انقذوا موريتانيا قبل فوات الأوان/ سيدي علي بلعمش
هذه رسالة إلى الجيش الموريتاني، الذي تم تجويعه و تسريح نخبه و تهميشهم و استبداله بمليشيات تم الإنفاق عليها بسخاء و تسليحها بقوة لتكون قادرة على السيطرة عليه في أي مواجهة ..
و هي رسالة إلى الأمن الموريتاني الذي تم استبداله هو الآخر بعصابات غير مصنفة (لا هي جيش و لا شرطة و لا حرس و لا تتمتع بأي تصنيف قانوني و لا إداري، و لا اسم و لا تعريف لها غير “شرطة مسقارو” .. و جهاز أمن مدني سري من أقارب عزيز (أكثرهم من شرطة الإمارات السابقة) يوكل إليهم زعزعة الاستقرار في البلد و إرباك الناس و توزيع الخوف و تفشي الذعر..
و هي رسالة من جهة أخرى إلى كل المتورطين في أجندة ولد عبد العزيز الشيطانية ، حتى لا يبقى لهم عذر في مواصلة ما يرتكبونه من إجرام في حق هذا الوطن الذي يوجد في هذه اللحظة على حافة انفجار، لا يستطيع الأمن حسم وضعه و لا يستطيع ولد عبد العزيز تسليح الجيش والسماح له بالتدخل حتى لا ينقلب عليه.
و هي من جهة رابعة رسالة إلى كل الشعب الموريتاني للمساهمة في تدارك الوضع، كل من ناحيته، قبل أن تعصف به أزمة عمياء، لن يعرف كيف يخرج منها.. و أنا أحذركم اليوم بعدما أصبح كل شيء واضحا : انزلوا جميعا إلى الشارع و دافعوا جميعا ـ قبل فوات الأوان ـ عن بقائكم، بطرد هذه العصابة الشريرة : لقد أصبحت كل دقيقة تمر تفاقم الوضع و تجر البلاد إلى نفق مظلم ؛ نرجو الله أن يخرج موريتانيا من هذا الخطر المتربص بها و أن يهدي أهلها و أن لا يؤاخذهم بنفاق أشرارهم و ذنوب هذه العصابة الحقيرة . لا يمكن لأي إنسان عاقل في هذا البلد ، أن يتصور أن ولد عبد العزيز يقيم أي أهمية لعلم أو نشيد موريتانا الوطني: من يمكن أن يصدق مثل هذا الكلام يعاني حتما من مشكلة عقلية.
لقد تم اختلاق أزمة الدستور التي تعيشها موريتانيا اليوم، للفت الانظار عن أهم و أخطر حلقة من أجندة ولد عبد العزيز الشيطانية التي أؤكد لكم أن لا ولد الغزواني يعرف عنها أي شيء و لا ولد لغويزي يعرفه عنها و لا ولد مكت و لا غيرهم من غير مقربيه من محيطه الأسري الضيق:
بعدما ارتكبه ولد عبد العزيز و محيطه الضيق من جرائم في حق هذا الوطن :
ـ نهب خيرات البلد
ـ بيع منشآت الدولة
ـ تخريب الجيش و استبداله بمليشيات تابعة لولد عبد العزيز شخصيا
ـ تدمير الإدارة و نزع الثقة من كل جهة في البلد غير رأس العصابة
ـ الاعتداء على ممتلكات الغير
ـ احتكار صفقات الدولة و اعتماد الزبونية في أضيق مفاهيمها
ـ جرائم المخدرات و التزوير و غسيل الأموال و تهريب السلاح
ـ و جرائم متفرقة أخرى : القتل و إطلاق النار و التهديد و التهميش و الغبن
بعد كل هذه اللائحة التي يضيق المقام عن ذكرها و تضيق كل المساحات عن تفاصيلها ، وجد ولد عبد العزيز نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما : أن يبقى في الحكم لحماية نفسه أو يذهب إلى السجن مدى الحياة على أقل تقدير بعد مصادرة ممتلكاته.
من الطبيعي جدا في ما لا يحتاج أي تفسير، أن لا يذهب ولد عبد العزيز إلى الخيار الثاني و الكلام فيه أكثر من هذا مضيعة للوقت.
و لم يكن الخيار الأول طريقا سالكا :
ـ البقاء في الحكم بعد المأمورية الثانية شأن يرفضه العالم أجمع و على رأسه أمريكا و الاتحاد الأوروبي، لا سبيل إليه و التفكير فيه مضيعة للوقت، رغم أن ولد عبد العزيز كان يفكر فيه قبل إفهامه باستحالته و بشكل قاطع و جازم من أمريكا و الاتحاد الأوروبي.
ـ بقيت مسألة “التخليف” و كان يمكن أن تتم بشكل أو بآخر لو لم يعلن ولد عبد العزيز في منتصف مشواره عن نواياه بالبقاء في السلطة في مأمورية ثالثة و دعوات وزرائه و نوابه الأغبياء “لمنحه فرصة ثالثة و عاشرة”، مما جعل العالم يترصد مخططاته و ألاعيبه و ينتظر الإعلان عن ما يحاوله ليقف له بالمرصاد. و حتى في احتمال مسألة التخليف ، وقف ولد عبد العزيز أمام حاجزين بلا ثالث:
1 ـ لا أحد من ذويه المقربين الذين توزعوا ثروة البلد يمكن أن يتجرأ على تقديم نفسه للرئاسة : لا بمؤهلاته و لا بسيرته الوسخة.
2 ـ لا أحد من مواليه الذين استفادوا من فتات مرحلته و الذين يبغضونه جميعا (للتذكير فقط)، يمكن أن يتحمل أوزار ولد عبد العزيز و لا أن يقبل أن يكون رئيسا لدولة يقود فيها ولد عبد العزيز مليشيات مسلحة، تأتمر بأوامره و لن يقبل العالم مثل هكذا نظام في بلد يستثمر فيه أمواله و يتبادل معه علاقات التعاون في مجالات محاربة الإرهاب و محاربة المخدرات و بقية أنواع الجريمة المنظمة. ــــــــــــــــــــــــــــ ـ لقد استغرب العالم أجمع وقوف الجزائر مكتوفة الأيادي أمام إسقاط النظام في ليبيا رغم صراخ مثقفيها و غضب شعبها ، ليتبين في ما بعد ، أن الجزائر المستهدفة على نفس اللائحة، كانت تفكر تماما مثل مصر في أمر بسيط هو نزوح القبائل التي تعيش على حدود البلدين إلى ليبيا بعد سقوط النظام لتخفف من تواجد “القبائل” بداخلها.
هذه الجزائر، التي لم يبق لولد عبد العزيز أي احتمال في النجاة أمامها ، قفزت من جديد على فرصة ترنحه هو الآخر لتقدم له عرضا مغريا :
ـ لم يفهم أي أحد لماذا اختار ولد عبد العزيز نواذيبو في خروج صارخ على تقاليد البلد و غيره من البلدان، ليقيم فيه احتفالات عيد الاستقلال الماضي، ليظهر في ما بعد أن نقل كم هائل من الأسلحة إلى نقطة حدودية مثل نواذيبو كان سيشكل استفزازا للمغرب اليقظة جدا في هذا الخصوص و التي تنتشر مخابراتها في كل شبر من موريتانيا، فتم اختلاق تلك المناسبة لتبقى هناك بذكاء و لتنطلي اللعبة على الشعب الموريتاني في نفس الوقت.
ـ في مقابلة تلفزيونية في منتصف دجنبر 2015 ، ظهر الشيخ سيدي ولد داهي في مقابلة مع قناة “مسخ الوطنية” في مشهد مستفز من نائب برلماني سابق كان ينبغي أن يعي ما يقوله و يفعله، في صالة بيته الأقرب إلى المتحف العسكري و بلهجة تهديد متعالية ، تحذر كل من يقف في وجه “النظام”.
ـ و قبل أيام أطل علينا شيخ بدوي آخر في قناة “شنقيط” هو سيد امبارك ولد غدة بحديث أغرب ليقول لنا لا خيار غير أن تقبلوا الانتخابات بشروط ولد عبد العزيز أو تأخذوا مدافعكم..
ـ و قبل أيام من ذلك تم تأجير قصر المؤتمرات ليطل علينا منه من يدعي أنه أمير آدرار بخطاب انفصالي ينسف كل ما بنيت عليه الدولة من دون أن يتم استدعاؤه من قبل أي جهة أمنية أو قضائية في البلد، لنفهم أن هذا ما يريده ولد عبد العزيز بالضبط و في هذا الوقت بالذات ، مما يجعل استبعاد ترتيبه غير موضوعي بأي منطق.
