تقريرنقيب المحامين الموريتانيين حول العدالة
اصدر نقيب المحامين الموريتانيين الاستاذ احمد سالم ولد بوحبينى تقريرا عن حال العدالة فى موريتانيا،شرح فيه اوجه التقصير فى العدالة الموريتانية وقال إن الهدف منه إعطاء فكرة للمجلس الأعلى للقضاء الذي سينعقد غدا الإثنين.
نص التقرير:
دجمبر 2012
من أجل إعطاء فكرة للمجلس الأعلى للقضاء الذي سينعقد غدا الإثنين
أولا / التعسف كممارسة
يمكن تعريف الحبس التحكمي بأنه الجرم الذي تسلب بمقتضاه سلطة معينة حرية شخص ما بدون أساس قانوني .
إن الحبس التحكمي ممنوع بموحب المادة 9 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية
لقد دأبنا على إدانة الإعتقالات التعسفية خلال سنتي 2010 و2011 ولكن من الملاحظ أننا لا زلنا نعيش اعتقالات تعسفية عن طريق نفس السيناريو ، سلطة تنفيذية تتحكم عن طريق نيابة لا تكترث باحترام القانون وقضاء ضعيف وخاضع على نحو مخجل .
وهذه أمثلة على ذلك :
هذا المواطن المودع في السجن عن طريق النيابة في مسطرة تلبس ( تتعلق بشيك بدون رصيد الملف رقم النيابة 1200/2012 ، وصلاحية أمر الإيداع الصادر عن النيابة لا تزيد على شهر حسب قانون الإجراءات الجنائية وبانصرام هذا الأجل يكون أمر الإيداع بدون أي أثر قانوني وبعد اللجوء إلى الغرفة الجزائية أصدرت قرارا بعدم اختصاصها بالنظر في القضية وقد رفضت النيابة إطلاق سراح المعني بعد أن طلب منها ذلك إمعانا في خرق لقانون ، وبعد أن تم اللجوء إلى محكمة الإستئناف منحت المتهم حرية مؤقتة ولكن النيابة امتنعت أيضا عن إطلاق سراحه وبقي هذا المواطن في حالة اعتقال تعسفي إلى حين إعداد هذا التقرير .
مواطن آخر مودع بتارخ 08/10/2012من قبل النيابة في مسطرة تلبس متعلقة بشيك دون رصيد ( الملف رقم النيابة 1356/2012 .. بتاريخ 09/11 طلب محاموه إطلاق سراحه بعد انتهاء صلاحية بطاقة الإيداع طبقا لمقتضيات قانون الإجراءات الجنائية ، وقد رفضت النيابة إطلاق سراح المعني دون تقديم أي أساس قانوني لذلك ، وقد أشعرنا بهذا الإعتقال التعسفي بتاريخ 18/11/2012 .
تمكنت النيابة التي تقود بنوع من التحكم هيئاتنا القضائية الضعيفة من حمل الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا على البت في الحرية المؤقتة يوم 19/11 من أجل إتاحة الفرصة أمام الغرفة الجزائية بمحكمة الولاية من إدانة هذا المواطن بتاريخ 20/11 .
يا لها من عجلة !
إنه لحيف ما بعده من حيف فلو أن المعني أطلق سراحه حين انتهاء صلاحية بطاقة الإيداع الصادرة في حقه يكون في حالة حرية بغض النظر عن إدانته خلال آجال الاستئناف ما دامت محكمة الاستئاف لم تبت بعد .
إلا أن الحرية لا تحظى بأي اعتبار لدى نظامنا القضائي .
ثانيا / التعسف كتوجه
أورد في هذا السياق بعض الأمثلة من أجل قياس مدى اتساع ما أسميه بسرور الاستهزاء بالقانون .
لقد حرصت السلطات على أن تشهد من هم معنيون أساسا بالقانون .. النواب الذين يصوتون على القانون والقضاة الذين يطبقونه .
1/ النواب
أ/ النواب الممارسون
الرسالة التي تم توجيهها للنواب الممارسين في منتهى الوضوح ، كونوا أنتم أنفسكم في وضعية غير قانونية عندما تمضون في التشريع خارج فترة انتدابكم القانوني ، حينها لن يكون بإمكانكم إعطاء دروس في مجال الشرعية .
