“تواصل” مهزلة استغباء المعارضة / سيدي علي بلعمش
الزمان انفو ـ
هناك اليوم ثوابت في السياسة الموريتانية لم يعد تجاوزها مقبولا من أي جهة جادة في البلد:
ـ مسعود ولد بلخير لا يخسر في الصفقات السياسية..
ـ “تواصل” لا يعتمد عليه في التعهدات السياسية..
ـ ولد عبد العزيز لا يجرب في الصدق..
ـ بيجل عائق تنموي في البلد ؛ إذا والى نهب و إذا عارض كذب..
ــــــــــــــــ
أتمنى من كل قلبي أن تكون كل قراءاتي لما تقوم به تواصل غير صائبة و أن لا يكون في نفسي غل لأي مسلم . و كان باستطاعتي أن أفهم ما تواجهه حركة الإخوان في كل مكان من ظلم و ما تدفعها الظروف إليه من إكراهات لو ظلت في حدود المسموح لكن ما يعانيه شعبنا اليوم أبشع مما تعانيه الحركة. و لا شك أن موريتانيا أهم منهم و تاريخها في نشر الإسلام و الدفاع عنه أطول و أصدق و أرسخ و أنصع من تاريخهم :
ـ طعن حزب تواصل المعارضة الموريتانية في الظهر أكثر من مرة
ـ شق حزب تواصل صفوف المعارضة و هز الثقة بين مكوناتها
ـ عمل بكل جهده على خروج التكتل من المنتدى و محاصرته
ـ علاقات تواصل مع النظام غامضة و مشبوهة
ـ تحالفه في الانتخابات مع العصابة في كرو و أطار لا يمكن تفسيره بغير ما يعنيه
ـ استقبال عمدهم و منتخبيهم لولد عبد العزيز في الطينطان و تيشيت خيانات لا غبار عليها
ـ كل من يخرج من تواصل يذهب إلى العصابة كما لو كان في مهمة (لدينا عشرات الحالات و لا حالة واحدة استثنائية) …
ـ جميل منصور يخبر قادة المنتدى بلقاء مع ولد عبد العزيز (بعد عدة أيام من حدوثه) في حين كان يتولى قيادة المنتدى ..
ـ جميل منصور يغلق هواتفه و يسافر يوم التصويت على الدستور الذي كانت المعارضة تستعد فيه للقيام بأعمال لمنع التصويت و هو حينها من يتولى قيادة المنتدى مما عطل القيام بهذا العمل..
ماذا يريدنا تواصل أن نقول عن كل هذا وهو مجرد غيض من فيض، غير ما يعنيه ؟
لأن الحرب الإعلامية القائمة اليوم بين العصابة و تواصل تخدم الاثنين و تحاول التغطية على ما عرفته الانتخابات النيابية و البلدية من تجاوزات صارخة، تبدو “تواصل” ساعية في توسيعها إلى بقية من وصفهم ولد عبد العزيز بالمتطرفين و وعد بمواجهتهم و ـ حتى ـ عدم السماح لهم بدخول البرلمان، نحتاج إلى وقفة هنا أمام هذا المشهد الذي تم تفصيله أمام أعيننا و مسامعنا على لسان ولد عبد العزيز و تحاول تواصل و ولد حرمة الله الآن تنفيذه على الأرض على مقاسات وعود ولد عبد العزيز بالضبط.
و تسعى هذه الحملة المسعورة إلى التغطية على استهداف من حاول الطرفان تقزيمهم من المعارضة (من خلال عمليات تزوير موجهة أصبح الحديث عنها سخافة و ستثبت الأيام أن تواصل أخذت نصيبها من التزوير في هذه الانتخابات)، كما تسعى بوضوح إلى إظهار تواصل كخصم و ند أوحد للعصابة لأنه الطرف المؤتمن من قبل ولد عبد العزيز و هذا هو مغزى إعلان عدم ترشحهم للرئاسة قبل أكثر من سنة؛ و هي رسالة تقول بوضوح ، نحن “معارضتك” التي لا تريد مكانك و سنكون حليفك في تفتيت جهود المعارضة و منع توحدها في مواجهتك و هذه أمور تحتاج أولا و قبل كل شيء أن تسمح لنا بمساحة حرية بلا حدود في انتقاد نظامك و التعرض بقوة لحملاتك المفتعلة ضد حزبنا.
قد يعصب فهم هذه الأمور على من لا يدرك أن المهم في السياسة هو النتيجة و أن الأخلاق في السياسة لا مكان لها و أن كشف مثل هذه الألاعيب التي “تسمو” إلى مرتبة الفضائح في العالم، لا يتم عادة إلا من قبل الصحافة المهنية المدافعة عن مصالح شعبها و هو شرط مفقود في بلدنا مع الأسف لا سيما أن الموجود من الصحافة في الساحة مقسم بين الجهتين، إذا استثنينا بعض المتسكعين المتطفلين على الحقل.
