبني علاقاتنا على نسيان ما حدث”. في إشارة إلى العلاقات الجزائرية الفرنسية، مؤكدا أنه “يجب قول الحقيقة أيضا حول الظروف التي تخلصت فيها الجزائر من النظام الاستعماري، حول هذه الحرب التي لم تسم باسمها في فرنسا، أي حرب الجزائر”.
ولم تعترف فرنسا بحرب الجزائر إلا في عام 1999, وكانت تسميها من قبل “أحداث الجزائر” وهي أحداث تقول السلطات الجزائرية إنها خلفت 1.5 مليون شهيد بين عامي 1954 و1962.
وتقول السلطات الجزائرية إن 45 ألف جزائري قتلوا يوم 8 مايو/أيار 1945 والأيام القليلة التي تلته خاصة في ولايات سطيف وبجاية وسكيكدة بشرقي البلاد، على يد قوات الاحتلال الفرنسي عندما خرجوا في مظاهرات للمطالبة بالاستقلال بعد إعلان نهاية الحرب العالمية الثانية.
بينما يتحدث المؤرخون الفرنسيون عن سقوط ما بين 15 وعشرين ألف قتيل منهم 103 أوروبيون.
وكان الرئيس الفرنسي رفض أمس -في اليوم الأول لزيارته- الاعتذار عن ماضي بلاده الاستعماري وقال إنه لم يأت للجزائر من أجل “التعبير عن الندم أو الاعتذار”، مؤكدا أن باريس “ترغب بدلا من ذلك في أن تتحرك للأمام على قدم المساواة” وتعزز التجارة مع هذا البلد الغني بالنفط والغاز.
الرئيس الفرنسي ألقى خطابا أمام البرلمان الجزائري (الأوروبية)
وقال في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه بنظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة “أود أن أقيم مع الجزائر شراكة إستراتيجية على أسس متساوية, ولست هنا لإبداء الندم أو الاعتذار، أنا هنا لأبلغ الحقيقة”.
وفي رد على سؤال عن المطالب الجزائرية بالاعتذار والتعبير عن الندم، قال “لقد كنت دوما واضحا بخصوص هذه المسألة، أي قول الحقيقة بخصوص الماضي وقول الحقيقة بخصوص الاستعمار وقول الحقيقة حول الحرب ومآسيها وقول الحقيقة حول الذاكرة المجروحة”.
ويذكر أن رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية في البرلمان) عبد القادر بن صالح رحب بالرئيس الفرنسي بوصفه “صديق الجزائر الذي وقف إلى جانبها في الأوقات الصعبة”.
شراكة ومن جهة أخرى، تكتسي زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر بعدا اقتصاديا في المقام الأول، وقال هولاند -الذي يرافقه مسؤولون كبار من كبريات الشركات الفرنسية- إن شركة رينو لصناعة السيارات اتفقت على بناء مصنع في الجزائر ينتج نحو 75 ألف سيارة سنويا، مضيفا “يجب ألا يمنعنا الماضي من بناء المستقبل”.
وقال إن البلدين اتفقا على إعلان صداقة واتفاق إستراتيجي لمدة خمس سنوات يشمل العلاقات الاقتصادية والثقافية والزراعية وشؤون الدفاع.
وفي السياق، وعد الرئيس الفرنسي بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات السفر إلى فرنسا بالنسبة للجزائريين الذين يتقدمون بطلبات بهذا الخصوص. وقال إن مصلحة البلدين تنظيم مسألة الهجرة لكن أيضا السماح للجزائريين بالتحرك. وكشف أن فرنسا تصدر حوالي مائتي ألف تأشيرة للجزائريين سنويا.
وفي المقابل قال هولاند إنه ينتظر من السلطات الجزائرية فتح أبوابها للفرنسيين الذين يرغبون بزيارة الجزائر لروابط عائلية أو بسبب ذكريات يحتفظون بها في هذا البلد.
المصدر:الجزيرة + وكالات