ـ و في (Africa intelligence /Mauritanie / lettre du continent No 713 du 16/09/2015) ، تحدثت المجلة المعروفة بقربها من المخابرات الفرنسية، عن جيش مرتزقة يقوده مرتزق فرنسي حتى قيادة الأركان لا تعرف عنه أي شيء، يدرب ضباطا و ضباط صف على أرضنا ، لا نعرف عددهم و لا من أين يأتون و لا لأي مهمة يتم إعدادهم!؟
ـ و في أول ظهور علني له، قاد المرتزق الفرنسي الكولونيل المتقاعد “بير دي جونغ (Peer de Jong) اجتماعا حول موريتانيا، بمبادرة من المحامي جمال طالب (مستشار عزيز) في 19 من أكتوبر 2016 في مقر الجمعية الوطنية الفرنسية، تحت عنوان “موريتانيا أمام التحديات الإرهابية في الساحل” مع خلية مشبوهة أطلقت على نفسها في البداية اسم “جمعية أصدقاء موريتانيا” ثم تحولت بعد ذلك إلى “جمعية أوروبا موريتانيا” (AEM : Association Europe Mauritanie ) و تضم كل من النائب الجمهوري الفرنسي جان لوي كوست (Jean Louis Costes) و محامي ولد عبد العزيز في قضية اتهامات مامير له برعاية المخدرات “إيريك ديامانتيس (Eric Diamantis) و القاضي المتخصص في محاربة الإرهاب “جان لوي بريغيير (Jean Louis Bruguiére) و هذه الخلية هي من قالت لولد عبد العزيز، لا يمكن أن تقنع الأوروبيين إلا بعد حل البرلمان لإخراج الإسلاميين منه و إعلان الحرب عليهم.
ـ و في مقال لي بتاريخ 06/07/2016 ، أوضحت أن الجيش النظامي تم إنهاكه و تفقيره و تهميشه لصالح ظهور مليشيات مسلحة غير نظامية من قبائل الشمال و الأزواديين (بازيب، كتيبة ولد بايه، كتائب ولد احريطاني ، كتائب بوب دينار الجديد الكولونيل الفرنسي المتقاعد بير دي جونغ (Peer de Jong) في ضواحي آكجوجت) و لا علم لقيادة الأركان الوطنية بتدريب هذه المليشيات و لا علم للسفارة الفرنسية بمهمة المرتزق الفرنسي بير دي جونغ و تنحصر علاقاته بولد عبد العزيز و ولد احريطاني دون وزارة الدفاع و القيادة العامة للجيوش تماما كما كان يفعل في مالي قبل موريتانيا. و يبدو واضحا أن هذه الخلية لم تكن على علم من علاقة ولد عبد العزيز بالجزائر التي اكتشفتها فرنسا بعد ذلك من دون أن تكشف ما تخطط له في بالضبط.
ـ قام ولد احريطاني باكتتاب كل أبناء القبيلة الشباب و تدريبهم في البرازيل في قوة الطيران و قام بحملة معاكسة لإنهاء خدمات كل من يتم تكوين من يستطيع استبداله من الأهل؟
ـ في مناسبة تبجح غبي من ثاني أغنى رجل في البلد بعد ولد عبد العزيز، خرج الشيخ ولد باي على الملأ إبان أزمة اسنيم الماضية ليقول للناس إن لديهم 2000 رجل مسلح و مدرب جاهز للقتال!؟
ـ و يقود ولد عبد العزيز بنفسه حتى اليوم عصابة بازيب (المكون أساسا من الأجانب) التي تعلن ولاءها له لا للبلد و التي أنشئت لهذا الغرض بالضبط لتقوم حتى الآن بثلاث انقلابات، لم يشارك الجيش في أي منها و لم يستطع التصدي لأي منها بسبب تفوق تسليحها و ارتباطها بتشكيلات مماثلة أخرى على أرض الوطن، ما زالت تملك القدرة على التواري عن الأنظار.
تقع مدينة نواذيبو على ساحل المحيط الأطلسي و هي عاصمة ولاية داخلة نواذيبو و العاصمة الاقتصادية لموريتانيا وثاني أهم مدينة في البلد من حيث النشاط التجاري. تعتبر بوابة شمال إفريقيا و بها يوجد ميناء معدني وتجاري من العهد الفرنسي إضافة إلى مطار دولي وعدة منشئات صناعية وسياحية. تقع نواذيبو قرب الحدود مع الصحراء (الداخلة أو رأس نواذيبو كما كانت تسمى قديما). و بفضل موقعها الاستراتيجي اتخذتها فرنسا الاستعمارية قاعدة عسكرية للقوة الجوية الفرنسية في المنطقة و أطلقت عليها اسم “بور إيتيين”. يعد شاطئ نواذيبو من أغنى شواطئ العالم بالأسماك. و يوفر قطاع الصيد فيها آلاف فرص العمل. وتعد مركزا لأهم الأنشطة التجارية في أكثر قطاعين حيويين في البلد، هما المعادن والصيد البحري و في مينائها المستقل تتواجد أغلب سفن الأسطول الوطني و الصيني و الأوروبي للصيد، إضافة إلى عدة منشئات صناعية لإنتاج دقيق السمك وبعض المشتقات الأخرى المتعلقة بالرخويات و بها عدة مصانع لدقيق وزيت السمك إضافة إلى مصانع تعليب التونا وغيرها من الأسماك و مصنعان للاسمنت والرخام إضافة إلى وحدة لتصنيع زوارق الصيد تابعة لشركة ياماها اليابانية. و مع نهاية أعمال الميناء المعدني الجديد فيها (بتكلفة 120 مليون دولار) سيمكن من مضاعفة الطاقة التصديرية ب 5 أضعاف. و تجري حاليا أعمال إنشاء مجمع بولي هوندونغ الصناعي على قدم وساق على ساحل المنطقة الفاصلة بين نواذيبو وكانصادو باستثمار يقدر ب 100 مليون دولار.
و يوجد بنواذيبو عدد من الجالية الإسبانية والفرنسية و المغاربية ومهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء ومؤخرا عرفت المدينة توافدا غير مسبوق لجاليات آسيوية من الصين وكوريا الجنوبية.
ترتبط ولاية داخلة انواذيبو بالعاصمة انواكشوط عبر الطريق الوطني رقم 1 جنوبا وترتبط بالحدود مع الصحراء شمالا عبر الطريق الدولي رقم 1 في اتجاه نقطة الحدود المعروفة بالكيلومتر 55 وتصلها السكة الحديدية مع ولاية تيرس الزمور شرقا.
و منذ حوالي 10 سنين تحولت دول غرب إفريقيا إلى ملتقى طرق عالمي لتهريب الكوكايين من دول أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، بسبب انتشار الفقر و ضعف أجهزة دول المنطقة و تواطؤ أنظمتها. و أطلق خبراء المجال اسم الأوتوروت (A 10)على أهم طرق تهريب المخدرات على طول خط التوازي العاشر قبل أن يرتفع عبر الصحراء إلى أوروبا . و تأتي المخدرات عبر هذا الخط ، في بواخر إلى خليج غينيا أو في رحلات جوية مباشرة من فنزويلا إلى موريتانيا، حيث يتم تخزينها ، ثم إعادة توزيعها و نقلها إلى الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.
و بعدما أصبحت أمريكا تحاصر غينيا و تعترض باروناتها في عرض البحر للقبض عليهم مثل ما فعلت لصديق عزيز الشخصي قائد القوات الجوية السابق، و بعد الحرب في مالي و ارتباط الإرهاب و التهريب فيها، مما جعلهما هدفا مشتركا للقوات الفرنسية، تحول النشاط إلى المياه و الأجواء و الحدود البرية الموريتانية ، لتسقط هي الأخرى كما حدث في غينيا في مأزق فوضى بلا قاع، تغيب فيه سلطة الدولة و يتحول القانون إلى حامي عن الجريمة و يصبح الجميع متهما في غياب أي أدلة بسبب غياب الدولة و تغييب القانون و ارتشاء الجهاز القضائي و الأمني و تورط الجميع.
و يعتبر الشريط الحدودي من ازويرات إلى نواديبو اليوم، منطقة تهريب لكل الممنوعات من قبل القاعدة و الأزواديين و الجزائريين و الموريتانيين و الصحراويين و لم نعد نتحدث إلا عن أطنان الكوكايين و بواخر و طائرات التهريب . و في آخر حاثتين من هذا العيار، تم الحديث عن توقيف زورق يحمل طنا و نصف من المخدرات (و لا يتم توقيف هذا الحكم من المخدرات في موريتانيا إلا بتعليمات أجنبية) و تحدثت الناس عن سيارة محترقة بمن فيها في ضواحي الزويرات بسبب صاروخ يبدو أنه من طائرة بدون طيار (درون) ، كان الجيش الوطني آخر من يعلم بها و لم يجد في ما يبدو حتى الآن أي تفسير للواقعة.
