خاشقجي: بوعزيزي قناة الجزيرة
الزمان انفو –
تحجب تغطية قناة الجزيرة المنحازة في قضية خاشقجي على ملامح عملية تغيير جيوبوليتيكي ضخمة أخذت خيوطها تنسج في عواصم كبيرة عبر العالم. وهذا واحد من أكبر الأخطاء الاستراتيجية التي سترتكبها قطرـ عندما نعتبرها دولة صالحة ـ حينما تدفع، عبر وسيلتها الإعلامية القوية والمتغطرسة على خلفية خلافها مع السعودية، الأحداث في قضية خاشقجي تبث موجة العواطف والكثير من الخوف والإنكار لوضع السعودية موضع الشر.
العربية السعودية واسطة عقد العالم السني الذي يمثل 80% من المسلمين على الأرض، وزعيمة العالمين العربي والإسلامي الذين يمثلان 51 دولة عبر قارات العالم ، وتقع فوق 30% من نفط العالم، وتملك أصولا مالية كبيرة في البنك الدولي وعبر العالم، وضمن نادي العشرين، وتغطي في علاقتها مع الغرب على مواقف غربية عدائية متأصلة اتجاه الإسلام السني، وتدفع ثمنها، ومهما تعددت الأوصاف والنعوت تظل هي من يدفع ذلك الثمن باستمرار. إنها أبواب الجحيم تُفتح لتبتلع عالمنا العربي والإسلامي برمته دون أن نفهم، وعلينا أن نتذكر كيف تم دفع العراق لاحتلال الكويت في عملية تم كشف خيوطها بعد عشر سنوات من الحدث، فقد جاءت المعلومات لتؤكد أن الولايات المتحدة اعتبرت احتلال العراق للكويت شأن داخلى قبل وقوعه، وما حدث بعد احتلال الكويت من تدمير امتد إلى اليوم ولا يدري أحد، بل ولا يمكن تخمين حدود نهايته، وقد مددت الولايات المتحدة عمر فشل الدولة العراقية بإنشاء داعش واستقلال الأكراد الداخلي وخلق منطقة شرق الفرات وغربه. إننا اليوم نواجه نفس السيناريو بواسطة لعبة قذرة للمخابرات كشفت بعض خيوطها وقد حاول أوردوغان أن يبعث بذلك رسائل مشفرة للأمريكيين والسعوديين مفادها أن هناك شركاء أجانب وأنه تم التخطيط للعملية خارج تركيا ، وهو ما يشير إلى الجانب المعقد من القصة: أي كيف تم بناء الهيكل العام للقضية ضمن سياق إغراق المنطقة. إنه بناء بحجم كبير ومترامي الأطراف سيؤدي سقوطه إلى اختفاء الكثير من الأعمال المهمة ومن المواقف وسيقوض عالما بأكمله : فسيبدأ بسقوط مصر وسقوط الحرمين الشرفين ثم انفراط عقد العالمين الإسلامي والعربي . إن تركيا -وهي تمسك لوحدها بتفاصيل الملف من منطق أنه وقع على أرضها وأنها قادرة على استشراف المستقبل في ما يخطط له الغير من أجل أن لا تغرق ضمن هذا الفضاء حينما يكون ذلك هو موقع نهاية تداعيات هذا الحدث- لا تريد سوى أن تساوم على أن لا تكون ضمن الركام رغم أنها أحد أهدافه المثالية، لكن عليها أن تبدأ بالقوة أي بالولايات المتحدة الإمريكية، وقد استطاعت أن تضع كل ورقة في محلها فمسكت من جهة بملف خاشقجي، وبوصفها المسؤولىة لوحدها عن التحقيق في ملابسات القضية وتملك كل المعلومات الموثقة عنها، صارت تسربها بقدر ما تحافظ به الجزيرة على إشعال النار وبعث روح الكراهية والانتقام من السعودية وتحضير الرأي العام لماتريده هي وعدم تصديق أي شيء تقوله السعودية ، ثم انتهاج سياسة اللعب على الأعصاب مع الولايات المتحدة والسعودية حتى يتسنى لها الإخراج بما يناسب وزنها ودورها ومصلحتها، خاصة أن القضية أصبحت قضية دولية ملتهبة لا يعرف أحد أين ستتوقف ويمكن بواسطتها الحصول على جزء هام من التنازلات على خريطة الأعداء والأصدقاء في آن واحد. وهكذا وَسـَّعَ أوردغان الدائرة ، ورفع السقف وأخذ مسافة من السعودية وصار يبعث بالرسائل إلى الملك السعودي عبر الإعلام بدل الطرق الديبلوماسية بين دول يجمعها الكثير من وشائج الصداقة والتاريخ والدين. وخلال هذه المراوغات حلت رئيسة مخابرات الدولة التي كانت سببا في انهيار اقتصاد تركيا الشهر قبل الماضي ضيفة على تركيا لتصبح شريكها الوحيد في المعلومات الموثقة خاصة أنها هي من سربت المعلومات لتركيا . فما هو السبب في النكوص عن الكبرياء بالنسبة لرئيس يَعْظُم لديه شأن العثمانيين والإسلام والتاريخ ويَدّعي درجة عالية من الثقة باستقلالية الدولة التركية؟