شدوا الأحزمة/ بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
الزمان انفو ـ قبيل انطلاق الرحلة الجوية يخترق صوت المضيفة الهدوء الخادع الحذر مخاطبة جمهورها من المسافرين عبر الأثير، شدوا الأحزمة، و من فوق سبع أرقع أنزل الله القرءان عبر الأمين جبريل عليه السلام على قلب الأمين محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم.
قال الله في محكم التنزيل (الرحمان علم القرءان خلق الإنسان علمه البيان) صدق الله العظيم، وقال جل شأنه (ن والقلم وما يسطرون) صدق الله العظيم.
وقال صلى الله عليه و سلم: “إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحر”.
الصحافة الملتزمة بالحق وخدمة الحق وحده، قد تصبح بجدارة جزءا كبيرا من البيان، وخصوصا في هذه الحقبة من تاريخ البشرية.
موريتانيا مقبلة على مرحلة ربما تستحق من باب الحزم، شعار مضيفة رحلة الطيران، شدوا الأحزمة.
خلال أيام قليلة يستقبل بلدنا قمة افريقية، في ظرف حساس محليا وإقليميا ودوليا، وهذا الحدث الدبلوماسي يعنى الدولة الموريتانية، بغض النظر عن الصراع العقيم السيزيفي بين طرفي اللعبة محليا، النظام المتغلب والمعارضة، بشتى تجلياتها.
ثم تقترب انتخابات ٣ سبتمبر أيار٢٠١٨، النيابية البلدية الجهوية، وقبل ذلك تطرح لوائح ذلك الاقتراع ١٥ تموز يوليو ٢٠١٨.
ثم تحل الطائرة في مطار التخمين اترانزيتي، ليقرر ربان الطائرة المختطفة منذ ١٩٧٨، و هو المرهق الطموح، هل يترك آبار الغاز المرتقب ومسؤولية وأمانة الوطن لصديق مؤتمن أم يواصل الرحلة ، التي أيقن أن القابض عليها، كالقابض على الجمر.
قال الله تعالى (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) صدق الله العظيم.
ورغم وضعية الطائرة المهترئة لا يستبعد الدخول في قمرة القيادة من جديد، نحو أفق ثالث معتم، غير دستوري، على رأي البعض، لمواصلة الرحلة رغم التردد والمخاوف المشروعة، من ارتدادات الشارع و مفاجٱت الطريق الموحش المحفوف بالاحتمالات المزعجة، إن لم نقل بصراحة المخاطر المحدقة، وإن نزلت الطائرة بأعجوبة، ولو بجناح واحد، دون زيف التعددية الخادع الشعاراتي الاستهلاكي فحسب.
قد يبالغ البعض عن قصد أو بدافع نقص الوعي، من أهمية نزول الطائرة مشوهة هزيلة منهكة، وبجناح واحد مترهل مكشوف، لكن هل يمثل الجالس الحالي على كرسي الحاكم دورا مماثلا لقصة سوار الذهب بالسودان، أم غاز السلطة المرتقب في أفق ٢٠٢١ أخطر وأعتى محليا ومناطقيا، ومن عدة أوجه متنوعة ومدمرة بحق، أمنيا وأخلاقيا وسياسيا واقتصاديا، للأسف البالغ، بسبب الشراهة والطمع المرضي الدفين العميق فطريا في النفوس البشرية.
و باختصار يبقى الاستفسار المشروع، هل رهان الدول الهشة على الاستقرار ومجرد التماسك لحين عبور قنطرة الحرج العميق بحق، أم نشدان دولة العدل والديمقراطية أولى، على نسق أدبيات الرببع العربي والتجاذب العنيف مع المتغلبين المهيمنين، وتلك تجربة مثيرة أوشكت على محو دول عربية معروفة ومتعددة، في وقت قياسي، والهدم عموما أسهل وأيسر من البناء، وقيل قدما، السعيد من اتعظ بغيره، وإن لم يعنى ذلك الاستنساخ والتقليد.
والحسم صعب وحتمي في النهاية، وعموما الوقت نسبيا مازال متاحا لمزيد من التأمل وإن تعذر الحوار الجاد .