الدعوة إلى الله في مجتمع شرائحي

3/3 الداعية محمد ولد يسدي يحيى وشريحة إيگاون

altلم يستطع الداعية الكبير محمد ولد سيدي يحيى — رغم دعوته إلى العدل والإنصاف– أن يتخلص بشكل كلي في موقفه من شريحة إيگاون من ثقافة المجتمع السائدة التي تقول : بأن ” لمرابط ماه صاحب إيگيو”

ولم يقتصر نقده لشريحة إيگاون على شريطه الأخير الذي حمد فيه الله على أنه لم ير في حياته أي منتم إلي هذه الشريحة ، بل سبقت ذلك عدة أشرطة سخر فيها من هذه الشريحة وانتقدها نقدا لاذعا وحتى أنه سمى بعض أسرها المعروفة.

وكنت أستمع إلى ذلك وأستغربه ، لأن شريحة إيگاون كغيرها من الشرائح هي بحاجة إلى دعوة تذكير ولأن فيها الصالحون و فيها منهم دون ذلك كانت طرائق قددا. ولا يمكن أن يدعو الداعي فردا أو جماعة إلا إذا جالس المدعوين ورٱهم. ولا أعتقد أن المنتمين إلى شريحة إيگاون أكثر بعدا عن الحق من كفار قريش وقد جالسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورٱهم رؤية العين يقظة لا مناما وفيهم أبوجهل وأبو لهب. ورأى موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام فرعون وقالا له قولا لينا وكذلك حال بقية الأنبياء مع أقوامهم ولا أعتقد كذلك أن المنتمين إلى شريحة إيگاون أكثر بعدا عن الحق من فرعون وبالتالي فإن رؤية أهل الباطل وأهل الفسق لم تحط من قيمة ولا مكانة الأنبياء والرسل. ولا أعتقد أن داعية أيا كان سيكون أرفع مقاما من الأنبياء والرسل ولا أن شريحة ٱيگاون مهما كانت المٱخذ عليها ستكون أكثر ” ضلالا” من مشركي قريش ومن فرعون. فأي منطق استخدم وعلى أي نص أعتمد الداعية محمد ولد سيدي يحيى فيما قال نريد فقط أن نتعلم إذا كان ذلك لا يزال مسموحا به لنا فإن قال قائل إن ما قصده الشيخ إنما هو تحريم الغناء والموسيقى قلنا له هذا تأويل مقبول ولكن الغناء والموسيقى لا يتعلقان بأصول الدين ومبادئ العقيدة حتى يتم النهي عنهما بهذه الطريقة التي تحكم على شريحة بكاملها نفس الحكم دون تمييز. ثم إن هنالك من يمارسون الغناء والموسيقى من خارج هذه الشريحة ويوجد كثيرون داخل هذه الشريحة لا يمارسون غناء ولا موسيقى فكيف سيكون حكم جواز الرؤية في هذه الحالات؟ ومن جهة أخرى فإن علماء الأمة قد اختلفوا في حكم ممارسة الغناء والموسيقى فمنهم من حرم ذلك ومنهم من أجازه. ومن بين العلماء الذين أجازوا ممارسة الغناء والموسيقى من القدماء : ابن حزم الظاهري وأبوحامد الغزالي والعز بن عبد السلام والشوكاني، ومن المحدثين والمعاصرين الشيخ رشيد رضا والشيخ السيد سابق والإمام محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي وغيرهم كثير وأقوالهم في كتبهم معروفة مشهورة يضيق المقام عن ذكرها . فإن كان الشيخ محمد ولد سيدي يحيى إنما يأخذ فقط بقول القائلين بالتحريم فعليه أن يعلم أن الفنانين لا يغنون لأنفسهم وإنما تتم دعوتهم للغناء في الأعراس والحفلات والمناسبات العامة من طرف الٱخرين فالوقوع في الحرام إذن مشترك بين الداعين والمدعوين فلماذا تم تخصيصهم وحدهم بهذا الإستهجان والنكير ثم إن بعض علماء الشناقطة قد أجازوا ممارسة الغناء والموسيقى وسماعهما واعتبروا أن معرفة قواعد الموسيقى وفنون الغناء أمر مطلوب وأنه من مكملات الفتوة. وبعضهم جلس في مجالس إيگاون واستمعوا إليهم وأشادوا بغنائهم وموسيقاهم في شعر فصيح وشعر لهجي فهل كانوا بذلك يشجعون على منكر من الفعل ومنكر من القول؟ ضوابط الشرع نعم ينبغي إخضاع الغناء والموسيقى لضوابط الشرع فلا يتم الغناء بالشعر الذي يدعو إلى فحش أو قتل أو يثير الفتن أو النعرات ولا يجوز أن يقع الإختلاط في مجالس الغناء ولا رقص النساء . والضوابط في هذا المجال كثيرة ومعروفة في كتب العلماء الذين يبيحون الغناء والموسيقى ثم إن بعض من ينتقدون إيگاون ويتطاولون عليهم بألسنة حداد لا تجد أحدا منهم إلا وفي سيارته أو منزله أشرطة من الغناء والموسيقى يتمايل عليها طربا وذلك هو منتهى التناقض والإنفصام. ولولا حفلات الفنانين وأشرطتهم لما وجدت وسائل إعلامنا الرسمية سواء كانت مرئية أو مسموعة شيئا تبثه أو تقدمه للمتلقين ولأوصدت أبوابها منذ زمان أرأيتم مجتمعا يحتقر شريحة لأنها شنفت ٱذان المستمعين بالفن الجميل وأذهبت عنهم الهم والحزن يقول أبو حامد الغزالي في هذا الصدد ” من لم يطربه العود وأوتاره ويبهجه الربيع وأزهاره فهو فاسد المزاج وليس له من علاج” مؤكدا أن النصوص التي تحرم الغناء والموسيقى إما أنها صحيحة غير صريحة أو صريحة غير صحيحة الخلاصات الخلاصة الأولى :  أن الداعية الكبير والشيخ الجليل محمد ولد سيدي يحيى قد ملأ الدنيا وشغل الناس وكانت دعوته سببا لهداية الكثيرين ولكنه أخطأ في موقفه من شريحة إيگاون ولكل جواد كبوة وكل ابن ٱدم خطاء والعصمة للأنبياء والرسل وحدهم وعلى كل داعية أن يدعو الفاسقين والمخطئين أيا كانوا وإلى أية شريحة أنتموا لا أن يضع بينه وبينهم حجابا أو تكون أقواله المنقولة عنه أوالمسجلة في أشرطته سببا لصدهم وإعراضهم عن دعوته ولكن خطأ داعية ما أو فقيه لا تبرر ولا تسوغ التطاول عليه أو النيل من عرضه أوالتقليل من قيمته الخلاصة الثانية أن خطأ داعية أو فقيه ما لاتبرر الإستهزاء بالدين أو التطاول على المقدسات لأن الدين ليس ملكا وراثيا لشريحة بعينها بل كل المسلمين مسؤولون عنه بنفس الدرجة فعلى الشرائح جميعا أن تتعلمه وتتمسك به وتطبقه وأن تقف في وجه تأويله تأويلا خاطئا أو توظيفه توظيفا شرائحيا الخلاصة الثالثة أنه ٱن لنا أن نتخلص ونتخلى عن هذه الثقافة الشرائحية المقيتة التي لا تزال تؤثر في وعي وسلوك الكثيرين والتي أصبحت تهدد وحدتنا وتماسكنا والتي لا يخدم التمسك بها مصلحة وطنية دنيوية محققة كما لايؤدي التمسك بها إلى النجاة من النار يوم القيامة ومن هذا المقام أقدم تحية خاصة للشيخ الجليل والداعية الكبير محمد ولد أبواه الذي طالما أعلن حربا ضروسا لا هوادة فيها علي هذه التقسيمة الشرائحية المقيتة في شعره اللهجي الرائع حيث يقول في هذا الصدد :

ومنين خلگ مولان….الانسان شگ وسان

ومنين قرٱن جان…معاد كون مساوين

وانبيه كيف سوان…وبالدين گام أمگادين

والله عن فخر انهان…بنساب خوف أتفرشين

وتعود سب لخلان…وانبيه كيف ناهين

واخبار هذا بظان…واخبارهذا حسان

واخبار هذا حرطان….واخبار هذا لحمين

 

واخبار هذا فلان…واخبار ذاك أزناگين

واخبارلعرب والطلبه…واخبار ذ استگو فين

واخبار لمعلم نسبه….والدين ج بدگادين

ذ النوع شتتن فتن…ودور ظرك إشتتن….وتفوت لعنار أفتن….غرداو منه وذنين

ومنين حست علمتن… ومنين نحن حسين….ادور تحرك فتيتن…..باعمال نشيط زين

إلين ترجع وحدتن …وتعود وحد ديين

أستاذنا المفكر الإسلامي Moustapha Ould Gleib

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى