إستشفاء الأمــم من أدواء التكلس الحضاري../ د. ناجى محمد الإمام
كل أمة عانت من التخمة الحضارية التي يسببها إدخال المحدث قبل هضمه على الموروث قبل الإستفراغ منه، يجب أن تقوم بشفط تكرش الجهل والتقليد الأعمى، وغسيل جدلي لأجهزة الإستيعاب للتخلص من ديدان التعصب وفيروسات رفض الآخر، بهدف:
تحرير العقل من الخرافةالتي تُمْلي عليه فهماً وتفسيرًأمُسْبَقَيْ التعليب يحددان مُراد الإنسان وطموحه؛وتحرير عقله ليتدبرهما بجده واجتهاده الذاتي لإبداع أو ابتداع أو استنباط الحلول طبقا لمقتضيات حاله المؤدية لمتطلبات مآله :[على غير قياس]…
إن آفة الأمم مُسبقة التَّشَبُّع، تكمن في تكلس مفاصلها عن الحركة على مقاييس السرعة التي تـأسستْ عليها قوانين السباق في “مضمار” الحداثة من الكيلومتر إلى السنة الضوئية، وبقائها على الهامش تقيس سباق”الشأو” بالفرسخ والباع والشبر والذراع.. فالشاعر إن قال شعراً،فقياسه عاقر مطيته على الغدير (امرؤ القيس)ومُقَنِّنُه وُلِدً بعدَه بأربعمائة سنة( الخليل) ولم يكتشف وإنما كشف معايير السابق وفَـتَلَ قيدا يكبل عبقرية اللاحق…
والمفسر قيَّد فهم اللاحق باجتهاد عقلية فترته ،لا بحالة النص الأقدس الذي يتجاوز الظرفين، فأضحى على سكان مكة أن ينتظروا الدابة بتصور ابن كثير الدمشقي،لا بمقاييس “الإعجاز” التي جعلت حفارات “كوماتسو” و جرافات “كاتربيلار” العملاقة تؤشر إلى فهم آخر لأحد أشراط الساعة كان شيخنا العلامة المرحوم عدود سَبَّاقًا إليه، كعادته، في اعتباره أن الصدع المنصوص عليه قد يكون هو هذا النفق الذي أُنجز حديثا في خطط تطوير الحرم..
إن ستنباط الحلول على غير قياس مفتاح تفتق العبقرية الفردية التي تخلق النفير العام في التدافع نحو قمة استخدام العقل السليم للهدف المرسوم أو المطلوب أو المُحتاج إليه،لأن الإختراع يبدأُ من الحاجة البدائية التي هي متطلبات سدِّ الخلة و تتطور بتطور و رقي الجماعة لتصبح الكماليات حاجة ضرورية فَـيَصِلُ الإختراع إلى أعالي الترف العلمي و المادي الذي ، يوصل، بدوره،حَتْمًا، إلى التشبع الفكري الصحي الذي :
يَسيل جانبُهُ ماءً إذا اشتعلتْ*
نارٌ مؤججةٌ في الجانب الثاني*