، ليس الأمر بديهيا تماما مثل إطلاق سراح القس الأمريكي برونسون في اليوم الثاني بعد مقتل خاشقجي قبل الحكم عليه بتهمة التجسس والإرتباط بمنظمات إرهابية رغم أن السلطات التركية تجعل الأمر مصادفة من حيث التاريخ حيث كانت المساومة جارية وتتضمن إطلاق محمد هاكان أتيلا نائب المدير التنفيذي لبنك خلق التركي الحكومي الذي يقضي عقوبة السجن ثلاث سنوات في الولايات المتحدة وتخفيف الحكم على البنك المنتظر أن تصل إلى مليارات الدولارات في تهمة الضلوع في انتهاك العقوبات الإمريكية على إيران 2010ـ 2015 وإطلاق سراح موظفين محليين يعملان في القنصلية الأمريكية في إسطنبول حسب معلومات استخباراتية . والحقيقة أن المعلومات التي قدمتها جان هي التي حسمت تلك المساومة وبسرعة. إن نزول رئيسة المخابرات الأمريكية بعد اكتمال عملية التوثيق التي أعلن عنها أوردغان لها دوافعها العميقة، ليس فقط من أجل أن تمتلك المعلومات الموثقة التي لا تزال سرية والمتعلقة بخاشقجي، ولا فقط لطمس معالم اليد الأمريكية في العملية ونقاش المسألة التقنية في القضية، بل وطرح قضايا استراتيجية مثل حجم التنازلات المتبادلة، فهناك ملفات عالقة (ملف الإنقلاب المرتبط بعبد الل غول بالنسبة لتركيا، ملف الاقتصاد التركي الذي تدهور الشهر الماضي بفعل الولايات المتحدة الآمريكية، مسألة الأكراد) أي تصفية المشاكل التي تؤرق الزعيم التركي أوردوغان ومن ثم الدخول في الملفات المشتركة: قضية سوريا وشرق الفرات وتقييم حدود الضغط على السعودية حيث لم ولن تقبل الولايات المتحدة بشراكة أي قوة في موضوع النفط السعودي، وذلك أحد أكبر أسباب انفعال القادة الغربيين وسباحتهم ضد اترامب في قضية خاشقجي لأن مصالح جميع الكبار في العالم تصطدم عند تلك الحدود. وهكذا أعلن وزير الخارجية التركي اليوم في خطوة ذكية دمج ألمانيا في الملف لجانبهم عندما قال في مؤتمر صحفي مع وزير الاقتصاد الألماني أن ألمانيا هي أكبر شريك تجاري لتركيا ويتطلع لشراكة سياسية إلى جانب الاقتصاد، فلماذا اليوم بالذّات؟. كما دخل الإتحاد الأوروبي في تبني قرارات أولية تشي بالحزم والاستعداد لفعل المزيد بشكل مستقل عن الولايات المتحدة .وعند مغادرة جان هيسبيل تركيا لوحت الحكومة التركية بإستعدادها لأي تعامل مع المنظمات الدولية فهل ذلك ياترى من الاتفاق ضمن وتيرة التصعيد!؟ . إنها عملية شديدة التعقيد وتأخذ أبعادا جديدة كل يوم، لكن من اللافت حقا صرامة الجزيرة في العودة بنا إلى أجواء الربيع العربي المقيت. إنها تظهر بجدية منقطعة النظير تماما مثل حماسها في اقتلاع الأنظمة العربية أثناء الربيع العربي رغم الصيغة التدميرية للأحداث، فقد كانت فاعلة وحازمة في التأجيج والتحريض والشحن العاطفي لتحقيق هدف لا مناص من تحقيقه وبأي ثمن. وبعد ٦ سنوات اتضحت الصورة وظهر أن اسرائيل كانت أكبر قوة، وصاحبة اكبر دور في تدمير تلك البلدان ونسف الاستقرار فيها ، وأن قطر وحدها أنفقت ٣٠ مليار دولار على الربيع