قطر هي العدو الأخطر للأمة كلها .. وما يجري هو صراع على العمالة بين عملاء ـ رأي
ما كنت أود الخوض في حرب إعلامية بين أنظمة عربية عميلة لأمريكا وللكيان الصهيوني مثل قطر والسعودية والإمارات والبحرين وهي تتسابق لكسب ود ترامب وتل أبيب وحيازة أكبر كم من الجماعات التكفيرية الإرهابية المقاتلة في المنطقة كما في سوريا والعراق ولبنان وغيرها، وتعمل على بناء تحالفات جديدة مع (إسرائيل) ضد إيران وحزب الله وسوريا والقوى الرافضة للهيمنة الغربية والاستعمار الأمريكي الغربي الجديد.
لكنني وجدت بعض أصدقائي الإخوان يكتبون دفاعا عن قطر(ائيل) والجزيرة والإخوان والسعودية باعتبار الجميع في سفينة واحدة ويجب أن تنجو من الغرق ويدافعون عن (إنجازات) قطر الإعلامية والثورية لمصلحة الأمة وخاصة حركة حماس في فلسطين.
في عام 2008 قال لي دبلوماسي عربي إن السفارة القطرية في نواكشوط توفر إحدى سيارات السفارة لسفير الكيان الصهيوني في نواكشوط من أجل تأمين تنقله داخل المدينة في سيارة تحمل علم دولة عربية وهو ما لا يثير الشكوك والشبهات لدى المواطنين والمراقبين.
صدمتني المعلومة ولم أصدقها، فقد كنت مأخوذا بما أراه ظاهريا من قطر ومن (الجريرة) التي كانت آنذاك بالنسبة لي قناة إعلامية (صادقة وجريئة) و”ثورة غير مسبوقة في تاريخ الإعلام العربي”، ولم أكن أهتم كثيرا باحتضان قطر والجريرة للإخوان لأنني أتقاطع معهم في كثير من المواقف ولعل من أهمها الموقف المشترك من العدو الصهيوني,
تأكدت من المعلومة الصادمة، التي سربها لي الدبلوماسي العربي آنذاك، حين شاهدت بأم عيني سفير الكيان الصهيوني وهو بداخل سيارة V8 سوداء اللون تحمل العلم القطري و نزل منها شاب أسمر ثخين يتمنطق مسدسا ثم عاد بعد وقت وجيز وكأنه جاء لاستلام أمر ما كان جاهزا قبل وصول السيارة حتى لا يأخذ وقتا في الشارع العام.
راجعت الدبلوماسي العربي وقلت له إنه زودني بمعلومة حقيقية لكنها صادمة ولا أجد لها أي تفسير، فقال لي: “قطر هي عرابة إسرائيل في المنطقة وهي حليفها الاستراتيجي الأول مثلما هي حليف استراتيجي لأمريكا التي احتضنت أكبر قاعدتين عسكريتين لها في العالم كله وهما قاعدة السيلية وقاعدة العديد الجوية الأمريكية والتي تضم 11 ألف عسكري أمريكي”.
وأضاف قائلا: الأسرة الحاكمة في قطر (آنذاك) تقضي جل إجازتها الصيفية في ناتانيا قرب تل أبيب وهي تنفق أموالا طائلة في الكيان من أجل راحتها، بل وهناك معلومات عن استثمارات قطرية رسمية في الكيان العبري
وأضاف: “ستكتشف قطر ودورها الحقيقي شيئا فشيئا مع الوقت، إنها تعاني عقدة الصغر وتريد أن تكبر من خلال أشياء أخرى، لكنها للأسف لا تخدم العرب ولا المسلمين في كل ما تقوم به”.
لم أكن على اقتناع تام رغم ما شاهدته من بينة وما سمعته وذلك بفعل الدعاية الإعلامية القوية لقناة الجريرة، لكنني كنت قد سمعت أحد المثقفين الكبار معلقا على انطلاقة قناة الجزيرة القطرية يقول” أخشى ما أخشاه على الأمة قناة الجزيرة هذه”. قلت له: ولم ؟ قال: ” ألم تلاحظ أنها بدأت في ترويضنا على الاستماع لكبار القادة السياسيين والعسكريين الصهاينة وهي تقدمهم في نشرات الأخبار معلقين على أحداث معينة ثم في برامج حوارية وغيرها؟ أليس هذا تطبيعا مجانيا وترويضا لنا ولأجيالنا على القبول بالكيان الصهيوني كأمر واقع؟
قلت له إنه: “الرأي والرأي الآخر” فرد مبتسما بمرارة: الرأي الآخر نعرفه تماما منذ عصر الانتداب ومنذ تقسيم فلسطين ومجازر دير ياسين وما تلاها من مجازر إلى اليوم. لسنا في حاجة إلى من يقدمه لنا على ألسنة الإرهابيين القتلة.
