تعذيب نزلاء مركز استقبال وإعادة الدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون
كشف التقرير الخاص للأمم المتحدة بشأن التعذيب في موريتانيا، في فبراير، عن معاملات ترقى لمستوى التعذيب تعرض لها نزلاء مركز استقبال وإعادة الدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون؛ وهو المركز الذي تم إنشاؤه لاستقبال هذه الفئة من الأطفال، بناء على قرارات قضائية، من أجل إعادة تأهيلهم اجتماعيا بدل إيداعهم السجن على غرار البالغين.
وتم تدشين مركز استقبال وإعادة الدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون في نواكشوط سنة 2009، فيما تم افتتاح مركز نواذيبو الممول من الاتحاد الأوروبي في 26 نوفمبر. ويشكل هذان المركزان، إضافة لتشريع موريتاني يمثل ذروة قضاء الأحداث في إفريقيا، واجهات حقوق الإنسان بالنسبة للحكومة الموريتانية. وما فتئت اليونيسيف تدعم هذا الصرح الحقوقي، مثلها في ذلك مثل منظمة “أرض الرجال”؛ وهي إحدى المنظمات الدولية الأكثر شهرة عالميا في مجال حقوق الطفل.
وتحدثت تقارير إعلامية موريتانية عديدة عن هذين المركزين وعن مديرهما محمد فال ولد يوسف؛ وهو شخص معروف لدى الرأي العام، ولكن لا أحد يعرف ما هي الكفاءات الشخصية والمهنية الخاصة التي يتمتع بها وتم تعيينه على أساسها مديرا لهذين المركزين اللذين يستقبلان في المتوسط 40 طفلا سنويا، فيما تبلغ ميزانيتهما ثلث مجموع ميزانية إدارة السجون التي تسير 2.000 معتقل ! بل إن ثمة حديثا عن تعيين ولد يوسف مسيرا لسجن الأحداث الذي تم بناؤه في انواكشوط بالقرب من مركز استقبال وإعادة الدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون. ما يعني أنه سيُعْهَد بموارد عمومية ضخمة إلى هذا البوق الدعائي للنظام.
حسنا ! ما هي الوقائع التي بحوزتنا؟
في منتصف شهر فبراير، وقبيل نشر التقرير الخاص للأمم المتحدة شأن التعذيب في موريتانيا، تم إيفاد بعثة من “الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب” إلى نواذيبو، في أول تدخل –على حد علمنا- للجهاز الجديد، وذلك إثر إحالة عاجلة وجهتها إليها منظمة “أرض الرجال-إيطاليا” تتعلق بتصريحات خطيرة حول سوء معاملة يتعرض لها نزلاء المركز. وفي نفس تاريخ الإحالة، تم إبلاغ وكيل الجمهورية في نواذيبو بمزاعم خطيرة للغاية تتعلق باعتداءات جنسية على أطفال يستقبلهم المركز. فلماذا كل هذا الحراك المفاجئ؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها النيابة؟ وتلك التي اتخذتها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب؟ وهل للأمر علاقة بالتقرير الأممي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من النشر؟
إلى ذلك كان موقع developmentaid قد نشر، في شهر نوفمبر، خبرا عن إطلاق الاتحاد الأوروبي مسطرة تقييم لـ “طبيعة وحجم التنازع” المرتبط بمركز استقبال وإعادة الدمج الاجتماعي للأطفال المتنازعين مع القانون في موريتانيا، على أن تقدم الجهة المشرفة على التقييم تقريرها بداية فبراير. فما هي نتائج هذا التقييم؟ وهل تحدث النائبان الأوروبيان اللذان زارا موريتانيا منتصف فبراير، في الموضوع مع وزير العدل الذي كان يستقبلهما في نفس الوقت الذي كانت اليونيسيف تعلن فيه عن وقف تمويلها للمركز؟ ولماذا بادر وزير العدل، بعيد نشر التقرير الأوروبي، إلى استقبال السفير رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا وتم إنشاء لجنة داخلية خاصة؟
أسئلة كبيرة من بين أخرى حول قضية تشبه كثيرا فضيحة إنسانية ضخمة يعمل المتورطون فيها (الحكومة الموريتانية، الاتحاد الأوروبي، واليونيسيف) على التستر عليها حتى لا تصل إلى الفضاء والنقاش العامين.