ب/ النواب المتقاعدون
الرسالة الموجهة إلى هؤلاء تشكل انحرافا بينا ، في ما يتعلق بتقاعدكم لن يتم تطبيق القانون الخاص بنظامكم بل سيطبق عليكم القانون الذي تم إلغاؤه والذي تستفيدون في ظله بأقل قدر من الحقوق .
تمتعوا بتقاعدكم في ظل خرق القانون !
2/ القضاة
أ/ القضاة الممارسون
لا تعدمنا الأمثلة في هذا المجال ، فمن المؤسف ملاحظة أن قضاتنا تم اختزالهم في قسم من أقسام وزارة العدل حتى لا تكون لديهم أية سلطة وحتى يتم إبعاد مفهوم الاستقلالية عن الجهاز القضائي .
المثال الأكثر وضوحا هنا يتمثل في تعليق عمليات الفرز الخاصة بانتخاب مكتب الودادية وتقييدهم بالقوة في جمعية منشأة من قبل وزير العدل استفادت مؤخرا بسخاء من إعانة مالية مقدمة من هذا الأخير بلغت 15 مليون أوقية .
ب/ طلاب القضاة
فمن أجل ضمان تكوينهم على خرق القانون تمثل أول درس يتلقونه في جعلهم يخضعون ، عن طريق قرار إداري ، لفترة تكوين مدتها ثلاث سنوات في حين أن القانون النظامي الذي يحكمهم نص على سنتين .
ابدأوا حياتكم المهنية ، يا قضاة المستقبل ، في ظل خرق القانون !
ج/ المؤسسات القضائية
هنالك مثالان جديران بتوضيح سياسة هيمنة التعسف وخرق القانون .
لقد تم عزل رئيس المحكمة العليا بشكل تعسفي من وظائفه قبل انتهاء فترة مأمورته في حين أن رئيس محكمة الحسابات يستمر في مزاولة مهامه عشرة أشهر بعد انتهاء فترة انتدابه .
إن الأمثلة عديدة ومتنوعة على هيمنة التعسف وخرق القانون الذي غدا ممارسة مألوفة .. من تلك الأمثلة استفادة بعض السجناء من عفو رئاسي قبل أن تتم محاكمتهم في حين أن هنالك آخرين أنهوا فترات عقوبتهم قابعين في السجن الخ…
وفي ظرف كهذا لست أدري كيف يمكن لأولئك الذين سيجتمعون غدا الإثنين في هيئة تحمل اسم المجلس الأعلى للقضاء أن ينظر بعضهم إلى بعض ، على ماذا سيتداولون فيما بينهم وما الذي سيصدرون من قرارات .
لعل أفضل ما سينفض عنه هذا الاجتماع الشكلي هو تهدئة خاطر قضاتنا الجبناء الذين انتابتهم حالة من الارتعاد البين ، كما هي عادتهم ، عند اقتراب كل مجلس .
سيكون التقرير القادم أكثر تفصيلا وسيحتوي على ملحق يتضمن الأحكام القضائية الأكثر فضاحة .
أتدرون ما السبب في حرصنا على النشر المنتظم لهذه التقارير ؟
ننشرها من أجل كشف حالات الاعتداء على حقوق الإنسان وما يتعرض له من ظلم وحيف فقد علمتنا التجارب أن إدانة الاعتداءات على حقوق الانسان وإظهارها للعموم تعتبر الوسيلة الأنجع – من بين أخرى – للتصدي لتلك الممارسات المشينة .
إن هذه المبادرات ، المعزولة ، ولكن الواعية والأكيدة بإمكانها أن تشكل أساسا لحركة نضالية في كل قطاع على حدة من أجل تهيئة الطريق أمام الطامحين للعدالة الاجتماعية المكرهين على الصمت للأسف الشديد في محيط لا ترحم.
انواكشوط بتاريخ 30/12/2012
الأستاذ/ أحمد سالم ولد بحبيني
نقيب الهيئة الوطنية للمحامين بموريتانيا