اتحاد قوى التقدم … مسيرة سياسية لاتعرف التقاعد (تقرير)
يمنح الوالي السابق لنواكشوط محمد ولد ابراهيم اخليل الكثير من وقته هذه الأيام من أجل إنجاح مؤتمر اتحاد قوى التقدم حيث يترأس اللجنة التنظيمية للمؤتمر، الرجل البرجوازي الناصري القادم من الحزب الجمهوري، بدأ “يكدح” ويحتل مكانا سميا في حزب اليسار الموريتاني، لكنه في المقابل ليس الرجل الأوحد في حزب يؤسس حاضره على تاريخ نضالي أبصر في النصف الأخير للعقد الأول بعد الاستقلال.
على خطى التجديد
يأتي مؤتمر الحزب التقدمي بعد سنوات طويلة من آخر مؤتمر له في مطلع العام 2005 قرر خلاله الحزب التمديد لرئيسه أستاذ التاريخ محمد ولد مولود، الذي عاد قبل أشهر قليلة من رحلة علاج طويل ومضن أعادته إلى الواجهة بعد اختفاء دام أشهرا كثيرة.
ووسط الأنباء المتضاربة بشأن إمكانية تقديم الرجل لاستقالته من رئاسة الحزب بسبب ظروفه الصحية، يبقى السؤال مطروحا عن أهم الوجوه السياسية داخل الحزب، وهل بالفعل يشعر قادة اتحاد قوى التقدم أنهم بحاجة إلى رئيس جديد، أم أنهم سيواصلون مسار التجديد للرؤساء كما يتجه إلى ذلك أغلب الأحزاب السياسية، إضافة إلى إمكانية ترفيع القيادات الشبابية للحزب إلى القيادة.
ويقول مراقبون للحزب إن المؤتمر الحالي يسعى إلى تجاوز ” أخطاء المؤتمر الماضي” ضد الشباب ويسعى بشكل جدي إلى زيادة نسبة الشباب، ويتداول قادة الحزب أسماء أهم القيادات الشبابية في الحزب مثل عبد الرحمن ولد حمودي وبابانه ولد كواد وأحمد ولد بداه باعتبارهم الواجهة الشبابية لحزب يقودها مسنون يتمتعون ” بروح شبابية”
قيادات تاريخية
1- محمد ولد مولود : يمع نهاية مؤتمر الحزب يكمل ولد مولود 60 سنة، قضى أغلبها في النضال السياسي والحقوقي .. ولد مولود أحد أبناء مقاطعة تجكجكة، وأحد أهم القيادات الشبابية لحركةmnd، أستاذ تاريخ أعد دراسة فونغرافية عن مدينة تيشيت، في فرنسا، التي وصلها لاجئا سياسيا، أدار ولد مولود حركة اليسار الموريتاني في فترة السبعينيات.
تولى ولد مولود رئاسة اتحاد قوى التقدم في مؤتمر استثنائي، خلفا لرئيسه محمد المصطفى ولد بدر الدين، قاد ولد مولود وقبله بدر الدين سياسة المساومة مع نظام ولد الطايع واعتبروا أن علاقتهم بالحزب أنجزت الكثير لصالح الديمقراطية، مثل الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي وبطاقة التعريف غير القابلة للتزوير، لم يشارك الحزب خلال فترة ولد الطايع في أي من الحكومات المتعاقبة، وإن استطاع أحد أِشقاء ولد مولود الحصول على منصب وزير التنمية الريفية،فيما اعتبر حينها مظهرا من مظاهر العلاقة غير المتوترة بين الحزب المعارض والنظام الطائعي
ترشح ولد مولود للرئاسيات في العام 2007 لكنه لم يتجاوز حاجز 4%، قبل أن ينشط بعد ذلك بقوة في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المناوئة للجنرال محمد ولد عبد العزيز ويتولى لاحقا رئاسة وفدها المفاوض في دكار.
يوصف ولد مولود بأنه رجل مثقف ومفكر محنك، قليل الكلام والتصريحات، يحاول دائما ملأ الجانب الديني لحركة اليسار الموريتاني من خلال خطاباته، وتصريحاته الإعلامية.
