شطحات.. مع مدير الضرائب/ محمد الأمين ولد محمودي

altتابعت ربما بمحض الصدفة حلقة من برنامج لتلفزيون موريتانيا كأي “مازوشي” في العالم, يعذب نفسه ليتلذذ بهذا العذاب.. كان الضيف مدير الضرائب أو من أسماه الصحفيون باليد الباطشة لولد عبد العزيز.. الحلقة من البداية إلى النهاية تكشف ثم تكشف لتكشف أيضا الواقع المقزز الذي نعيشه.

الضيف الشاب المرح جدا هو المدير العام للضرائب في موريتانيا, في مواجهة مجموعة من خيرة صحفيي البلد، مع شخص آخر حاولت قدر المستطاع استكناه من يكون، ولم حضر النقاش، فلم أوفق في ذلك حتى انتهت الحلقة، فمن خلال المكان الذي يجلس فيه يفترض أي حاذق انه مقدم آخر أو مترجم، لكنه لم يكن كذلك ولم يكن من مساعدي المدير لأنه لم يساعده ولم يهز له رأسه علامة الموافقة والمسايرة، ولم يطرح سؤالا فيكون من الفرسان الأربعة..

وفجأة انتهت الحلقة دون أن أتعرف على الشخص اللطيف الذي كان يجلس عن يسار المدير إلى يمين المقدم… لم أسهب في الحديث عن هذا الحاضر الغائب لفضول قديم أو حشرية زائدة وإنما لأنه لم يتكلم ولم يعلق وبذا أعجبني لأنه كان أفضل الجميع..

كأن عزيز في الحوار يجلس في شخص واحد قبالة ابن عمه ولد بوعماتو في مجموعة أشخاص.. أي مستوى من الإسفاف هذا الذي وجدنا أنفسنا فيه كمشاهدين حين جلسنا لساعتين نحاول تبيان من ظلم من.. أي الرجلين ظلم الآخر.. المعلم صاحب الثروة المتشكلة في ظرف قياسي أم الانقلابي الرئيس الذي ملك بلدا برجاله ونسائه وثرواته في وقت قياسي هو الآخر.. مضى وقت الحلقة كله ونحن ننتظر أن يكشف عمالقتنا من كبار الصحفيين جرائم الإدارة العامة للضرائب ضد الشعب وضد المحال التجارية وأصحاب المساكن والموظفين.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.. فطيف ولد بوعماتو يسبح في فضاء الغرفة يتلبس الجميع ليصادف روح عزيز وهي تحف المدير وتنزع قليلا إلى مقدم البرنامج لتذكره بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه.

ماذا يعنينا في كل هذا.. لنفترض جدلا أن الحمل الوديع ولد بوعماتو دخل السوق ذات يوم بأوقيتين فصب الله عليه البركات والأرباح، لنفترض أيضا أنه مظلوم ومستهدف من قبل العزيز، في هذه الحالة سيسجل في قائمة المظلومين من قبل العزيز كحالة غير مستعجلة، ويوم يصله قطار الإنصاف قد يتم تحويله كمعلم إلى “العين الصفرة”، لا يملك إضافة إلى علاوة البعد إلا ما يملكه المعلم من زاد، وحينها لن تكثر الصحافة في الحديث عن معاناته ولن تستضيف التلفزة مدير الضرائب للحديث عنه، فحظ هذا المدير من الاستضافة، حسب ما فهمت، انتهى البارحة بالرد على موضوع بوعماتو رجل الأعمال المضايق.. يا لقذارتنا حين نسكت عن كل ما قام به العزيز في حق هذا الشعب ونختزل معاناة الموريتانيين في ما يسمى بملف ولد بوعماتو الذي لم يستطع أحد السمو على الخوض فيه بحجة أنه فرض كفاية، لقوة المحفزات بين ثنايا أوراق الملف.

لقد كان خطأ فظيعا أن ينخدع من “انخدع” من خيرة الصحفيين فيجره التلفزيون الغبي أصلا إلى حيث غسيل الأسرة الواحدة التي تساوى رجلاها في الحصول على السلطة والمال بطريقة غير شريفة، وعلى حساب جميع المواطنين المقيمين على هذه الرقعة المعنيين بثرواتها السطحية والباطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى