ترصد المخاطر وتلمس المخارج (الحلقة 4)

altماذا يريد بيرام؟، ماذا تريد افلام، ما هي ملامح الموجة الأولى ميدانيا، لا قدر الله، من الاحتكاك بين “المخزن” والمعارضة الراديكالية وبعض الأجنحة المحظورة مثل “إيرا”، و”افلام”.

الوضع يستحق التأمل والوقاية والإحتياط من طرف جميع الأطراف الرسمية والمعترضة، عسى أن لا تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.

أما هبوب العاصفة فمسألة وقت فحسب، ولكن مع شد الأحزمة، قد تتجاوز هذه الزوبعة المرتقبة الراجحة، وبأقل الخسائر، وهذا أقل ما يمكن التفاؤل بوقوعه على وجه جاد، حسب المعطيات الموضوعية المعيشة في جوانب المركب الوطني المهزوز، دون أن يدرك ذلك أصحاب الطابع العامي الغافل، ولو كانوا في مراتب متقدمة شكليا.

فالعبرة بالقدرة على التوقع ومحاولة تلافي الفتن والزوابع قبل وصولها منطقة المركب أو السفينة، أما ما سوى ذلك، ففن السذج البلهاء ،أعاذنا الله منهم.

وهو من أمارات الجهل والحماقة والإستدراج.

فالله يمهل ولا يهمل، والممهل يحسب طقس المطر الحارق المدمر، غيثا نافعا، وهو في الحقيقة عقاب إلهي وشيك، وفي المقابل يراه أهل التقوى والعناية الربانية والحس المرهف السليم، خطرا وشيك الوقوع بل محقق النزول، إن لم يتراجع أهل البلاء عن حوباتهم ويتصالح المتخاصمون المتدابرون، وإلا لوقعت الواقعة لا قدر الله.

ماذا يريد بيرام، فـ”إيرا” لخصها في شخصه الكريم.

بيرام يدافع بجد أحيانا عن ما يراه ظلما لشريحة “لحراطين”، لكن هذا لا يخلو طبعا من الاسترزاق غالبا بهذه القضية، وهذا نسبي الخطر، لأنه يشوب من سمعته النضالية، إن صح الإطلاق، أكثر مما يضر ربما على نطاق واسع، لكن الأخطر في هذا السياق، أنه حاقد على عنصر البيظان البيض، إن صح الإطلاق أيضا، باستثناء ضيق ، إن وجد بيظاني ، لا يكرهه حتى النخاع بيرام ولد اعبيدى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله “.

وحسب دعواي فإن بيرام، بإختصار مشروع فتنة قد يساهم سلبا في الإنجراف نحو مزيد من عدم التفاهم، بين مكونين أو شريحتين، إن سمحت طبيعة الصلة المتشابكة بالفصل الفعلي بينهما.

وعموما بيرام قد لا يدفع الأمور نحو التقارب والتفاهم، بقدر ما يدفعها نحو مزيد من التباغض والتحامل المتبادل للأسف البالغ.

وقد وقع بعض ذلك، بل إني أقول، إن بعض مسؤولي “البيظان” إن كانوا يسرقون نهارا في مكاتبهم بعض المال العام، فإن أنصار بيرام من الفتيان والمراهقين وغيرهم، غير المحصنين طبعا، من عدم التأثر بخطاب بيرام التحريضي أصبحوا يمارسونها أي السرقة، مع الإغتصاب أحيانا، ليلا غالبا وأحيانا نهارا في بعض الوقائع، للأسف البالغ.

ولذلك زادت معدلات العمليات الإجرامية بدفع من خطاب بيرام المفتوح، المفعم عن قصد بالكراهية واستهداف البيظان حصرا، حسب تعريفه لهذه المجموعة، ذهنيا في دماغه المريض المعقد، المختطف صهيونيا وماسونيا وغربيا عموما بامتياز، بالشهادات الوهمية التقديرية والشرفية، ذات الطابع الدولي الرفيع المثير، مع الدفع النقدي المتكرر المتواتر، من قبل شبكات الماسونية الدولية والصهيونية العالمية، خصوصا بعد قطع الصلة الرسمية ولو ظاهريا مع الكيان الصهيوني البغيض من قبل نظام موريتانيا بعد إنقلاب 6 أغطس2005.

ويدخل في هذه العمليات الإجرامية، القتل المجاني والإغتصاب ،والسرقة أقلها ضررا بالمقارنة مع القتل على رأي البعض.

وإن تواصل هذا المسار البيرامي دون تدارك، وفحص موضوعي صريح، فإن الظاهرة البيرامية البغيضة العنصرية، كفيلة بنسف ما بقي من استقرار وعافية هشة أصلا.

إن أسباب القتل والإغتصاب والسرقة لا تقتصر على بيرام وخطابه التحريضي، لكن معدلات هذه الجرائم تضاعفت بعد استفحال تأثير الخطاب البيرامي في أوساط شريحة لحراطين.

الفقر فعلا وسوء تسيير الشأن العام يدفع إلى حالات هنا وهناك، لكن الأمر في موريتانيا وصل إلى درجة ،في عاصمتنا المهزوزة ،من انتشار القتل والإغتصاب والسرقة، حدا يستدعي التساؤل ،هل الأمر مقصود من قبل مافيا بيرام، وهل هو بإملاء واشتراط مقابل التمويل من قبل الغاضبين من قطع العلاقة معهم، أي الصهاينة.

إنها بعض مخططات كتاب “حكماء صهيون”، وبعض ملامح بسيطة من الفوضى الخلاقة، وإن لم يظهر الكتاب والسياسيون والمدونون وأصحاب المنابر على إختلافها ، خطورة هذا الحال وصلته شبه المباشرة بخطاب بيرام التحريضي، فإن الوضع قد يتطور إلى أخطر من هذا المستوى الراهن، من الكراهية المتبادلة بين البيظان البيض والبيظان “السمر”، والتزايد المفزع لعمليات الإغتصاب والسرقة والقتل، وخصوصا في أوساط البيظان البيض.

ما لكم لا تنكرون معشر الحراطين البرءاء وهم السواد الأعظم هذا المنكر العظيم من طرف صاحبكم إن صح الإطلاق، وما لكم معشر البيظان الحقيرين الأذلاء تظلمون على هذا المنحى الواضح تحت ضغط تأثير خطاب بيرام العميل الصهيوني العنصري وأنتم ساكتون على الأقل عن استنكار هذا المنكر ولو لفظيا، بجرأة وحكمة وتوازن دون ظلم السواد الأعظم من الحراطين أو تجاهل بقية أسباب والعوامل الدافعة للسرقة والإغتصاب والقتل، والمتعلق بعضها فعلا بما سبق من ظلم للأرقاء السابقين وما هو منتشر من عنصرية في الوسط العربي عموما وموريتانيا بشكل خاص، وما سوى ذلك من عواقب ظلم الدولة الوطنية منذ بروزها 1960 واعتدائها واغتصابها للشأن العمومي، بشقيه المعنوي والمادي.

وللأسف المستهدفين الضحايا جميعا على مستوى العاصمة بوجه خاص، أغلبهم من عنصر البيظان، في عرفات ودار النعيم ودار البركه بوجه خاص ، وغيرها من مناطق نواكشوط عموما والبلد على وجه أعم.

أليس للبعض بصورة استعجالية الحق في التسلح الفردي المحدود لرد الـ”الصائل” وهي القاعدة الشرعية البديهية المعروفة بشروطها، في شرعنا الإسلامي الحكيم الشامل.

إن الأمر يحتاج إلى مراجعة فورية قبل أن يصبح فوضى لا حدود لها، وما أكثر من قائل ولو سرا: أن بيرام فتنة، حدثني أحد العارفين به أن أحد أعمامه قال له هذا الرجل كان وهو صغير مراهق هكذا ، لا يقدم علينا في منازلنا وأسرتنا بوجه خاص، أحد يشتبه في مكانة معتبرة له في مجتمع البيظان البيض، إلا وأزعجه بمختلف الأساليب، مدة إقامته ولو كانت محدودة عابرة في منازلنا.

كره البيظان متجذر فيه منذ صغره، هكذا شهد له بهذا أحد أعمامه العارفين به.

اللهم سلمنا من الفتنة “البيرامية” وأهده إلى سواء السبيل، وأبعد عن الحراطين قبل غيرهم ضرره وسوء عاقبة خطابه التحريضي، فقد بات الكثير من البيظان البيض يتحفظ من التعامل مع الحراطين، لصالح آخرين ولو كانوا من خارج البلد، واحفظ  سائر المسلمين في هذا البلد المفتون.

اللهم سلم سلم.

وفي الحلقة القادمة نتناول حالة فلام ولا تلمس جنسيتي المتولدة عنها، أو فلام الصغيرة المقنعة، بحجة حقوق الحالة المدنية المشروعة وغير المشروعة.

كما سنتناول أيضا للأسف البالغ نذر وملامح اقتراب منعطف الإنزلاق، إن لم يبادر النظام بدعوة جديدة جادة للحوار، تلافيا لما هو أسوأ في غياب مشاريع التقارب ، وفي المقابل استمرار حالة التباعد والهجران المتبادل بين أهم مكونات المسرح السياسي الوطني المتنوع المتخاصم، والمغرور أحيانا، والغافل عن ما يمكن أن يحصل من تطورات سلبية مفاجئة، لا قدر الله، لا تخدم بقاء الإستقرار على حالته الهشة أصلا.

وتذكيرا وتنبيها اقول، تحدينا الأول، عدم رغبتنا في التنازلات الحوارية المؤلمة المتبادلة، عسى أن تتراجع موجة وعاصفة منتظرة غير مستبعدة، وللأسف البالغ بدأت تهب بعض مقدماتها ونذرها المخيفة، خصوصا بعد إجازة التعديلات الدستورية المثيرة للجدل، في جو غير توافقي، وفي المقابل المعارضة الراديكالية والأجنحة الراديكالية الأخرى، لا تريد أن تقبل، ربما بسبب أنانيتها وضيق أفقها، أن الأزمة إلى جانب طابعها السياسي، هي أزمة تفاهم وعناد مزمن منذر بالأخطر الوشيك لا قدر الله.

ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة “الأقصى”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى