افتتاحية ولد دهاه التي أججت غضب “التكتل” وبنت الدي ـ تفاصيل السجال

أكثر من يخدم ولد عبد العزيز و يساعده في استمرار حكمه هم معارضته خائرة القوى، واهية العزيمة، التي لا تتقدم خطوة إلا لتتقهر أميالاً و فراسخ على درب نضالها ضد الطاغية.. المشكلة أنهم رجالٌ سبق أن حكموا و سادت دولتهم، فمن المتعذر أن يتمكنوا اليوم و غداً في تحقيق ما عجزوا عنه أمس.

إن نظام الجنرال الأرعن أشبه _ و المصائب و الفشل السياسي يتهاوى على أمّ رأسه _ بجدار يتآكل أساسه، فيراه الرائي قائماً، منتصباً، و هو يريد أن ينقضّ، لا تنقصه غير رفسة برجل.. تلك الرفسة التي عجزت عنها رجل المعارضة الكسيحة.

إنها معارضة مشتتة الأهواء، متفرقة الجهود، مختلفة المشارب و النوازع، مخترقة من طرف استخبارات ولد عبد العزيز و أجهزة أمنه، تعاني كل ما يمكن أن تعاني منه معارضة لنظام استبدادي، يتربص بها الدوائر و يتحيّن لها الفرص، و يحصر تدبيره في تدميرها.

أول أزمة تعاني منها المعارضة هي فقدانها للمصداقية، فرمزها المطلق أحمد ولد داداه، رغم احترامي الكبير له و لنفسَه النضالي الذي لا ينبهر، ارتكب أخطاء قاتلة من قبيل تمالؤه مع الجنرالات للانقلاب على ولد الشيخ عبد الله، و دعمه له، و وصفه له بـ “حركة التصحيح”، ليشيح عنهم بوجهه بعد أن ءانس منهم خيانة.. ثم تتكسر النصال على النصال، فيتخلى عنه من أكله لحماً و رماه عظماً: محمد عبد الرحمن ولد اميّن.

ربما لا اعتبر نفسي مبالغاً إذا وصفت المحترم ولد داداه بأنه “ءافة الفعل المعارض في موريتانيا”.

أما المنتدى فنادٍ للمغاضبين، ممن لم يجدوا موطأ قدم في بلاط الديكتاتور، أو من فلول نظام العقيد المعقد معاوية ولد سيد أحمد الطائع..

أما كتلة “المعاهدة” و أخواتها التي يصفها صديقي محمد يحي ولد لمصيدف بـ “المعارضة لمونكه”، فلا أرى تسميتهم “معارضة”، وهم الشركاء في كل الجرائم التي يرتكبها النظام ضد الديمقراطية، إلا من باب تسمية اللّديغ “سليما” و الأعمى “بصيراً”..

و المعارضة تكون قاتلة عندما تكون وسيلة ابتزاز أو أداة للثأر و الانتقام.. و لكنها تكون أكثر وقاحة حين تكون وسيلة لإسكات صفير الأمعاء…

المواطنون الذين صدّقوا معارضة هؤلاء لم يجدوا لهم بديلاً، في وقت يدفعهم جور النظام و استبداده لمعارضته.. غير أن الإحباط بدأ يدّب إلى النفوس من هذه المعارضة التي لا تمتلك استراتيجية للمواجهة، و لا تتقن غير بيانات الشجب و التنديد، و لا تنسق جهودها بروح الفريق و معنوياته للانقضاض على جدار السلطة المتآكل.

إن الذين يحضرون مهرجانات التكتل هم ذاتهم من يحضرون مهرجانات المنتدى.. مواطنون ضائعون يبحثون عمن يساعدهم في انتزاع حقوقهم.. فلا يجدون غير الخطب الجوفاء، و الكلام المعاد و كأنه صدىً لأحاديث المهرجان الذي سبقه.

بسبب هذه الاسطوانة المشروخة في الخطاب السياسي، و رتابة سير سواني المعارضة العجفاء، لم تعد المهرجانات تجمع نفس العدد الجم، الذي تكسرت في دواخله قوارير الأمل.

إن الأنظمة الديمقراطية، التي وصل الحاكم فيها سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع، هي من يأبه لحشود الجماهير و لاستطلاعات الرأي، أما من وصل الحكم على ظهر دبابة فلا ينظر إلا حيث تتجه فوهاتها.

تفتقر المعارضة حتى للمعلومات.. فهي لا تستثمر في الإعلام و لا تمتلك جهازا لجمع المعلومات و تحليلها، و لا استخباراتها توصلها لما يفكر به الجنرال و لما يخطط له.. فهو يعرف عنها كل شيء، أما هي فلا تعرف عنه إلا ما تنشره “أطلس أنفو” و “تقدمي نت”.

إن حاجة المواطن للتغيير جعلته يتغاضى عن السجل التاريخي للمعارضة، و يغض طرفه عنه، و لكنه يريدها معارضة مقاتلة، لا تضع سلاحها إلا أن تريحه من الجنرال الأرعن و نظامه.. فردة الفعل على تجاوزات ولد عبد العزيز الدستورية، و تصريحات النذل يحي ولد حدمين، لم ترق لمستوى الفعل و لا قاربته..

لهذا أعتقد أنه على الشباب الذي هو جيل الغد، الذي سيرث الدولة بمحاسنها و مساوئها، أن يهبّ لأخذ زمام المبادرة، فـ “ما حك جلدَك مثلُ ظفرك”..حنفي دهاه                                                                                             اضغط هنا لقراءة تفاصيل السجال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى