أستاذ يكتب ردا على نائب: دفاع غير مقنع
الزمان انفو ـ محاسبة وزير على تقصيره لاينبغي أن تكون من عظائم الأمور أو أن تسقط السماء على الأرض كسفا، فإن لم يكن الوزير هو المقصر ووزارته هي المسؤولة عن تشييد الطرق واصلاحها وصيانتها فعليه ان يبحث فى وزارته عن المقصرين.
أما الدفاع عن الوزير بأنه كان مشرفا على شؤون القمة فأتقن التحضير والتنظيم __ كما قال النائب _ فإنا نقول له إن الاتقان في جانب لاينفي التقصير في جانب آخر، وهنالك دائما كفتان :كفة الإيجابيات وكفة السلبيات أما الدفاع عن حوادث السير التي تقع نتيجة للإهمال والتقصير بأنها قضاء وقدر فهي كلمة حق يراد بها تبرئة المقصرين . وهل يقع شئ في هذه الدنيا يخرج عن مجال القضاء والقدر؟
ومع ذلك يسارع هؤلاء المقصررون ومن يدافعون عنهم لعلاج أمراضهم في أحسن المستشفيات خارج البلاد باحثين عن أنجع الوسائل و الأسباب_ وهم محقون في ذلك _ مع أن المرض قضاء وقدر. والقضاء والقدر تابعان للإرادة الإلهية والإرادة الإلهية نوعان: إرادة كونية لايخرج عن نطاقها شيء “إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون” وإرادة شرعية تتجلي في الأوامر والنواهي وقد أمرنا ربنا جل في علاه بتوفير الأسباب وإتقان العمل فانشغل المقصرون والمدافعون عنهم بالإرادة الكونية وهي خارجة عن نطاق إدراكهم وعلمهم وتركوا الارادة الشرعية مع أنها هي مجال التكليف والخطاب. ويقولون لك: إن كل دول العالم تقع فيها حوادث فنقول لهم: ولكنها لاتقع على مثل هذه الطرق المتهالكة التي اصبحت اطلالا، فكل الدول التي تحترم شعوبها شيدت طرقا واسعة ذات إتجاهات متعددة للربط بين المدن وأقامت جسورا ، ووضعت شروطا على السائقين أن يتقيدوا بها ثم وزعت المسؤوليات وحاسبت المقصرين. أما عندنا فالبحث عن المقصرين في أداء مهامهم جريمة لاتغتفر ،ومن غير المعقول أن توجد حكومة جميع وزرائها معصومون لايخطئون وإدارة مبرأة من التقصير في جميع مفاصلها ومراتبها ويقولون لك :إن تسييس الكوارث الطبيعية أمر غير مقبول لأنه ينافي القيم والأخلاق فنقول لهم: إن حوادث السير لا تدخل في مجال كوارث الطبيعة لأن الطبيعة في تعريفها المبسط_ ونحن لانريد أن نتعبهم بتعريف المفاهيم في حقولها الدلالية_ هي مايجده الإنسان جاهزا لا دخل له فيه، أما الحضارة في تعريفها المبسط كذلك فهي مايضيفه الإنسان إلى الطبيعة. وهذا يعني أن الزلازل والبراكين والأعاصير والأمطار والبراكين تنتمي إلى مجال الطبيعة وماينتج عنها من خسائر يسمى كوارث طبيعية أما الطرق المعبدة فلم تكن موجودة في الطبيعة بل شيدها الإنسان وعليه أن يتقن تشييدها وتوسيعها وتمهيدها وإلا عد مقصرا ومفرطا والسيارات من صناعة الإنسان ،ولذلك فهو مطالب بأن يحتاط في توفير الأسباب والإجراءات التي يستطيع توفيرها للحد من حوادث السير ولنفترض جدلا أن حوادث السير من كوارث الطبيعة فإن الانسان قد قهر الطبيعة إلى حد كبير وتجاوز مرحلة العجز والضعف إلى حد مقبول من خلال امتلاك ناصية العلم وتشييد حضارة مادية راقية، وديننا الاسلامي قد اخبرتنا نصوصه المؤسسة قرأنا وسنة بأن هذا الكون مسخر للإنسان لأنه خليفة الله في الأرض وان وظيفته التعمير والبناء. فابحثوا عن المقصرين الذين قادنا تقصيرهم وعدم القيام بواجبهم إلى وقوع هذه الحوادث المتكررة التي لاتميز بين موال ومعارض ودعكم من دفاع غير مقنع.
تدوينة من صفحة المصطفى ولداكَليب
ولاحظة: الصورة من صفحة النائب المذكور، وقد سحب تدوينته المثيرة على ما يبدو