و علينا أيضا أن ندرك أمرا آخر : وزراء ولد عبد العزيز و رئيس حزبه و مستشاروه السياسيون و الإعلاميون لا يعرفون أي شيء عن ما يريده و البناء الهرمي للقيادة في تواصل و في “الدولة الإسلامية” العامرة بكل أجنحتها و أطيافها تجعل تنفيذ الأوامر يتم فيها بغباء الشعوب و انضباط الجيوش و هذا ما تعمله طواقم تواصل من دون أن تعرف أي شيء عن ما يسعى إليه حزبهم ؛ فقيادة أركان تواصل بيد مجلس الشورى الذي يتعاطى مع العصابة و مكتبهم التنفيذي الذي ينسق مع المعارضة مجرد جهاز تنفيذي لا يتخذ القرارات و لا يعبر عن توجهات الجماعة و تماما مثل وزراء عزيز ، لا يعرف رئيس حزب تواصل و مكتبه التنفيذي أي شيء عن ما يخطط له المجلس الاستشاري للحركة.. و هذه التعقيدات المتشابهة هي التي تصعب فهم الكثيرين لما يحدث.
و مع أن تواصل تقر بأن هذه الانتخابات مزورة حتى الثمالة في حملتها الكاذبة ضد نظام أو فوضى العصابة (على الأصح)، لو طلب منها اليوم رفض نتائج هذه الانتخابات ضمن كل تشكيلة المعارضة و حتى بعض أحزاب الموالاة، لن تفعلها لأن مصلحتها حين تتعارض مع مصلحة الوطن سيكون قرارها بتبني مصالحها ، كما عودتنا.
تحالفات الشوط الثاني من هذه الانتخابات ستكون كاشفة للمستور من خلال النتائج الملموسة، لا من خلال المواقف الدعائية المعلنة..
و بعد هذه الانتخابات ذات الطابع المحلي الفوضوي المغطي للكثير من حقائقها، ستتجه نخب موريتانيا بشحنة غضب عالية و حساسية مفرطة ، إلى انتخابات رئاسية لا برزخ فيها؛ ستكون مرحلة أفعال لا مرحلة أقوال. و أي فعل في المرحلة القادمة لا يدعو للاتحاد و رص الصفوف في وجه العصابة هو عمل خائن، لا يجب البحث عن تفسير له بل يجب الشطب على أصحابه..
لا يمكن في المراحل القادمة أن تخرج عن إجماع المعارضة و لا تكون حليفا لعصابة الشر. و المعارضة هنا تعني كل من يرفض بقاء العصابة بالقول و الفعل لا بمفهومها التقليدي المتجاوز و إن كانت الأحزاب ستظل الحاضنة ـ غير الوصية ـ للعمل المعارض القادم..
لا يمكن أن تكون زعيم المعارضة القادمة و لك أجندة حزبية بخارطة طريقها المرسومة من خارج المعارضة ..
لا يمكن في المرحلة القادمة أن تكون معارضا للعصابة إلا إذا كنت معارضا لها.
أعرف أن للتواصليين باع كبير في القدرة على التأويل و التموقع و اختلاق الذرائع ، مكتسبة من ثقافتهم الإسلامية الواسعة التي يوظفونها بمهارات عالية في خدمة مشروعهم “السياسي” الغامض . لكن الأمور تجاوزت مرحلة الشكوك إلى مرحلة جمع الأدلة :
يمكن لولد عبد العزيز اليوم أن يتأكد من فشل مشروعه إذا كان يعتمد فيه على دور تواصل في شق صفوف المعارضة و عزل التكتل. و الأشهر القادمة ستؤكد له أن المعارضة الموريتانية ستتجاوز كل مشاكلها و ستعود إلى التكتل كل جماهير التسعين بعد تخلصه من طابور النظام الخامس و سينضبط تواصل في صفوف المعارضة أو تنكشف حقيقة تحالفه مع عصابتك المتاجرة بالحرب عليه مع الغربيين في لعبة اكتملت جميع تفاصيل حقيقة مسرحيتها..
و لأن كل الأعمال الدرامية في المسرح و السينما تنتهي بقتل أبطالها سيكون علينا أن نتوقع أن تتحول وعود ولد عبد العزيز لتواصل في هذه المسرحية الرديئة إلى حقيقة ، ستفرضها عليه ـ حتما ـ ضغوط الأشهر القادمة و إصرار الشعب الموريتاني على إنهاء مهزلة حكمه و خيانة حلفائه..