العربي ضد ليبيا (شراء الخرائط والأسرار العسكرية الليبية وتحمل تكاليف الناتو وشراء الأسلحة للمليشيات الليبية)، وأنها من أجل إسقاط سوريا أنفقت على الاستقالات وسط الجيش ٣٠٠٠٠ دولار للضابط و٧٠٠٠ للجندي وشراء الأسلحة …. واليوم عشرات المراسلين وتغطية متواصلة وكاميرات لا تنفك عن محيط القنصلية السعودية واختزال كل أخبار العالم وأحداث الساعة وجميع البرامج الحوارية والتحليلية في قضية خاشقجي التي تجعلها بصفة دائمة في واجهة الأحداث وكأن العالم لم يعد فيه من السوء سوى هذه القضية التي يتم بناء الموقف فيها على لملمة شتات الأحداث وليس على أدلة وكأن الإبادة في حق الروهينغا توقفت وقد قالت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أنها مستمرة، وكأن اسرائيل توقفت عن الجرائم ضد الفلسطينيين . الجزيرة تحبس أنفاسها وأنفاس العالم معها في هذه القضية لوحدها وكأنها المعني الأول بها وتبدو فاعلة وكأنها لم تكن فاعلة في أيّ يوم من الأيام، أو كأن العالم لا يوجد فيه إعلام قوي ومهتم بقضايا حقوق الانسان ،ولا صحافة تبحث عن الأخبار سوى الجزيرة التي تقبع في مناخ من الظلام والتبعية والتغاضي عن كل مظاهر وأشكال الفساد الديني والأخلاقي، وتتحمل مسؤولية الفتك والقتل والتدمير الذي أحدثه الربيع العربي بدعم من قطر ، لكن كل ما يخص قطر ليس للإعلام، هكذا عودتنا الجزيرة التي تحولت إلى معول هدم فيما وراء ذلك وتُحركها دولة صارت -للأسف الشديد- صفيقة وتحمل طموحا أعظم منها ومن شأنه إغراقها، فهي تتدخل في شؤون وقضايا أكبر منها بكثير مما حتم عليها أن تبذل المزيد لحماية نظامها. وها هي تصبح لذلك في مقدمة الأنظمة العميلة، وقد تجلى ذلك على أسطع نحو في دورها الريادي في الفوضى الخلاقة تمزيق العالم العربي إربا إربا. إنها تحاول أن تزين ذلك الدور السيء بدعمها البسيط لحماس وللإخوان المسلمين، وقد انطلى عليهم ما لم يكن لينطلي على أمثالهم، أو أنهم لم يسعوا لتفسير ذلك وقد أصبحوا بلا ملاذ في العالم، فلولا أنها أجيز لها ذلك لتدفع به أمرا أعظم لما تجرأت على أن تأوي أقطاب حركة سياسية أو توجه إيديولوجي تستخدمه الولايات المتحدة والغرب في تجديد شرعيتها التي تسمح لها بالتدخل في شؤوننا باسم محاربة الإرهاب وتبني تشريعات سيئة ضد اقتصاداتنا وضد الإسلام والمسلمين بصفة عامة وتبني الكثير من الأمور التي تناقض قيم ومبادئ الديمقراطية والشفافية التي يضعها الغرب على صدره. والحقيقة أنه لا يمكن تبنيها إلا في ضوء محاربة خطر أهم محاربته من تلك القيم نفسها .ومن الواضح أن قطر لاتزال تمنحه الفرصة نفسها وهي تتبع نفس أسلوبها في الربيع العربي مع السعودية كردة فعل على علاقتها معها شديدة التوتر، وهي اليوم تبحث عن البوعزيزي جديد في السعودية، إلا أنها تلعب بالنار دون أن تدري وتعمل على إغراق نفسها داخل منطقتها الإقليمية، فالسعودية واسطة عقد الخليج، وإذا سقطت انفرط العقد، وليست أوضاع الحريات العامة بأحسن في قطر منها في باقي المنطقة .