مجنون ليلى
مجنون ليلى، قيس بن الملوّح وليلى العامرية، قصة عربية قديمة مشهورة، تُحاكي أروع معاني الحب والعشق التي جمعت بين شخصين، تميّزت هذه القصة بعمق مشاعر الحب، والإصرار والإيمان بالحب دون كلل او ملل، ومحاربة كل الظروف للوصول إلى يبحث عنه، إلّا أن مسعى قيس بن الملوّح في زواجه من ليلى، وهذا الأمر الذي دفع به إلى الجنون. استغلّ الشعراء هذه القصص الخصبة بالمشاعر لتوظيفها في أعمالهم الأدبية، ولا سيّما مسرحية (مجنون ليلى) للشاعر الكبير أحمد شوقي، وهو موضوع هذه المقالة.
[١] تلخيص مسرحية مجنون ليلى ثاني مسرحية أبدها الشاعر والأديب حمد شوقي، وكانت هذه المسرحية هي الأولى ضمن اعماله المسرحية التي تناولت في مضمونها شيئاً من تاريخ العرب وجسّدته. وقد تميّزت هذه المسرحية المُقتبسة من رواية واقعية باحتوائها على الكثير من المشاعر الصادقة، ولخّصت عمّا يمكن أن يُحدِثه الحب والعشق في أصحابه، الذي قد يتسبّب بالموت أحياناً. كان وقت هذه المسرحية في زمن وعهد الأمويين، وقد صدرت في منطقة نجد هذه المنطقة التي عرفت بشعرائها العذريين، ومن أبرز أبطال هذه المسرحية الشخصيتان الأساسيتان وهما قيس بن الملوح المُلقّب بمجنـون ليلـى، وليـلى العامرية التي عشقها قيس، وأبو ليـلى المعروف بالمهدي، وزوج ليـلى ورد، وبعض الشخصيات الأخرى الثانوية التي أثّرت على حبّ هذين العاشقين. دارت أحداث هذه المسرحية حول قيس الذي كان يعشق ويهوى فتاة كانت يطلق عليها اسم ليلى منذ أن كانا صغيرين، يقومان برعاية الغنم الذي كان للأهل، فنشآ معاً، إلّا أن سبب عدم قبول أبي ليلى المهدي من زواج قيس لابنته لأن قيساً قام بذكرها في شعره واصفاً حبّه وعشقه لها، وذلك حسب العادات المتواجدة عند العرب في ذلك الوقت التي تقضي بعدم زواج الفتاة من شاب يهيمها وينشد لها حبّاً، وهو الحب المحموم الذي أضعف قيساً ذهنيّاً وجسديّاً، فأصبح لا يستطيع ترك الحديث عن ليلى، ولا يعجبه مكان سوى مكان توجد به ليلى. وقد حاول بعض الناس الذين كانوا يشفقون على قيس وما وصلت إليه حالته السعي والتوسط عند أهل ليلى حتى يتزوج منها، ولكن كل تلك المحاولات قد باءت بالفشل، ولم تُغيّر في حقيقة أن أهلها لا يريدون تزويجه من ابنتهم ليلى حفاظاً على عادتهم بعدم تزويج الحبيبين آنذاك، ثم بعد ذلك تزوجت ليلى من رجل نزولاً عند رغبة أهلها، ولكن ليلى لم تستطع أن تتحمّل تلك المعاناة التي كانت تتمثل في آلام الحب، فمرضت ثم ما لبثت أن ماتت، وكل هذا يحدث وقيس لا يدرك ماذا يفعل، فقد كان يهيم في البـادية ولم يعد يجدي له فعل أي شيء في إرجاع رشده، وبعد أن علم بموتها لم يستطع أن يتحمّل الأمر إلى أن مات هو الآخر. [٢] أقسام المسرحية تُقسم المسرحية إلى خمسة فصول كالآتي: [٣] الفصل الأول: يجتمع الفتيان والفتيات في المساء يتسامرون، فيذكر أحدهم قيساً ويُبيّن رغبته في الزواج من ليلى، فتغضب تلك الأخيرة وتُخبر الجميع عن مشكلتها بقيس التي تتّضح بحديثه الدائم عنها في شعره. في ذلك الوقت يدخل قيس بحجّة أنه يريد ناراً، إلى أنّ والد ليلى يطرده من المجلس. الفصل الثاني: يصل قيس حافة الجنون، فيأخذه البعض إلى الكعبة حتى يدعو الله بأن يشفيه من هذا الحب الذي لا يعود عليه بالنفع، إلّا أنه يدعو بألّا يشفى منها أبداً، وهو الأمر الذي يثير والد ليلى فيشكوه للخليفة الذي يهدر دمه، إلا أن عمر بن عبد الرحمن بن عوف يراه، فيعرض عليه أن يشفع له عند الخليفة، فيطلب قيس بالشفاعة له عند ليلى، فهي أولى بالتذلّل. الفصل الثالث: يحاول ابن عوف إقناع والد ليلى بقبول قيس زوجاً لابنته، فيترك الحكم لليلى التي ترفض هذه الشفاعة حفاظاً على العادات والتقاليد، وينتهي بها الأمر زوجة لورد الثقفيّ. الفصل الرابع: يمضي قيس هائماً على وجهه باحثاً عن بيت ليلى، فيضلّ الطريق وصولاً إلى قرية يسكنها الجن، وبعد حوار مع أحد الشياطين، يقوم ذلك الشيطان بإرشاده إلى الطريق ليصل إلى ليلى، فيسح زوجها ورد لهما بالالتقاء، ويبدأ قيس بالشكوى من ألم الحب ويدعوها للهرب معها، إلا أنّها ترفض ذلك حفاظاً على العادات والتقاليد، فيهيم على وجهه كالمجنون، وتُصاب هي بالمرض العضال. الفصل الخامس: تموت ليلى ويتم دفنها، ويجلس أبوها وزوجها ورد لتقبّل العزاء، إلا أن الناس كانوا ينفرون من زوجها باعتباره شؤم على العائلة، فيظهر قيس فجأة بعد علمه بالمصيبة التي حلّت، فيرتمي على قبر حبيبته ليلى باكياً، يرثيها ويُخلّدها بجميل الشعر المليء بالعاطفة الصادقة، فيسمع صوتها يناديه من القبر مُشابهاً لصوت ليلى، فيجيب الصوت قائلاً: لبّيك بالروح والجسد، ويموت بعدها على قبر حبيبته.
أحمد شوقي شاعر وأديب مصري، لُقّب بأمير الشعراء، ولد في مصر وتربّى في كنف جدّته التي أدخلته الكُتّاب وهو في الرابعة من عمره، فيظهر تميّزه عن أقرانه في حفظ القرآن والشعر والأدب العربي. أظهر شغفاً كبيراً في قراءة دواوين الشعراء الكبار، وعندما أتمّ الخامسة عشر من عمره التحق بقسم الترجمة في كليّة الحقوق، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال دراسة الحقوق، إلا أن دراسته لم تمنعه من متابعة كبار الشعراء والأدباء، أمثال رامبو، وبودلير، وفيرلين، لكن قلبه ظلّ مُعلّقاً بكبار الشعراء العرب، خاصّة المتنبي.