في رثاء الشيخ بلعمش : إليه في مثواه الأخير ..
رحلت إلى الجوزاء تحدو نجائبا
و تزجي شموسا للكمال غواربا
نظمت خيوط النجم من لغة الرؤى
قلائدَ عقيان تضيء الترائبا
رحلت فوجهُ الدهر بعدك عتمة
كواكبه الزّهر استحالت غياهبا
فقد كنت قلباً بالمحامد صافياً
و قد كنت ذهنا بالمعارف ثاقبا
و ما كان من سرّ الفصاحة موجباً
رحلت عن الدنيا فأصبح سالبا
و ما كان من وحي البلاغة حاضراً
بشعرك لما غبت أصبح غائبا
كأنك من رب العباد موكّلٌ
لتسعف ملهوفاً و تُنجِحَ خائبا
رحلت فظلّ النبل بعدك نائحاً
و ظلت عذارى المكرمات نوادبا
شمائل مجد في الأنام حديثها
تَواترَ حتى لم نجد لك ثالبا
رحلت و قد غادرت في مهجتي جوىً
و خلّفت قلباً من لظى الحزن ذائبا
سأبكي لفقدي لابن بلعمشٍ أخاً
و عيبةَ سرٍ لا يُنَثُّ و صاحبا
سأبكي الذي قد واجه البغي غاضباً
بشعر كموج البحر يهدر غاضبا
ففي شعره هاروت ينفث سحره
فينثر منه في القلوب عجائبا
تسنّم من غُرّ المكارم باذخاً
و قاد بآفاق السمو مراكبا
يعوّدنا الدهرُ المصائب، إنما
مصيبتنا في الشيخ تُنسي المصائبا
فلا زال ذاك القبر يرويه صيّبٌ
و لا زالت الرحمى عليه سحائبا
حنفي دهاه