مصدر: مرض فتاك يكلف اقتصاد العالم مليارات الدولارات
الزمان انفو ـ
طالبت منظمة الصحة العالمية بتوفير استثمارات بقيمة 1.25 مليار دولار لدعم المساعي الرامية إلى إنجاز لقاح مضاد لمرض السّل الذي وصفته بأنّه السبب الرئيسي للوفاة على الصّعيد العالمي من عامل معد واحد.
وقالت المنظمة في تقريرها السنوي عن المرض الذي عرضته مساء أمس في جنيف، في الوقت الذي توفي مليون شخص بسبب الأمراض المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) في عام 2016، و445 ألفا خلال العام نفسه بسبب الملاريا، فإن عددا من توفوا بعدوى السّل وحده وصل إلى 1.67 مليون شخص، وهو معدل مرتفع جداً قدرت المنظمة أنّه يكبد الاقتصاد العالمي نحو 21 مليار دولار سنويا.
والسّل أو الدرن أو التدرن، هو مرض معد شائع وقاتل في كثير من الحالات. تسببه سُلالات من البكتيريا تهاجم الرئة، ويمكن أن تؤثر أيضاً على أجزاء أخرى من الجسم.
وينتقل المرض عن طريق الهواء عند انتقال رذاذ لعاب الأفراد المصابين بالعدوى النشطة عن طريق السعال أو العطس، أو أي طريقة أخرى لانتقال رذاذ اللعاب في الهواء، وهو ما جعل المنظمة العالمية تصفه في تقريرها بأنّه «مرض لا يحترم أي حدود دُولية». ولفتت في تقريرها الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أنّ خطورة هذا المرض تكمن في احتمالية أن يكون الشّخص مصابا بالبكتريا المسببة له وهي «المتفطرة السلية»، ولكن لا تظهر عليه أعراض المرض إلّا عندما تتحول تلك البكتريا من الحالة الكامنة إلى النشطة. وقدرت أنّه ما لا يقل عن ربع الأشخاص حول العالم – نحو 1.7 مليار شخص – مصابون ببكتريا (المتفطرة السلية) المسببة للسل، وأن ما يقرب من 10 في المائة، أي نحو 170 مليون شخص على مستوى العالم من المتوقع إصابتهم بالمرض خلال فترة حياتهم.
ولا يعترف هذا المرض بالمستويات الاقتصادية للدول، فالكل معرض للإصابة به، وإن كانت معدلات الإصابة ترتفع في الدول ذات الكثافة السكانية، ولذلك كشف التقرير عن أن الهند والصين، تعانيان من أكبر عبء عالمي من مرض السل، بسبب عدد السّكان الذي يزيد على مليار شخص.
وبشكل عام، فإنّ أغلب الدمار الناجم عن مرض السل، بما في ذلك الآثار المترتبة على الصحة العامة والأضرار الاقتصادية، تحدث بشكل أكبر في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والصين والهند، وباكستان، جنوب شرقي آسيا، بما في ذلك إندونيسيا.
وأرجعت المنظمة في تقريرها هذه الأرقام المرتفعة إلى عدة أسباب في مقدمتها أن «معدل تشخيص حالات الإصابة ما زال مخيبا للآمال»، وهو الأمر الذي يقلل من فاعلية الأدوية في العلاج، لعدم البدء في تناولها بشكل عاجل، إضافة إلى أن العبء المالي للمرض، والذي يستلزم في بعض الأحيان تناول أدوية متعددة لأكثر من 6 أشهر، يؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم امتثال المريض للعلاج، وأخيرا فإن انتشار سلالات جديدة من البكتريا مقاومة للعقاقير يجعل هناك صعوبة في العلاج.
والحل الذي يؤكد عليه التقرير، هو تسريع الجهود الرامية إلى تطوير لقاح ضد السل، حيث تأمل المنظمة أن يكون هناك لقاح متاح بحلول عام 2025.
وأفاد التقرير أن هناك 14 لقاحا مقترحا دخل حاليا مرحلة التجارب السريرية، أحدها لقاح صيني قطع شوطا كبيرا بالوصول إلى المرحلة الثالثة من هذه الاختبارات.
وحتى يحدث ذلك، يبعث التقرير برسالة إلى قمة زعماء العالم التي ستعقد حول هذا المرض في 26 سبتمبر (أيلول) الحالي بمدينة نيويورك، مفادها أنه من الخطورة التقليل من حجم المشكلة، واعتبار هذا المرض حاليا ذكرى من التاريخ، لأنه ليس كذلك.
وأضاف أنه إذا استمرت معدلات المرض الحالية فإن الاقتصاد العالمي سيتكبد بسببه نحو 16تريليون دولار بحلول عام 2050 وهو مبلغ ضخم تتضاءل أمامه الحاجة إلى استثمارات بقيمة 1.25 مليار دولار أميركي لتمويل تطوير لقاح ضد المرض.
بدوره قال الدكتور محمد عبد العزيز، مدير وحدة الدرن بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية لـ«الشرق الأوسط»، إن «توصيات التقرير تعكس تخوف المنظمة من حدوث تراخ في مساعدة بعض الدول التي حققت تقدما في مكافحة المرض».
وأوضح عبد العزيز أن دول الخليج حققت مستويات منخفضة من المرض، ولا تزال تحافظ على ذلك، بالكشف المبكر على العمالة الوافدة لديها، لكن في المقابل فإن مصر التي حققت تقدما ملموسا، بدأت بسبب حجم ميزانية الصحة المحدودة تركز جهودها على المرض الأكثر انتشارا وهو فيروس سي».
ويأمل مدير وحدة الدرن أن تنجح الجهود العالمية الرامية لتحويل هذا المرض المنتشر منذ أكثر من 5 آلاف عام إلى ذكرى من التاريخ بحلول عام 2035.