إن الخطأ في الاعتقاد أن تقييم الخطورة مرتبط بالانظمة وهذا ليس صحيحا بل مرتبط بالبلدان ولذلك يجب أن نصع موت قاشقجي الذي تم بطريقة مثيرة ومجيشة للعواطف ويدينها الجميع في كفة ومصير منطقة كلها في كفة وما يدبر له العدو في جهة في كفة أخرى . إننا لا نكاد نسمع إلا وجهة نظر الغربيين التي تمجدها الجزيرة وتجعلها مرجعية للمواقف الفاضلة أو الانسانية وتخاطب فيها الضمير الإنساني مع أن الغرب صاحب الشر على هذا الكوكب منذ زمن بعيد: أي مصدر أكثر الحروب فتكا، وهو من يتسبب في تخلف الأمم الاخرى بسبب سيطرته المستمرة على مواردها وبناها الاقتصادية والسياسية، مع أن الجزيرة وقطر لم تدينا الطريقة الشنيعة التي أعدم بها القذافي (مسن ، ومريض، وأسير حرب ، وبات يشهد أن لا إله إلا الله) وقد قتل بطريقة شنيعة تمزق الضمير، ومع ذلك صادفت هوى في نفوس آلِ ثان، وبالتالي الجزيرة رغم أنفها، وأنف الضمير الإنساني الذي يحمله كل فرد في العالم . لقد علق أوبوما استنكارا لتلك الوحشية بأن الولايات المتحدة لم تفعل ذلك مع أسامة بن لادن ألّد اعدائها. إنها الجزيرة معول الهدم الذي يسكن معنا ويتكلم لغتنا ويُسمعنا تبريرات إسرائيل عن قتل العزل ومصادرة الاراضي وغلق الأقصى في وجه المصلين تمهيدا لهدمه . لقد مارست الإرهاب الفكري بواسطة الحشد والتأجيج وطحن المشاعر، وهي اليوم تقدم لنا اكتشافا جديدا: جريمة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، وعليه يجب إغراق الشعب السعودي في المجهول وعدم الاستماع لحكومته . فخلال هذه الأيام لا يستطيع العقل خلق أي تصور هادئ عن هذه الحادثة البشعة إلا ما تقوله الجزيرة أو تصوره عنها رغم أن التحقيقات مازالت جارية لتحديد الفاعل -الذي باتت الجزيرة تعرفه من تلقاء نفسها- ، وينتظر العالم الخطوة التي ستتخذها السعودية لقاء ذلك، وهل هي بمستوى الجريمة أم لا ، وهذا ما يجب أن يكون، فالحريمة وقعت بالفعل وتتولى أجهزة الدولة المستضيفة تحديد الملابسات لكي يتم بناء موقف واقعي . ومن هنا يتم الحكم بناء على أدلة في جريمة قتل وتحديد دائرتها الحقيقة وليست تلك المغروسة في ذهن قطر. لكن زيادة الصراخ وممارسة مزيد من الضغط لا يخدمان تحقيق العدابة بل تحضيرا لهدم السعودية بذريعة موت خاشقجي، فمن هو صاحب المصلحة يا ترى ؟ ومن المستفيد من تفكك السعودية ؟ سوى دولة تتلذذ بهدم الأشقاء مثل قطر ! . وهنا يصبح من الوارد طرح التساؤل الوجيه المطابق لهذا التوجه الحالي للجزيرة وقطر : ماذا تحصِّل عليه الشعب الليبي أو الشعب اليمني أو الشعب العراقي أو الشعب المصري من أحداث التمزيق سوى أن حقق الشعب مزيدا من الخوف والذل والمهانة وعدم الاستقرار واستنزفت خيراته وستظل تستنزف إلى ما شاء الله ؟. لن يكون هناك ثمن آخر سوى زيادة ثمن الصمت الغربي عن هذه القضية لكي تهدأ العاصفة . إنهم منافقون تافهون أولئك الشيوخ في الكونكرس، وزعماء الغرب الاستعماري فأين مواقفهم إزاء إرهاب الدولة الذي تمارسه آمريكا نفسها وتمارسه في حماية أسوأ وأبشع دولة في العالم: إسرائيل، أول دولة في العالم تكونت من أفواج من المرتزقة ومهاجرين من أصقاع العالم يلاحقون فرية لاهوتية، ومع ذلك تتمتع بصك غفران غربي على كل ما تقوم به من إرهاب الدولة، وتحصل على حماية تجعلها تفلت باستمرار من العقوبات المنصوصة في القانون الدولي، وتعطل الولايات المتحدة لأجلها تحديد تعريف أممي للإرهاب يصدر عن الأمم المتحدة خوفا من أن ينطبق عليها، فضلا عن أبسط إدانة أو انتقادات من أبطال الكونكرس اليوم . أين قوتهم وضميرهم من أطفال تشوى في النار أليست لهم القوة لحماية الروهينغا !؟أفلأن الامر يتعلق بالسعودية -دولة عربية مسلمة وغنية -يريد كل فرد في الكونكرس أن يكون بطلا وإنسانيا وتمنحه الجزيرة زيادة على ذلك وسام شرف انتصارا للإنسانية: عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ( ألا لعنة الله علَى الكاذبين ).
إننا نواجه لعبة اتضحت ملامحها وتم استخدام تركيا وقطر وحتي السعودية فيها، فمن المعروف أن العلاقة السعودية التركية لا تسمح بأن تكون السعودية هي من اختارت الأرض التركية لتقيم عليها عملية تصفية ، لكن هناك من اختارها، ومن هنا بدأ المخطط الذي سيضعنا في النهاية أمام خيارين :
ـ أن تدفع السعودية مزيدا من المال والتنازلات لشراء صمت الغرب لتصبح مجرد محصل للولايات المتحدة والغرب .
ـ تزداد العاصفة ويتعرض النظام السعودي لهزات تجعل الطريقة التي تنجو بها السعودية من الفشل من أغرب احداث التاريخ: إذ لا تملك نخبة مؤطرة في تنظيمات مدنية أو وسيطة ، ولا تملك قادة رأي سياسيين، ومنذ مدة يعيش شبابها ثورة داخلية تغلو ضد “المطوعين” ، لكي تواجه أي احداث غير محتملة .
إنه لا محالة الدمار تماما مثل ما حصل في ليبيا أو أشنع . وهنا سننتظر ثلاث حروب على الارض السعودية إمعانا في تدميرها :
– حرب بين إيران وتركيا على تسيير المقدسات .
-حرب بين آمريكا والغرب والصين والروس حول مستقبل العقود التجارية وتسيير النفط كسلعة عالمية ودخول إسرائيل من جهة أخرى على الخط لتدمير الكعبة كمصدر للإرهاب .
-وحرب بين الأطراف السعودية نفسها: الجيش، الطبقة الدينية، الأمراء، القبائل، رجال الأعمال والشباب.
لكن النار لن تقف هنا لتشتعل المنطقة عندما تسقط السعودية . فهل هذه هي مشيئة الله كجزء من أشراط الساعة حيث تدمر الكعبة ويعاد بعث القوة للأمة.؟ أم هو بداية لتشكل عالم جديد على حساب العرب؟ أم هي بوادر حرب كونية ثالثة على منطقة النفط تكون فيها أوروبا لجانب روسيا ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وتتفرج الصين . لا أحد يعرف أين ستتوقف هذه الأحداث إن لم يتم وقف التجييش لكي يأخذ العقل والديبلوماسية طريقهما في المسألة، وهذا بالطبع ليس سلوك ولا طبع الجزيرة ولا أسيادها ولا أسياد أسيادها. لكنه يثير تساؤلا وجيها : منْ من العرب مسلما أو غير مسلم يرضيه هذا ؟ دون حساب يهود الهوى من العرب . إن إدارة الربيع العربي خلقت من بيننا –للأسف- مجرمي حرب دون أن ينتبهوا لذلك.
إننا نتوجه للملك السعودي – نحن الذين لايمكن ان نخاطبه إلا بواسطة الاعلام – بالدعوة إلى اتخاذ الخطوة المناسبة وبسرعة وغلق الحفرة الواسعة داخل الملف قبل أن يبرم المخطط وتبدأ الأطراف الفاعلة فيه بتنفيذه، حينها ستتلاحق الأحداث ولا تكون هناك فرصة للتصدي إلا بثمن لا أرانه الله .
محمد محمود ولد بكار
كاتب صحفي ومحلل سياسي