و من هذا الممر المفتوح ، اختطف عمر الصحراوي الإسبانيين على طريق نواذيبو و باعهم بعد ساعات للقاعدة في الشمال المالي.
و يوم السبت الماضي نقلت وسائل الإعلام المحلية عن ركاب رحلة الموريتانية للطيران إلى نواذيبو، أن الركاب تفاجؤوا بسفر ولد عبد العزيز معهم على متن الرحلة لقضاء عطلة الأسبوع في المدينة بعد 5 أيام فقط من عودته منها (يوم الاثنين). و تناقلت وسائل الإعلام باندهاش مفتعل خروجه في سيارته دون حراسة في شوارع نواذيبو ليظهروه ، في مسرحية معدة بإتقان، و كأنه في مأمنه و بين محبيه ..
و ينسى الكثيرون أن عمدة المدينة و حاكمها و واليها و رئيس منطقتها الحرة كلهم أقارب عزيز و يجهلون أن الأمن الرسمي و المباشر هو أسوأ أنواع الأمن ..
ـ تحدث البعض عن ذهاب ولد عبد العزيز لتدشين فندق ابنته و البعض عن قضاء عطلة الأسبوع و البعض عن موعد مع سحرته و نسوا جميعا أن لدى الجبان من المشاكل ما يحول دون كل ذلك:
كل المؤشرات السابقة تظهر بوضوح أن ولد عبد العزيز اتفق مع الجزائر و البوليزاريو على اقتطاع الشمال الموريتاني و تحويله إلى دولة لولد عبد العزيز و قاعدة خلفية للبوليزاريو، لتتحول في ما بعد إلى فيديرالية مع الجزائر تتيح للأخيرة منفذا على المحيط الأطلسي هو كل ما تحلم به. و قد جهز ولد عبد العزيز كل ما يتطلبه لهذه النقلة بمهارات و ترتيبات جزائرية و بسرية محكمة ، و هذا ما سيتيح للبوليزاريو منطقة تراجع استراتيجية ، تفسر بوضوح مواجهتها مع القوات المغربية في الكركارات و تهديدها بالعودة إلى الكفاح المسلح و التملص من الهدنة و تفسر أكثر ، ظهور بعض قادتها على شواطئ الأطلس قبل فترة قرب لكويرة و هو عمل استفزازي للمغرب، ربما كان الهدف منه إرغام ولد عبد العزيز على الاندفاع أكثر و بشكل أسرع في المشروع قبل اكتشافه من قبل فرنسا و المغرب.
لهذا يستعد ولد عبد العزيز من خلال زياراته المتتالية لنواذيبو ، المعلوم منها و السري ، للجلوس على مقعد قيادته فيها، و هو أمر يتطلب إطلاق فوضى في البلد بعدما عجز عن تنظيم حرب أهلية بين مكوناته و هو ما نعيشه اليوم في نواكشوط و روصو و ألاك و في نواذيبو نفسها من مظاهرات تتسع رقعتها مع الوقت، تستمر السلطة في تأجيجها من خلال التمسك بأسبابها و نعت أصحابها بالمخربين و أصحاب السوابق رغم وضوح أسبابها و نبل غاياتها. و أتوقع شخصيا مظاهرات أقوى في نواذيبو لتبرير نقل قوة بازيب إليها مع زيارته القادمة و النهائية لها.
و ستشهد الفترة القادمة نزوحا غير مرئي لأقارب عزيز و ممتلكاتهم إلى نواذيبو التي حولوها إلى أرض ميعادهم المقدسة.
لن تظهر الجزائر في الصورة إلا في مراحل متأخرة ، لكن البوليزاريو قد تنفذ تهديداتها بإعلان الحرب للتغطية على الموقف الجزائري في موريتانيا و خلط الأوراق.
لهذه الأسباب لن يتراجع ولد عبد العزيز عن أسباب أزمة النقل .. لن يتراجع عن الذهاب الى الاستفتاء .. لن يتراجع عن دعم مرشح في الانتخابات القادمة، لأن هذه هي أوراق تغطيته على عملية هروبه الأخير التي أتقنها جيدا حتى صدق الجميع كل ما يلوح به من قرارات مغالطة.
قد يكون هذا المقال جاء متأخرا لكن ما زال هناك من الوقت ما يكفي لإفشال هذا المخطط الشرير إذا تمت مواجهته بحزم.