“اخوة القلب”
بقلم ليلي مندلاوي شور
يقول المثل ان الصدفة خير من الف ميعاد. ترى كيف غيرت الصدفة حياة عائلتين : عائلة اسرائيلية فقدت ابنها وعائلة عربية تنتظر متبرعا بقلب لابنها المريض ؟ في الفلم الوثائقي “أخوة القلب”، تروي المخرجة الفرنسية استير لوندون قصة تتخطى حدود الخيال تكشف عن علاقة مدهشة بين عرب ويهود في اسرائيل تتخالط فيها الفرحة والحزن مذللة الاراء المسبقة والواقع المعقد.
الامل مفتاح الحياة كان الشاب العربي لؤي سليم، من عبلين في شمال البلاد على وشك اليأس من تحقيق أمله بالشفاء. بعد انتظار طويل لم يصل اليه متبرع مناسب، أخيرا يحظى لؤي بالقلب الذي سينقذ حياته. ومن الناحية الثانية ، عائلة الجندي اليهودي يانيف بوزواريك، الذي قتل بعيار ناري أطلقه سهوا جندي آخر، اتخذت قرارا جريئا في ساعة حرجة وابنها يحتضر على فراش الموت بالتبرع بأعضاء ابنها ومنح فرصة حياة للآخرين. رب رميةِ من غير رامِ عندما بدأت استير لوندون العمل، لم تتخيل انها ستتعرف على قصة إنسانية رائعة. في فلمها الوثائقي “اخوة القلب ” توخت المخرجة تسليط الضوء على مشكلة قلة التبرع بالأعضاء لمرضى قد يكون مصيرهم الموت في بعض الحالات بعد أن قرأت مقالا في مجلة فرنسية عن زراعة الأعضاء في إسرائيل، فقررت المجيء إلى إسرائيل لبحث الموضوع عن كثب:” جئت بدون مواعيد مسبقة وكنت خائفة أن لا احصل على مواد للفلم، وهنا فوجئت باستعداد الكل لتقديم المساعدة “. حازت المخرجة على تعاون كامل من البروفيسور “يعقوب لافي” مدير وحدة زراعة القلب في مستشفى “تل هشومير” الذي أجرى العملية مع الطاقم الذي يعمل معه. زرع الاعضاء وسيلة لتخليد الذكرى كان الجندي يانيف يرقد في قسم العناية المكثفة في المستشفى، بعد ان تبدد الامل بالشفاء من حالة الموت الدماغي. وقد قابلت المخرجة مرات عديدة عائلة الجندي التي سعت لتخليد ذكرى ابنها. ومما ساهم في تبني القرار ان ينيف كان دائما يساعد الآخرين. يقول والده :” جزء من ينيف ينبض في صدر إنسان آخر، لا فرق إذا كان عربيا أو يهوديا ، نجد في ذلك المواساة. المهم أن إنسانا آخراً حظي بالحياة بفضل زراعة القلب. وفي رأيي أن لؤي سليم شاب شجاع، فقد كانت له ثلاثة قلوب حتى الآن: قلبه، القلب الاصطناعي وقلب يانيف الذي منحه فرصة لحياة جديدة”. وتقول لوندون لموقع التواصل:” منذ ذلك الوقت أصبحت علاقة لؤي بوالدي يانيف حميمة مثلها مثل الصلة العائلية، كما حضرت عائلة الجندي حفلة زفاف لؤي”.
دعوة للانضمام لجمعية ادي عرض الفلم في تل ابيب بالتعاون مع السفارة الفرنسية في إسرائيل، وشارك في العرض البروفيسور يعقوب لافي و يافيم بوزواريك والد يانيف ولؤي سليم. ودار النقاش حول الحاجة الماسة لتكثيف الجهود لكي يوقع المزيد من الناس على بطاقة جمعية ادي للتبرع بالأعضاء. وفي رام الله أثار عرض الفلم نقاشا حادا حول الموضوع، حاول قسم من الحاضرين جر الحوار الى القضايا السياسية، لكن لؤي سليم اثبت شجاعته مرة اخرى، مدافعا عن الفلم والمخرجة ومشددا على أنه وثيقة إنسانية يتمثل أحد أهدافها في زيادة الوعي حول زرع الأعضاء ومحنة المرضى. ثلاث سنوات من العمل أثمرت عن فلم وثائقي يبعث على الامل في قدرة الانسان على قهر التحديات والظروف بفضل مناعته النفسية وإيمانه بالحياة والأمل. مقطع قصير من الفيلم: http://www.youtube.com/watch?v=_FRm1zJmQHU&feature=youtu.be