ليلة البدر ب “أكان”

أجل انطلقت إلى عمق”أكان”، زهاء مائة كلم شمال مقطع لحجار، وبعد مسير ثلاث ساعات في جو بديع وديع وصلنا عند غروب الشمس إلى مقصدنا  الذي يشبه تضاريسيا انشيرى إلى حدما.

 

وبعد السؤال  تأكد أن سهوله عند تهاطل الأمطار يصلح بها الزرع ويدر الضرع.

نعم بعدما غربت الشمس بوقت وجيز تجلى بدر ليله الأحد 15 ربيع الأول”اتبيع” بالمسمى الحساني المحلي، في جو “الصمرة” المحدودة، مؤشرة لدخول فصل الشتاء الجميل، المفضل عندي وعند كثيرين غيري، حيث من المتوقع دخوله، أي فصل الشتاء، بعد إحدى عشر يوما بإذن الله.

كان حجم البدر، الليلة الجميلة هذه، يضاهى ظاهريا حجم الشمس وقت غروبها هذا المساء.

أجل إنها ليلة البدر ب”أكان”، الذي كاد يسمى عليه بلدنا، ولا غرابة فهو ملتقى ومدفن الأعيان ومدفن ديلول التباري، رمز الحكمة عندنا، أو لقمان موريتانيا.

وديان متنوعة متشابهة، ذات بركة ودفء، لكن هذا المرعى لا يتمتع بمياه ظاهرة، ولا يعثر عليها إلا بصعوبة، وما زالت النزاعات على الماء وآبارها مستمرة ومؤثرة سلبا على السكان القلائل  وقطعان الماعز والإبل  بوجه خاص.

ولهذا يسيطر على  سمر الرعيان  قصص  ضياع بعض السكان القلة، بسبب الجفاف وقسوة الطقس والعطش و”أذهاب” في فيافي “أكان” المتشعبة المتشابهة.

رغم هذا يلجأ ل”أكان” طلاب المرعى، فهو مع الجو القاسي ظاهريا، يكتنف بركة الكلأ، ويظل هذا المرعى أفضل من مناطق أخرى مشابهة.

وما زال هذا المرعى تصاعديا يفقد جاذبيته واستقطابه التاريخي المعروف لقطعان الإبل من مختلف أطراف موريتانيا وولايات انشيرى وتكانت وآدرار بوجه خاص، بسبب نزاع جهات تقليدية محلية على آبار الماء ومظانه، ورغم كل قصص الصلح والتفاهم الهش، استعصت الأزمة المائية على حل حاسم ثابت، لعل أن يفتح  تصافى القلوب وتأمين المصالح الرعوية  دون حيف أو تمييز الأفق.

ويتوقع عند تحقيق التقارب الاجتماعي وحل المشاكل المائية والرعوية العالقة أن يعبر”أكان” إلى عهد جديد، فما لم يتجسد الحل  الملموس لن يتكلل بالنجاح  مشروع التنمية الداخلية، من خلال المجالس الجهوية الواعدة، على رأي البعض، فلا مرعى ولا استقرار ريفي ولا استخراج معدني، إلا من خلال  حل عقبة منابع الماء، محل الجدل العقيم الضار من أكثر من وجه.

وللتذكير”ادوررات” جبل يروج على نطاق واسع احتوائه على كميات نوعية معتبرة من الذهب، وفى “أراكن بوناقه ” على الحدود الشمالية ل”أكان ” منحت الدولة رسميا رخصة لرجل أعمال لاستخراج التربة النادرة، وقد قطعت العملية خطوات هامة على طريق الاستغلال الفعلي، غير أن ندرة الماء ومشاكله مازالت تعوق المرعى والتنقيب الواعد على السواء.

ومن الملاحظ ميدانيا، رغم عدم الترخيص الرسمي أن جهود التنقيب الشعبي التقليدي مستمرة وفي تزايد.

ويحكى أن البعض استفاد في الوهلة الأولى من فرصة التنقيب عن الذهب ب”أكان”.

لكن على العموم يظل الصراع المزمن على الماء من أهم  معوقات التنمية في “أكان”.

فهل تسهم انتخابات المجالس الجهوية المتوقعة في أفق 2018 في حلحلة أزمة المسألة المائية عموما، على اعتبارها معوقا كبيرا أمام المشاريع الجهوية، المزمعة أو المدعاة.

ومازالت المجموعات المتحكمة في أغلب منافذ  الماء المتاح تحتكره على حساب السواد الأعظم، ولا سبيل له في الأغلب إلا عن طريق الشراء، رغم قلته أصلا.

فإلى متى هذا التضييق.

 

 بقلم عبدالفتاح ولد اعبيدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى