بيان من دفاع بنك موريتانيا العام
الزمان انفو ـ يتشرف محامو بنك موريتانيا العام بان يطلعوا الرأي العام الوطني والدولي على مجريات قضية لم يسبق لها مثيل في الشؤون القضائية لبلادنا:
في سنة 2004، أصبح السيد: مارك دي اومبر- من جنسية فرنسية- والذي كان يشغل وظائف سامية في بنك موريتانيا العام مسئولا عن بعض التصرفات ذات الطابع الجزائي والتي لا تتطابق مع وظائفه والتي ألحقت ضررا بمصالح بنك موريتانيا العام ورئيسها مديرها العام آنذاك، السيد: محمد ولد بوعماتو. ولما شعر باكتشاف أمره وأنه تمت إزالة القناع عنه، تظاهر بتعرضه لمشاكل صحية ثم اختبأ خلف أسوار السفارة الفرنسية قبل أن يفر منها إلى خارج موريتانيا. وعلى أثر شكوى قدمت من طرف بنك موريتانيا العام، ورئيسه ومديره العام، تم اتهامه من طرف النيابة العامة بارتكاب جرائم: تلفيق وتزوير مستند إضرارا بالغير، والقذف، والسب، وإفشاء أسرار من شأنها الإساءة إلى السمعة والإضرار بالمصالح المادية والمعنوية، الأفعال المجرمة والمعاقب عليها بالمواد: 348- 349- 350 من القانون الجنائي الموريتاني، والمواد: 23- 24- 27 من قانون الصحافة والنشر، وأحالت النيابة القضية إلى قاضي التحقيق بالديوان الأول الذي أجرى فيها التحقيق طبقا لطلبات النيابة وأحالها إلى الغرفة الجزائية بمحكمة الولاية بانواكشوط، لمحاكمة المتهم، وبعد استدعاء المتهم بالطرق القانونية وتأكد المحكمة من وصول الاستدعاء إليه شخصيا، أصدرت حكمها رقم: 062/2017 بتاريخ: 09/05/2007 بإدانة المتهم: مارك دي اومبر، بالجرائم المتهم بها وحبسه أربعة(4) أعوام نافذة، وغرامة 200.000 أوقية، وبأن يعوض للطرف المدني 2.000.000.000 أوقية، وبالرسوم والمصاريف المقدرة بمبلغ: 100.000 أوقية، وبإصدار بطاقة إيقاف دولية ضده. وعلى الرغم من كل التبليغات التي قدمت للمتهم في فرنسا عبر الطرق القانونية (الطرق الرسمية ورسائل د.هـ.ل) فان المعنى لم يتفضل حتى بالتنقل لتقديم دفاعه، بل وحتى أنه لم ير من المفيد تعيين محام فرنسي أو موريتاني، لتأمين ذلك الدفاع، كما أنه لم يقدم أي طعن ضد حكم الإدانة الصادر ضده في سنة 2007. غير أنه منذ عودته إلى فرنسا- ورغم إهماله للحكم الصادر بإدانته في موريتانيا- دخل إلى أروقة القضاء الفرنسي فقدم مسطرة أمام قاضي محكمة العمال ضد البنك البلجيكي (وهو مصرف شريك سابق للعامة لبنك موريتانيا) وهي مسطرة ما لبث أن تخلى عنها لاحقا، ثم تمت إدانته أيضا من طرف محكمة باريس بتسديد الدين الذي كانت تطالبه به بنك موريتانيا العام، وهو الحكم الذي تم تنفيذه عليه جبرا، وقد قام بمحاولة ابتزاز السيد: محمد ولد بوعماتو، إلا أن هذا الأخير لم يرضخ لابتزازه بل رده خائبا. إلا أنه وبتاريخ 20/04/2018، أي بعد انقضاء ما يزيد على إحدى عشرة سنة من صدور قرار الغرفة الجزائية بمحكمة الولاية بانواكشوط، القاضي بإدانة المتهم، قام محام موريتاني متصرفا لصالح مارك دي اومبر، بموجب وكالة غير موثقة رسميا رغم وجوب ذلك قانونا، باستبلاغ حكم الإدانة من كاتب الضبط الذي استجاب لطلبه فورا في حين أن القانون ينص على أن التبليغات إنما تتم من طرف النيابة، وقد قدم المحامي المذكور عريضة استئناف تم استلامها على الفور من طرف كاتب الضبط، وأحال السيد: وكيل الجمهورية عريضته الاستئنافية إلى نيابة محكمة الاستئناف طالبا وبإلحاح من الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف إلغاء الحكم بحجة أن السيد: مارك دي اومبر، لم يمكن من تقديم وسائل دفاعه، وأن الحكم لم يكن مسببا بما فيه الكفاية، وقد تبنت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف طلبات وكيل الجمهورية من غير تغيير، وإنه لأمر يدعو للاستغراب أن تكون سلطة الاتهام(النيابة) هي من يطالب بإلغاء حكم الإدانة الذي نصت فيه المحكمة على أن النيابة نفسها طالبت بتطبيق أقصى العقوبة في حق المتهم. وبسرعة فائقة، لم يسبق أن تم تسجيلها على مستوى محاكمنا، تمت برمجة القضية ووضعها في المداولات من طرف محكمة الاستئناف بتاريخ 07 يونيو وفي تاريخ 13 يونيو، أي بعد أقل من أسبوع واحد، أصدرت محكمة الاستئناف قرارها بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 09/05/2007. ونظرا لهذه الوقائع فإنه يمكن طرح بعض التساؤلات على هذا المستوي: 1- لماذا يتذكر مارك دي اومبر فجأة وبعد أزيد من 11 سنة أنه أصبح مدانا في موريتانيا ثم يطالب بإلغاء الحكم الصادر عليه ؟ 2- لماذا يتم هذا التماهي بين دفاع المتهم والنيابة فيصبحا في خندق واحد، مع أن القانون والمنطق يقضيان بأنهما خصمان؟ 3- لماذا تتم إجراءات البرمجة والحكم في هذه القضية دون غيرها من القضايا بهذه السرعة الفائقة وبشكل مخالف لما هو عادي وطبيعي.؟ في الحقيقة، كل شيء يقود إلى الاعتقاد بأن المعني كان يتصور بأنه لم تعد لديه الحاجة إطلاقا في العودة إلى موريتانيا ومن هنا جاءت اللامبالاة المطلقة التي طالما أظهرها إزاء إدانته سنة 2007 من طرف القضاء الموريتاني. ولكنه اليوم بحاجة ماسة للمجيء إلى موريتانيا. فهو عضو مرموق في “غلام” وهي مجموعة فرنسيين “أصدقاء” لموريتانيا (مقربة من الرئيس محمد ولد عبد العزيز) حيث سيكون شخصيا هو أمين المالية “للأصدقاء” بحسب الأوساط الإعلامية. لذلك فقد كان من الضروري إزالة العقبات أمامه لزيارة موريتانيا واقتناص فرصة زيارة الرئيس مكرون، وقمة الاتحاد الإفريقي، و …. إننا كنا نأمل في أن تكون العدالة بعيدة كل البعد عن إملاءات السلطة التنفيذية حتى تتمكن من إقامة العدل بين الناس وأداء رسالتها المقدسة، إلا أن سياسة أن النظام الحالي- على ما يبدو- اختارت لها طريقا غير ذلك. ومهما يكن من أمر ورغم كل ما سبق فإننا لم نفقد الأمل نهائيا في عدالتنا، لذلك فقد قررنا الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا في قرار محكمة الاستئناف، آملين أن يتم إحقاق الحق ونقض القرار محل الطعن لعدم تأسيسه.