حان وضع ضوابط للإفتاء/سيدي محمد بن جعفر
تشهد أسواق الفتيا في بلادنا رواجا يعز على غيرنا، فهي سوق متاحة للجميع، العالم والجاهل فيها سواسية بحكم عقلية “مايرد لوح “ المعشعشة في عقلياتناالمتخلفة ، ومما يشجع العوام على الإفتاء، هو أن الأشياخ في الغالب يفتون في كل شيء، من أحكام الطهارة، إلى استنساخ “دولي” ، يفتون في حرمة وجواز الحياة فوق الكواكب السيارة وتلك الثابتة…
وارتفاع وهبوط مؤشرات أسواق طوكيو ، وتيارات الكناري، وتأثيرها على حرمة وإباحة الأسماك المهاجرة من “بلاد الكفر”،وحرمة ذبائح أهل الكتابة لأنهم يستعملون فيها التكنولوجيا!! ، وكأن منزل ” وطعام الذين أتوا الكتاب حل لكم” ليس هو علام الغيوب؟؟. أجل إنها أسواق لن تبور، فطاعة ولي الأمر في سوق الفتيا تتناولها ” الأحكام” أحاكم المكان والزمان،والحاكم نفسه ، منفقا، مقترا، أجل “إن شرقوا ” فطاعة ولي الأمر واجبة والخروج عليه أو معارضته عمل مخرج من الملة دم فاعله هدر!!، استعانته بالمشرك على قتال أخيه المسلم جائزة ، فهو المخول وحده شرعا تحديد مصلحة الأمة!! أما إن غربوا فالخروج على السلطان واجب لأنه عاجز عن تحيق التنمية؟ ،وعلاقته مع الذين لم يقاتلونا “في الدين” محرمة ومسقطة لطاعته لأنه بتلك العلاقة يتولاهم!!، أنتجت لنا فوضى الإفتاء هذه غلمان متلهفون لتدمير كل شيء، قتل الأخ الشقيق لأنه حليق، وتأفيف الأب لأنه مدخن، وهجر الأم لأنها لا تلبس السواد ، وإباحة عرض ومال الجار لأنه احتفل بمولد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالمحتفل به أتى فعلا مخرجا من الملة!! عندنا وبسبب فوضى الإفتاء يمكنك الحصول على ما تشاء ، ووفق هواك في قضية واحدة ،هي حرام ، إن أحببت، هي جائزة حسب من أردت، هي واجبة إن اخترت، لن تجد مفتيا يتوقف فيها ويقول لك لا ادري أسأل أهل التخصص؟ علينا تنظيم الفتيا فقد أصبحت فوضويتها مقلقة، ومضرة للمجتمع ، لكل فئة منا اليوم مفتيها ، يبيح لها الدماء والأعراض، فكل المخالف في الرأي لا غيبة له، كل المخالف في الفرع لا حرمة له ، لا تكفيه كلمة التوحيد العاصمة، لا يكفيه سوى تقليد منهجي في الحركة والسكون فمنهجي هو المنهج الذي وصى به نوحا والنبيين من بعده ومن خالفه فهو معاند، لا تأكل ذبيحته!! ، علينا التفكير بجد في خطورة هذه الأفكار التي أصبحت منتشرة ، وتلك الفتيا المدمرة، علينا أن نضع قوانين رادعة لممارسة الإفتاء خارج الشرعية القانونية وليس الشرعية الثقافية حتى لا نظل مجتمعا منقسما على دينه، منقسما حول هويته، منقسما حول مفهوم المصالح الكبرى للأمة ، منقسما حول تحديد المخاطر المهددة لأمنه، منقسما حول ولائه لمن؟ للمفتي أم للوطن؟ حان الوقت لوضع ضوابط للفتيا ؟ اجل فالوضع أصبح خطيرا جدا جدا.