2- بدر الدينمحمد المصطفى بدر الدين : يحمل محمد المصطفى ولد بدر الدين ثرات أكثر من خمسين سنة من النضال السياسي ضد ما يعتقد أنه ديكتاتورية النظامين السياسي والاجتماعي وربما الديني حتى،
التقط ولد مولود صور الحياة الأولى في مكطع لحجار سنة 1945 ناضل بدر بقوة منذ منتصف الخمسينيات وظل الصوت الأبرز لحركة اليسار الموريتاني، تولى المعلم بدر الدين رئاسة حركة اليسار الموريتاني لعقود، كان فيها أحد أهم المنظرين اليساريين في غرب إفريقيا، كما تعرض للاعتقال والتعذيب البشع منذ الستينيات، لم يتول بدر الدين وظيفة سامية كبيرة، باستثناء إدارة مدرسة المعلمين عدة سنوات،قبل أن يتقاعد، دخل البرلمان خلال في أول فرصة للمعارضة سنة 2001.
على الصعيد الفكري ظل بدر الدين إلى سنوات قليلة أحد المتشبثين جدا بالفكر اليساري، وعنه نافح شعرا ونثرا وظل يشرف على اكتساب وتعميد أعضاء جدد للطريقة اليسارية، يرفض بدر الدين اتهام بعض خصومه الإيديلوجيين لليسار الموريتاني بتبني أفكار الإلحاد، لكنه في المقابل يرفض الظلم من خلال هيمنة ” رجال الدين”.
حظوظ ولد بدر الدين في رئاسة اتحاد قوى التقدم قوية، جدا حيث ظل لسنوات طويلة الرجل البارز والحاضر القوي في الحزب، لكن مراقبين داخل الحزب يقولون إن ظروفه الصحية، وتقدمه في السن قد يمنعانه من الترشح أو قبول ” تكليف الرئاسة” رغم أنه يعتقد أن الشباب قوة فكرية لا فترة زمنية.
3- محمدو الناجي محمدو الناجي:
محمدو الناجي ولد محمد لمحمد : المستشار السياسي لرئيس حزب اتحاد قوى التقدم، أحد مجموعة المؤسسين في توكومادي، وأحد أهم الأصوات السياسية في حزب اتحاد قوى التقدم، يدعمه الكثير من أطر الحزب، خصوصا المنحدرين من ولاية لبراكنة، ومقاطعة مقطع لحجار ذات التاريخ الأصيل في حركة الكادحين، إضافة إلى أنه أحد العناصر المحافظة جدا، على مزاوجة بين أصالة إسلامية ويسارية سياسية، يقول العارفون بالرجل أنه رفض الاستجابة لأوامر الطبيب له بعدم صيام رمضان، معتبرا أن المرء فقيه نفسه.
محمدو الناجي مثل بدر الدين وولد مولود ليس من الوجوه الشابة في اتحاد قوى التقدم، لكنه في المقابل من أبرز أوجهها التاريخية، وأحد أهم قيادات« carle”التي أدرات ملف اليسار الموريتاني خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، يقول مراقبون وناشطون في الحزب إن حظوظ ولد محمد لحمد في الحصول على منصب رئيس الحزب قوية جدا، نتيجه تاريخه النضالي وكونه أيضا أحد كبار المثقفين الموريتانيين، ونتيجة علاقاته الواسعة مع رموز اليسار العربي، إلا أنه هو الآخر يواجه عقبة السن والوضع الصحي.
4- محمد ولد اخليلمحمد ولد اخليل : يشترك محمد ولد اخليل مع الدكتور محمد ولد مولود في الانتماء القبلي ويختلفان في التوجه الفكري، فمحمد ولد مولود رجل اليسار الموريتاني المشهور وولد اخليل رجل عروبي ناصري عتيد، فرض تعريب الوثائق الشخصية للمواطنين عند توليه منصب والي نواكشوط خلال آخر فترة الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، خطف ولد اخليل أضواء كثيرة منذ انتسابه إلى حزب اتحاد قوى التقدم بعد سقوط ولد الطايع، كان مرشحا على لوائحه الانتخابية، وممثلا له في حكومة الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد – الله،ثم نائبا للرئيس بعد ذلك، يقول العارفون بالحزب إن الرجل استطاع التأثير القوي في مسيرة الحزب وأنه يربط علاقات قوية ببعض الأطر والقواعد الشعبية، لكنه في المقابل يواجه معارضة قوية جدا من القيادات التاريخية لحركة الكادحين، وفي المقابل يحظى بدعم وتقريب من محمد ولد مولود وعدد من أطر الحزب، كما ينظر إليه باعتباره أحد الشخصيات ” المالية ” للحزب.
5- لوغرمو عبدوللوغرومو عبدول : يعتبر لوغرمو عبدول أحد أهم أساتذة القانون الموريتانيين، وفي المقابل من، أهم أوجه اليسار الموريتاني، من الزنوج بالإضافة إلى النائب كادياتا مالك جلو، والأستاذ بابوبكر موسى وكما اعتبر عبدول أحد صقور الحزب في معارضة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، لكن حظوظ الرجل في رئاسة الحزب غير قوية جدا وسط التراجع الملحوظ في شعبية الحزب داخل مجتمع الزنوج بعد ظهور أحزاب خاصة بالزنوج.
عقبات في طريق التقدم
بين الحزب والحركة
مثل حزب تواصل الإسلامي يواجه حزب اتحاد قوى التقدم اليساري إشكال العلاقة بين الصبغة الحركية وبين المتطلب الحزبي، فالحركة العتيدة التي توزعت أجنحتها أو منتسبوها السابقون – في أحسن الأحوال – بين المعارضة والأغلبية والسلطة، لا تزال تتحكم في الحزب ولا يزال شيوخها قابضين على زمام الأمر، وبين الحزب والحركة تبقى مساحة ا
انحسار اليسار
– قبل سنوات قليلة وقع حزب اتحاد قوى التقدم اتفاق صداقة وشراكة مع الحزب الشيوعي الصيني، حينها غادرت أهم شخصيات الحزب موريتانيا باتجاه الصين في زيارة وصفت بأنها بالغة الأهمية، لكن صين ماو تسي تونغ لم تعد الصين اليوم، بل بات من المؤكد أن الجديدة أكثر تعاطفا وانسجاما مع النظام الحاكم من خصومه، ينضاف إلى ذلك أزمة اليسار العربي الذي بدأ منذ سنوات كثيرة في التراجع الشديد لصالح التيارين القومي والإسلامي، مخلفا عددا كبيرا من القامات النضالية التي يعيش أغلبها على التاريخ ويصعب عليه فهم الظرفية الجديدة.
لكن انحسار اليسار الموريتاني لا يعني أن الحزب وحركته السابقة لا يتمتعان بعلاقات قوية أكثر مع أحزاب اليسار الإفريقي واليسار الفرنسي بشكل خاص، حيث يعتبر قوى التقدم الحزب الأكثر فعالية في تلك العلاقات، ثم يأتي حزب تكتل القوى الديمقراطية في مرحلة لاحقة.
ويعوض الحزب تراجع صيته الجماهيري أيضا بمجموعات كبيرة من الأطر الأكفاء الذين ينتشرون في إدارات الدولة الموريتانية، وفي أغلب المنظمات الدولية ذات البعد القانوني أو الاقتصادي، حيث يقل في هؤلاء من لم “يتيسر” ذات مرة أو ” يكدح”
بين المعارضة والثورة
منذ وصول الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة اتخذ قوى التقادم مواقف سياسية أقل مساومة من بقية أطراف المعارضة الأخرى، ولا يزال الحزب الأكثر وفاء للمعارضة، وفي المقابل تلقى الحزب تعاملا قاسيا من النظام الحالي الذي اعتبر حزب اليسار وأقارب الرئيس محمد ولد مولود مسؤولين عن توتر علاقته بالرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله.
لكن الحزب في المقابل لم ينظر بعين الارتياح كثيرا إلى ” الثورة”، وطالب الأطراف المتحمسة للثورة ” بشرح أكثر ” للثورة وأبعادها وكيف ستكون.
—–
بحسب أنصار الحزب فإن مؤتمر الصمود لن يأتي بجديد على المستوى السياسي، فشعاره يعني الصمود على المواقف والمبادئ، لكن هل سيأتي المؤتمر أيضا بجديد على مستوى الأشخاص،مؤكد أن قادة الحزب لن يمنحوا رئاسة “قوى التقدم” إلا لمن عرفت “كدحته” حتى وإن أشفى على التقاعد.
المصدر: السراج