وهنا سكت ولم أجد جوابا. فخلفيتي الإعلامية لم تسعفني في تبرير ما تفعله الجريرة، لكن الرجل زادني قائلا: أتعتقد أن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف كان يكذب حين قال إن الجيش العراقي يطوق بغداد بالكامل وأن المعلومات التي روجت لها وسائل إعلام حول احتلالها غير حقيقية؟. لقد قامت الجريرة وبالتعاون مع أمريكا بتسريب صور لمجسم جسر الجمهورية وسط بغداد وعليه دبابة أمريكية وتم بثها على أنها حقيقية وأن الأمريكيين دخلوا بغداد بينما الصحاف جاء للتو من الميدان.
لقد كانت خطة ساهمت فيها الجريرة لاحتلال بغداد ودخول العراق دوامة جديدة لما تخرج منها بعد، لقد علم أفراد الجيش بهذا الخبر فاعتقدوا صحته وهكذا دخل كل جندي بيته وانتهى الأمر. وهنا انتهى حديثي مع المثقف الكبير.
وزيادة على ما سبق شاهد العالم كله تمويل قطر والإمارات للحرب على ليبيا حيث اشترت كل صاروخ وقنبلة سقطت على ليبيا كما شاركت طائرات قطرية وإماراتية في قصف الشعب الليبي وجيشه جنبا إلى جنب مع طيران حلف شمال الأطلسي الذي يضم أغلب دول غرب أوروبا الصليبية وتركيا وأمريكا، وكان الهدف واضحا وهو الهيمنة على النفط الليبي وتحييد ليبيا والقضاء على نظامها الوطني الذي شرع في بناء قوة قارية معتبرة في إفريقيا وذلك باعتراف الغربيين ونخبهم أنفسها.
كما شاركت قطر إلى جانب السعودية وتركيا ودول أخرى في تمويل داعش ومسميات القاعدة المختلفة مثل “احرار الشام و”جبهة النصرة” والتي حشدت أكثر من مائتي ألف مقاتل أجنبي من أكثر من تسعين جنسية عربية وأجنبية في سوريا عبر تركيا والأردن تحت يافطة الجهاد ضد النظام السوري الذي أصبح “نصيريا وشيعيا” في لمح البصر، بعد ان كان نظاما عربيا بامتياز مثل باقي الأنظمة العربية القائمة ؟!
وقطر، عبر قناتها الجريرة، هي التي حرضت إعلاميا ضد مصر منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وما بعد ذلك وإلى اليوم، حيث خصصت قنوات وبرامج تستهدف مصر والحكومة المصرية بعد الإطاحة بنظام مرسي الذي كان يمثل قطر في كل شيء بل وكان عميلا قطريا بامتياز وحليفا قويا ومؤتمنا لتل أبيب قبل ان يكون رئيسا لجمهورية مصر العربية.
كل خرق حدث في سفينة الأمة كان بفعل قطري أولا وإسرائيلي ثانيا وسعودي ثالثا وبمشاركة إماراتية في بعض الأحيان ولم يكن للشعب العربي أي دور فيما حدث لبلدانه من دمار باسم (الثورة) سواء في ليبيا أو في مصر أو العراق أو سوريا أو اليمن، بل كان الموساد الإسرائيلي وقطر والسعودية والإمارات وتركيا وأمريكا هي من خطط ومول ونفذ هنا وهناك، ولا أدل على ذلك من أسلحة قطر المقدمة للإرهابيين في شرق ليبيا خلال ثورة اليهودي الصهيوني الفرنسي برنارد هنري ليفي قائد (الثورة الليبية) التي تتواصل اليوم بعد أكثر من ست سنوات على الإطاحة بالنظام الوطني للزعيم الليبي معمر القذافي طيب الله ثراه.
ولعلنا سمعنا جميعا تعليق ليفي على (الثوار) الليبيين حين قال إنهم “أغبياء حين يصفون القذافي باليهودي بينما كنت اليهودي الوحيد بينهم وكانوا يحرسونني” !!
واليوم نجد في شرق ليبيا حكومة وفي غربها حكومة وفي وسطها وجنوبها وشمالها جماعات داعش والقاعدة التي مكنت لها قطر حتى جعلت منها قوة ضاربة في ليبيا وحولت أمن المواطنين إلى حلم بعيد المنال بعد أن كانت ليبيا مثابة للجميع طلبا للأمن والأمان والعيش الكريم. ونفس الأمر ينطبق على الوضع في سوريا مع اختلاف في مسميات “برنارد ليفي”.
إن ما يحدث اليوم بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، هو تمهيد لإطلاق تحالف عربي أمريكي جديد أو “ناتو عربي جديد” يستهدف بالدرجة الأولى القوى التقدمية في المنطقة وفي مقدمتها حزب الله وحماس وإيران والنظام السوري، وهو تحالف بدأت نواته العسكرية التحضير للمشاركة في (حرب داعش) في سوريا وهي قوات موجودة اليوم في قاعد التنف على الحدود الأردنية السورية العراقية ولا يمكن لقطر، في وضعيتها الراهنة، أن تكون شريكا في هذا التحالف لجملة من الاعتبارات منها: أنها تتمتع بعلاقات متميزة سياسيا واقتصاديا وأمنيا مع إيران التي يسعى التحالف الجديد إلى تدميرها وشن حرب حقيقية عليها، وبالتالي فلن تشارك قطر ما لم تذعن لإرادة القائد العربي لهذا التحالف وهو السعودية التي تحمل (لواء السنة) في وجه إيران (الشيعية)، أو تدفع الجزية لترامب حتى ينهي ما بدأه بعد قمته في الرياض، ثم إن قطر تدعم حماس في فلسطين، وحركة حماس هي “حركة إرهابية” ضمن تصنيف التحالف الجديد الذي أسسه ترامب بالتشاور مع نتنياهو في قمته الأخيرة بالرياض، كما أن إمارة قطر الصغيرة تدعم إخوان العالم وتحتضنهم وهم جماعة في مجملها، منبوذة سعوديا وإماراتيا، وما لم تلفظهم فلن يكون لها موطئ قدم بين أخواتها في تحالف الشر الجديد، وما يهم ترامب من قطر هو ان تفك ارتباطها بحركة حماس التي صنفها “ارهابية” خلال قمة الرياض وتدفع جزية تضاهي الجزية التي دفعتها الرياض.
لكنني شخصيا أثق في أن حكام قطر لن يشذوا عن “القاعدة” وسيسعون للانخراط كليا في هذا التحالف الذي يضم واشنطن وتل أبيب وعواصم عربية (سنية) وسيكون بمقدور الدوحة قطع العلاقات مع طهران وفسخ احتضان الإخوان والتخلي عن (دعم) حماس “الارهابية” لأن ذلك لا يخدم مصالح حكام الدوحة الذين هم في النهاية مجرد عائلة تدير مؤسسة نفطية أمريكية تسمى قطر، وإذا لم تنصاع الحكومة القطرية فسيتم استبدالها بغيرها من أفراد إدارة العائلة كما جرت العادة.
إن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة وخطيرة من الفوضى الخلاقة سيتم فيها تدمير ما تبقى من المنطقة العربية بتمويل عربي وبوسائل عربية وسيتم، كما حدث في ليبيا، شراء كل صاروخ أو قنبلة أو طلعة جوية أمريكية أو غربية تستهدف موقعا عربيا أو إسلاميا بالمال العربي، وستنتعش تجارة الأسلحة الأمريكية، فما يهم دونالد ترامب هو الربح، إذ لا يكفيه تحصيل نصف تريليون دولار من السعودية ومثلها من قطر بل لا بد من احتلال منابع النفط والثروة العربية وضمان أمن (اسرائيل)، ولن يتم ذلك ما لم تشهد المنطقة حربا شاملة بين العرب (السنة) وإيران الشيعية وحلفائها مثل سوريا وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي تضعف الجميع وتقوي (إسرائيل) وتجعل الأمة تحت وصاية أمريكية غربية صهيونية، وسيكون المال العربي والإنسان العربي وقودا للحرب الجديدة التي تتواصل في العراق وفي سوريا وفي اليمن وليبيا وسيناء.
ومع ذلك، فلا تعدم الأمة بعض الحكماء القلائل الذين يفهمون جيدا ما يجري مثل حكام الكويت وسلطنة عمان ومصر والجزائر والذين لا يمكنهم أن يقبلوا بالمزيد من سفك الدماء العربية مقابل أمن واستقرار (إسرائيل) ورفاهية الرئيس الأمريكي رجل الأعمال المهووس بجمع المال العربي دونالد ترامب.
أما الجزيرة القطرية وأخواتها فستواصل مسيرة التضليل الإعلامي وفق الرؤية الجديدة للتحالف الجديد، ولا خوف على الإخوان من الواقع المنتظر لأنهم متخصصون في التكيف مع الظروف بما يخدم مصالحهم كجماعة ظلت على مر تاريخها حليفا قويا للولايات المتحدة وخادما أمينا لمصالحها في المنطقة.
أحمد بن مولاي امحمد