عملية تحرير الرهائن في جنوب الجزائر ما تزال مستمرة والغموض يلف مصيرهم
(ا ف ب) – تواصلت الجمعة العملية التي شنها الجيش الجزائري مساء الخميس على موقع لانتاج الغاز في جنوب شرق البلاد لتحرير رهائن جزائريين واجانب اختطفتهم مجموعة اسلامية مسلحة، في هجوم عسكري اثار انزعاجا غربيا لا سيما وان مصير 30 رهينة اجنبيا على الاقل ما زال مجهولا.
وبعد ظهر الجمعة نقلت وكالة الانباء الجزائرية عن مصدر امني ان الجيش حرر “ما يقارب 100 رهينة اجنبية” من اصل 132 اجنبيا احتجزتهم مجموعة اسلامية مسلحة رهائن في موقع ان امناس لانتاج الغاز في جنوب شرق البلاد.
ونقلت الوكالة عن المصدر الامني انه “تم تحرير ما يقارب 100 رهينة أجنبية من بين الرهائن 132 المحتجزين من قبل الجماعة الارهابية” التي هاجمت الاربعاء موقع ان امناس لانتاج الغاز في جنوب شرق البلاد واحتجزت مئات الجزائريين والاجانب رهائن.
واضاف المصدر ان “عملية اخراج المجموعة الارهابية التي تحصنت بالمنشأة الغازية مستمرة”.
وكانت الوكالة نفسها نقلت في وقت سابق عن مصدر امني ان الجيش حرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائريا و”اكثر من نصف عدد الاجانب البالغ 132″ الذين كانت تحتجزهم مجموعة اسلامية مسلحة في موقع لانتاج الغاز بالصحراء الجزائرية.
واضاف المصدر ان “القوات الخاصة تحاول ايجاد مخرج سلمي قبل القضاء على المجموعة التي تحصنت في مصفاة الغاز وتحرير الرهائن الذين تحتجزهم”، مشيرا الى ان “بعض العمال الاجانب اختبأوا في في اماكن مختلفة من الموقع”.
وكان مصدر امني جزائري اعلن لوكالة فرنس برس الجمعة ان “القوات الخاصة للجيش قتلت 18 ارهابيا امس الخميس” خلال اقتحامها للموقع الغازي في ان امناس بولاية ايليزي (1600 كلم جنوب شرق الجزائر)، مشيرا الى ان عدد افراد المجموعة الاسلامية المسلحة التي قامت بالهجوم يقارب ثلاثين فردا.
وزيادة على مئات العمال الجزائريين احتجزت المجموعة المسلحة بريطانيين ويابانيين وفرنسيين ونروجيين وفيليبينيين وايرلنديا واحدا.
وشاهد مصور وكالة فرنس برس في عين المكان طائرة هيلكوبتر عسكرية تحلق فوق الموقع بينما يمنع رجال الدرك اي شخص من الاقتراب لمسافة ثلاثة كيلومترات.
ويستمر الجيش الجزائري في محاصرة مجموعة “ما زالت متحصنة” في الموقع بعد اقتحامه لتحرير الرهائن الذين تحتجزهم مجموعة اسلامية مسلحة في الموقع القريب من الحدود الليبية (1600 كلم جنوب شرق الجزائر)، بحسب مصدر امني تحدث لوكالة فرنس برس.
وبث التلفزيون الجزائري شهادات لرهائن فروا من خاطفيهم اكدوا فيها انهم عاشوا “ظروفا صعبة”.
وروى احد العمال الجزائريين الذي قدم نفسه على انه موظف في الشركة الاميركية هالي بيرتن كيف “فر ما بين 300 و400 عامل من شركات مختلفة بعدما تلقوا اشارة من الجيش بذلك”، من دون ان يوضح كيف تلقوا الاشارة، الا ان مصدرا محليا ذكر لوكالة فرنس برس ان الجيش كان على اتصال بواسطة الهاتف مع بعض الرهائن.
وقال العامل الناجي وهو اربعيني وقد بدا عليه التعب ان “الارهابيين جمعوا كل الرهائن الاجانب والجزائريين في مطعم وقاموا بتلغيم المكان”.
واضاف “الجيش تدخل في منتصف النهار (الخميس) بالطائرات واعداد هائلة من الدرك الوطني والقوات الخاصة”.
واوضح ناج آخر بدا من لهجته انه من سكان منطقة القبائل بشمال الجزائر “خرجنا من باب خلفي لان الارهابيين لا يعلمون ان هناك بابا آخر، ولما خرجنا رفعنا رايات بيضاء ليعرف الجيش اننا عمال ويقوم بانقاذنا”.
وتابع “تنقلنا مشيا على الاقدام الى غاية موقع الجيش الذي نقلنا بواسطة الحافلات الى ان امناس”.
كما نقل التلفزيون تصريحا لطبيب في مستشفى ان امناس اكد فيه ان “الحالة الصحية لكافة المصابين مستقرة وتم اجلاء اربعة مصابين اجانب الى الجزائر العاصمة”.
واوضح ان “اطباء مختصين من الجيش ساعدونا في التكفل بالمصابين”.
بالمقابل اعلنت المجموعة الاسلامية التي تحتجز الرهائن الجمعة انها تعرض التفاوض مع فرنسا والجزائر لوقف الحرب في شمال مالي وتريد مبادلة الرهائن الاميركيين لديها بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة.
وقالت وكالة نواكشوط للانباء ان زعيم الخاطفين مختار بلمختار “طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من اجل وقف الحرب التي تشنها فرنسا على ازواد واعلن عن استعداده لمبادلة الرهائن الاميركيين المحتجزين لديه” بالشيخ عبد الرحمن وصديقي.
واضافت ان هذا العرض ورد في “شريط فيديو مصور سيرسل الى وسائل الاعلام”.
وبلمختار الملقب ب”الاعور” هو احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي ادخله الى شمال مالي.
وتمضي العالمة الباكستانية عافية صديقي حكما بالسجن 86 عاما في الولايات المتحدة بتهمة محاولة قتل ضباط اميركيين.
اما الشيخ عبد الرحمن، فهو شيخ ضرير يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة اثر ادانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993 وبالتخطيط لشن اعتداءات اخرى بينها مهاجمة مقر الامم المتحدة.
واكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة ان الجيش الجزائري “ما زال يطارد الارهابيين ويبحث عن رهائن على الارجح”، موضحا انه تحادث في وقت سابق من اليوم مع نظيره الجزائري عبد المالك سلال.
واعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت الجمعة مقتل “عدة رهائن” كانوا محتجزين في موقع لانتاج الغاز في الجزائر موضحا انه لم يعرف “عددهم” و”جنسياتهم” في الوقت الحاضر.
بدوره وجه وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الجمعة في لندن تحذيرا الى خاطفي الرهائن، ان “الارهابيين لن يجدوا مكانا آمنا”.
وقال بانيتا ان “الذين يهاجمون بلدنا وشعبنا بلا سبب لن يجدوا اي مكان للاختباء فيه”، مضيفا “على الارهابيين ان يعرفوا انهم لن يجدوا اي مكان آمن، اي ملجأ. لا في الجزائر ولا في شمال افريقيا ولا في اي مكان آخر”.
واكد بانيتا ان الولايات المتحدة “تعمل 24 ساعة على 24 ساعة” ليعود مواطنوها سالمين و”ستواصل مشاوراتها الوثيقة مع الحكومة الجزائرية”.
بدوره ذكر وزير الخارجية الايرلندي نقلا عن احد الناجين ان الرهائن كانوا يحملون احزمة ناسفة عندما فتح الجيش الجزائري النار على قافلة من خمس سيارات كانت تقل خاطفين ومخطوفين الخميس في منشأة ان مناس للغاز.
من جهته، قطع رئيس الوزراء الياباني شينزو ابيه جولة آسيوية وعاد الى طوكيو لمتابعة هذه القضية، واتصل بنظيره الجزائري عبد المالك سلال للاحتجاج على هجوم الجيش والمطالبة بوقفه فورا، بينما استدعت الخارجية اليابانية سفير الجزائر للاحتجاج على تدخل الجيش.
وبعد تدخل الجيش الجزائري اعلنت مجموعة بريتيش بتروليوم النفطية البريطانية التي تشارك في تشغيل موقع ان امناس مع شركة ستايت اويل النروجية وشركة سوناطراك الجزائرية ان ثلاث رحلات اقلعت الخميس من الجزائر حاملة 11 من موظفيها و”مئات” الموظفين في شركات اخرى من موقع احتجاز الرهائن في جنوب شرق البلاد على ان يتم تسيير رحلة رابعة الجمعة.