لا تصدقوا بيان الجيش : إنهم يكذبون / سيدي علي بلعمش
الزمان انفو –
لماذا تتم مهاجمة الجيش الموريتاني في هذا الوقت بالذات من قبل الإرهابيين ؟
الجواب لا يحتاج إلى عبقرية و إنما إلى قراءة موضوعية بسيطة:
جماعات المخدرات و التهريب في المنطقة لا تعترض الجيوش و لا تهاجمها إلا في حالات دفاعية نادرة حين لا تستطيع الإفلات منها . و ليس هذا ما تحدث عنه الجيش في بيانه غير المبين يوم أمس..
يتعلق الأمر إذن بالجماعات “الجهادية” في المنطقة التي كانت في حالة هدنة موقعة مع العصابة الموريتانية . و هي جماعات مدججة بالسلاح ، ذات تدريب عال و بروح انتحارية ، في مجال العمليات القتالية..
و حين تقوم هذه الجماعات بعمل عسكري في هذا الوقت ضد الجيش الموريتاني، لا بد أن تكون رسالة محكمة احتجاجا على دخول موريتانيا مع فرنسا في الحرب عليها و قيادتها لـ (G 5) أي نهاية الهدنة .
و لا يمكن أن تقوم هذه الجماعات المسلحة فائقة الخبرة بعمل بسيط في هذا الوقت بل سيكون استعراض قوة متقن و رسالة قوية و مؤلمة إلى الجيش الموريتاني و الرأي العام . و هذا يعني أن بيان الجيش كاذب، فإما أن تكون المعركة كانت أصعب مما ذكروا و نتائجها أفظع بكثير و إما أن تكون جزء من ألاعيب ولد عبد العزيز ، كما فعل في الماضي ، في رسالة (ممسرحة) إلى فرنسا بحثا عن التمويلات و تبريرات المأمورية الثالثة.
و قد سبق لولد عبد العزيز أن قام بمثل كل هذه الألاعيب :
ـ أبلغتهم المخابرات الجزائرية عن دخول سيارتين للقاعدة في الأراض الموريتانية و ظل عزيز و عصابته يتابعونها حتى الرياض ليشتبكوا معهما داخل العاصمة في رسالة إلى السفارة الفرنسية التي كانت العملية تستهدفها . و كان إيصال تلك الرسالة إلى السفارة الفرنسية أهم عندهم من أرواح الشعب الموريتاني و سلامة أفراد جيشه. و هناك حالات كثيرة أخرى منها المؤكدة و المشبوهة (على الأقل) : عملية صانتر إيميتير و ذبح الفرنسيين في ألاك و الأمريكي في لكصر و اختطاف أجانب من قبل صديق عزيز الحميم عمر الصحراوي و إطلاق سراح الأخير في مسرحية سخيفة بعد تصريحات مغلظة من عدة “مسؤولين” موريتانيين عن رفض موريتانيا البات لدفع أي فدية و أي تبادل للرهائن مع الإرهابيين ، تبعا لفلسفة إدارة المواجهة الجزائرية.
ـ في هجوم من قبل آنتي ـ سيليكا على الوحدة الموريتانية في جمهورية وسط إفريقيا (2016) توفي الرقيب أحمد مسات و الجندي محمد المامي ناجي، فقال الجيش الموريتاني أنهما توفيا بالحمى . و في اليوم الدولي لجنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة ( 24 مايو 2017 ) في حفل بمقر الأمم المتحدة ترأسه الأمين العالم للأمم المتحدة ، وضع أنطونيو غوتيريس اكليلا من الزهور تكريما لجنود قوات حفظ السلام الذين سقطوا في المعارك و منحهم جماعيا وسام داغ هامرشولد (للجنود الــ 117 من العسكريين والشرطة والمدنيين الذين فقدوا حياتهم في عمليات حفظ السلام في عام 2016) و ذكر من بينهم ثلاثة موريتانيين : الجندي محمد المامي ناجي، والرقيب أحمد مسات والمتطوعة في الأمم المتحدة ساليمتا بوكر لي و ذكرهم بالأسماء و الرتب و الصفات. و قد تم التحايل المخجل على حقوقهم بعد إنكار وفاتهم على ميدان القتال. و سبق أن كتبت عن التحايل على رواتب و تعويضات و تذاكر جنودنا في كوت ديفوار الذين كانوا يعيشون ظروفا مزرية رغم ما تقدم لهم الأمم المتحدة من رواتب كبيرة و تعويضات أقرب إلى الضخمة ، ظل التحايل عليها رياضة العصابة الدائمة.
و علينا هنا أن نذكر الشعب الموريتاني ـ و هذا ما كان يجب أن تطالب المعارضة بتشكيل لجنة تحقيق حوله ـ أن حقوق جنودنا في وسط إفريقيا و في كوت ديفوار قبلهم و رواتبهم المصروفة من قبل الأمم المتحدة و التعويضات الكبيرة التي يتم دفعها لمن أصيب منهم و لذوي شهدائهم ، لا تصل إليهم نسبة 10% منها و إنما يتم الاحتواء عليها من قبل هذه العصابة الشريرة و لهذا الغرض بالذات يتم إرسالهم في بعثات الموت في قضايا لا تهمنا في شيء ، في حين يذبح أبناؤنا يوميا في شوارع نواكشوط بسبب غياب الأمن ..
هذه العصابة الشريرة غير مؤتمنة على سمعة بلدنا و غير مؤتمنة على جيشنا بل هي أكبر عدو له و هذا ـ مع الأسف ـ لا تظهر أي إشارة إليه في بيان المعارضة الموريتانية يوم أمس الذي أعلنت فيه وقوفها مع الجيش ..
لقد حول ولد عبد العزيز و عصابته جيشنا إلى مليشيات مسلحة للإيجار على غرار نظام التشارونا الذي يستنزفون به اليوم حقوق العمال الموريتانيين في كل مكان.
إن جيشا مضطهدا إلى هذا الحد .. جيشا مستباحا إلى هذا الحد .. جيشا مذلا إلى هذا الحد .. جيشا مجوعا إلى هذا الحد ، لا يمكن أن يدخل حربا ، لا سيما إذا كان يدخلها لمجرد أسباب سياسية لا تخدم غير مصلحة اللص ولد عبد العزيز ..
نعم ، لا تصدقونهم أبدا . إنهم يكذبون